يحتضن فضاء التياترو بالعاصمة مساء السبت القادم العرض الاول لمسرحية " قناصة " للمخرج يوسف الصيداوي. هذا العمل المسرحي الذي تم عرضه امام لجنة انتقاء العروض حيث نال اعجاب اغلبية الحضور, يتزامن عرضه الاول مع احتفالات تونس بالذكرى الرابعة للثورة, هو من انتاج شركة " كودفورد " و تاليف عماد الساكت و سينوغرافيا نزار بن خضرة, وهو يجمع كل من الممثلين محمد اللافي و عماد الساكت بينما اسندت مهمة مساعد مخرج للممثلة فاتحة المهدوي و الإضاءة لرياض التوتي ثم الموسيقى لفاخر بن خالد و الملابس لنور الدين مهذب. و حسب المخرج يوسف الصيداوي فان محتوى العمل يتناول مسالة على غاية كبيرة من التعقيد زمن الثورة و هو يندرج ضمن المسرح الاجتماعي الكوميدي و يقوم اساسا على البساطة في الكتابة و الاخراج مما ييسر مسالة الفهم و الاقتراب من الجمهور. و على سؤال حول المغزى من اختيار العنوان "قناصة " في هذا الوقت بالذات و تونس تستعد لاحتفالات ذكرى الثورة, رد الصيداوي ان الموضوع جاء تزامنا مع احداث الساعة لان كل التونسيين يطرحون هذا السؤال و نحن نعاجله من الزاوية الفنية الانسانية و قد ييسر عملية التحقيق فيما بعد على اعتبار و ان هناك ايحاء في النص و العرض الى ما وراء القناصة حسب اعتقادي ايمانا مني بان المسرح هو متعة او لا يكون رغم ان الموضوع المطروح يمكن ان يكون منبعا للتراجيديا. و اضاف المخرج يوسف الصيداوي انه اعتمد في هذا العمل على عديد العناصر الإخراجية من بينها الاشتغال على قيمة الممثل لإبراز كل شخصية مستقلة واضحة المعالم وباعتبار ان مسار المسرحية يكتسي بعدا عبثيا لا يرتبط بوحدة الحدث أو الفعل والزمن و سيتم التركيز على عنصر التشويق والغموض لتقديم جملة من المواقف الكوميدية الطريفة المرتبطة أساسا بمحاولة تحقيق تشابك مرئي بين عالمين متناقضين عالم الآن وهنا منه لتسليط الضوء على الأسباب الخفية التي جعلت من القناص يمسك فيه سلاحه للنيل من ضحاياه والعالم نفسي الداخلي المرتبط بمخيلة هذا القناص وما يدور في عقله. كما تروي المسرحية احداث متواترة في شكل إنطلاق الثورة بصفة فجئية وانطلقت معها العديد من المواضيع مثل الفساد و الرشوة و الديموقراطية و الديكتاتورية. و يبقي أهم المواضيع إثارة هو " القنّاصة" . حيث يوجد إثنين من القنّاصة فوق سطح عمارة مطلة على الشارع لكل منهما وجهة نظر للمجتمع وتناقضاته و يعمل كل منهما على إنجاح الثورة بطريقته الخاصّة وهو ما يفتح المجال للسخرية من الواقع المتخيل عن طريق شخصيات عبثية تحمل مجموعة من المواقف المؤلمة حينا والمضحكة أحيانا اخرى. والطريف في هذه المسرحية أن الشخصيتين تعتقدان أنه كلما ازداد عدد الشهداء ازداد الغضب الشعبي وكلما ازداد الغضب الشعبي ازدادت الثورة خطوة نحو النجاح بل ويذهبان إلى أكثر من ذلك فلولا وجود القنّاصة والشهداء لا يمكن أن تنجح الثورة ولا يمكن للتاريخ أن يدون ثورة خالية من الثورة والقنّاصة . و تتمحور الشخصيات حول القنّاص الأول الذي يمارس مهنته بإتقان وتفان سريع الغضب لا تربطه أي علاقة إنسانية بالآخرين ترافقه في كثير من الأحيان هواجس مختلفة و مقتنع بأنه بصدد القيام بمهمة نبيلة وهدفه الأساسي- حسب قناعاته- إنجاح الثورة وطريقته في ذلك إسقاط العديد من الشهداء ففي تصوره كلما ازداد عدد الشهداء ازداد الغضب الشعبي وازدادت الثورة نجاحا يعمل في سرية تامة هو نفسه لا يعرف لصالح من يعمل يتنكر في أشكال مختلفة ويتقمص شخصيات متعددة مستفيدا من حبل الغسيل الذي يوجد فوق سطح العمارة وما يحمله من ملابس متعددة ومختلفة. أما القنّاص الثاني فآراءه متناقضة وأفكار مشوشة وهو يريد أن يسلم نفسه ويطالب بحقوقه المادية والمعنوية ويختلف مع الأول في اختياره لضحاياه. لكن الحقيقة الثابتة بالنسبة إليه هي مساهمته في إنجاح الثورة.