عاشت العاصمة الفرنسية باريس هجوما ارهابيا الاشد دموية في فرنسا منذ اربعين عاما حيث قتل مسلحان 12 شخصا من بينهم 4 رسامين كاريكاتور، وعنصرين من الشرطة في مقر صحيفة شارلي إبدو الساخرة في باريس، فيما اصيب آخرين بجروح بالغة. في المقابل، أعلنت الحكومة الفرنسية رفع درجة التأهب في البلاد إلى أعلى مستوياتها خاصة في المراكز التجارية ومباني القنوات التلفزيونية والصحف، ووسائل النقل العام، كما دعت المواطنين إلى اتخاذ الحيطة والحذر، في الوقت الذي عقد فيه مسؤولو الحكومة اجتماعا طارئاً عقب الحادث. ووصفت الصحف الفرنسية الهجوم الارهابي بالدموي قائلة «تحول الشارع الذي تقع فيه مكاتب اسبوعية شارلي ايبدو الى «بحيرات من الدماء» بعد «الاعتداء الارهابي» الذي استهدف الصحيفة الساخرة موقعا 12 قتيلا ومعيدا باريس الى الاجواء الحالكة لاعتداءات ثمانينات وتسعينات القرن الماضي. ووصف مسؤولون أمنيون المشهد داخل المقر بأنه «مذبحة». ونشرت صحيفة « شارلي هبدو « ، قبل ربع ساعة من الهجوم الارهابي الذي استهدف مقرها في باريس، صورة ساخرة لزعيم تنظيم الدولة الاسلامية « أبو بكر البغدادي». وكتب على الصورة « أطيب التهاني » بمناسبة دخول السنة الجديدة في حين يرد « البغدادي » قائلا « خاصة الصحة » في إشارة لتواصل الحملة الدولية ضد تنظيم « داعش «. ردود افعال في هذا الشأن، تتالت ردود الافعال الدولية حول هذا الهجوم الارهابي حيث ادان الرئيس الاميركي باراك اوباما الهجوم ووصفه بانه ب «الارهابي»، واعدا بتقديم مساعدة بلاده لفرنسا. من جهته، بعث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برسالة تعزية الى نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند بعد « الهجوم الارهابي» على الصحيفة. ونقلت وكالة تاس عن المتحدث باسم الرئيس الروسي ديمتري بيسكوف قوله ان «موسكو تدين بحزم الارهاب بجميع اشكاله. ونظرا للحادث المأساوي في باريس، يقدم الرئيس بوتين تعازيه الحارة الى عائلات الضحايا وكافة الشعب الفرنسي». فيما اعتبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل هذا الحادث هجوما على حرية الصحافة والتعبير. وقالت ميركل في بيان «هذا الفعل المقيت ليس هجوما على أرواح المواطنين الفرنسيين وأمنهم فحسب لكنه هجوم أيضا على حرية التعبير والصحافة وهما العنصران الأساسيان لثقافتنا الحرة الديمقراطية. لا يمكن تبريره بأي حال.» في المقابل، أدان وزير الخارجية المصري سامح شكري بأشد العبارات الحادث الإرهابي الآثم وأعرب الوزير شكري ، في بيان صحفي امس ، عن تعازي مصر لفرنسا حكومة وشعبا ومواساتها لأسر الضحايا، متمنيا سرعة الشفاء للمصابين. وأكد شكري وقوف مصر الي جانب فرنسا في مواجهة الارهاب باعتباره ظاهرة عالمية تستهدف الأمن والاستقرار في العالم، وتتطلب تكاتف الجهود الدولية للقضاء عليه. وأدان كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي الهجوم المسلح الذي استهدف مقر مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية الساخرة في باريس ، متعهدين بدعم حرية الإعلام في أوروبا. وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر في بيان :«إنه عمل لا يمكن التسامح تجاهه ، عمل بربري يؤثر فينا جميعا كبشر وأوروبيين» ، معربا عن تضامنه الكامل مع فرنسا. ومن ناحيتها ، كتبت نائبة رئيس المفوضية الأوروبية لشؤون الموازنة والموارد البشرية كريستالينا جيورجيفا على موقع تويتر للتواصل الاجتماعى :«هذا العمل البربري لن يعرقل بأي شكل حرية الصحافة، وهي مبدأ أساسي في ديمقراطياتنا» . كما أدان الأزهر الهجوم واصفا اياه بأنه إجرامي. صحيفة مستفزة في فيفري 2006 ، اعادت الصحيفة نشر 12 رسما للنبي محمد كانت نشرتها صحيفة ييلاندس بوستن الدنماركية، وذلك تحت شعار حرية التعبير. واثارت تلك الرسوم المسيئة للرسول محمد عليه الصلاة والسلام تظاهرات عنيفة في العالم الاسلامي واصبحت «شارلي ايبدو» منذ ذلك التاريخ هدفا لتهديدات متكررة من مجموعات اسلامية متطرفة. وتعرض مقر الصحيفة في باريس للحرق في شهر نوفمبر من السنة الماضية، حيث ألقى مجهولون زجاجات مولوتوف أدت إلى إحراق محتويات المقر، كما قام»هاكرز» باختراق موقعها على شبكة الإنترنت، احتجاجاً على نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول الكريم. وتشير التقارير الصحفية إلى أن المجلة تلجأ إلى إثارة الضجة وزيادة توزيع أعدادها عن طريق استفزاز المسلمين، كلما تدهورت إيراداتها، وانخفضت نسبة مبيعاتها وتعرضها لمشاكل مادية، وهو ما أكده سابقا «باسكال بونيفاس» مدير المعهد الفرنسي للدراسات الدولية والاستراتيجية (إيريس) عندما قامت المجلة بآخر إساءة لها للمسلمين عام 2012، حيث اتهم المجلة الفرنسية بأنها تلجأ لاستفزاز المسلمين بالسخرية من رسولهم الكريم في رسوم مسيئة، كلما تدنت معدلات توزيعها بدليل أنها باعت كل نسخها (75 ألف نسخة) للمرة الأولى منذ فترة طويلة بفضل الرسوم المسيئة، التي جاءت في عدد العام 2012، وهناك مؤشرات لتزايد بيعها العدد الحالي الأخير بنفس الطريقة. ويشير تاريخ المجلة إلى أنها أصدرت أكثر من ألف عدد، منها خمسة أعداد تناولت الإسلام بالسخرية، بدأتها عام 2006 بالتزامن مع نشر جريدة دنماركية صورا مسيئة، وتمت تبرئتها عام 2007 من تهمة الإساءة للمسلمين، وفي المرة الثانية عام 2011 نشرت على غلاف المجلة عنوان: “100 جلدة إن لم تمت من الضحك” ووقتها أشيع أن المجلة تعرضت لحريق لخلق مزيد من التعاطف معها ومساندتها من القراء الذين عزفوا عن قراءتها إلا في حالات توظيفها ضد الإسلام. استفزازات متتالية للمسلمين في 30 سبتمبر 2005 قامت صحيفة يولاندس بوستن الدانماركية بنشر 12 صورة كاريكاتورية للرسول الكريم وبعد أقل من أسبوعين وفي10 جانفي 2006 قامت الصحيفة النرويجية Magazinet والصحيفة الألمانية دي فيلت والصحيفة الفرنسية France Soir وصحف أخرى في أوروبا بإعادة نشر الصور الكاريكاتورية نشر هذه الصور مما جرح مشاعر الغالبية العظمى من المسلمين وقوبل نشر هذه الصور الكاريكاتورية بموجة عارمة من التنديد على الصعيدين الشعبي والسياسي في العالم الإسلامي وتم على إثر هذه الاحتجاجات إقالة كبير محرري جريدة France Soir الفرنسية من قبل رئيس التحرير ومالك الجريدة رامي لكح الفرنسي من أصل مصري كاثوليكي . وأخذت الاحتجاجات طابعا عنيفا في دمشق حيث أضرمت النيران في المبنى الذي يضم سفارتي الدانمارك والترويج في فيفري 2006 وتم إحراق القنصلية الدانماركية في بيروت في 5 فيفري 2006. وقد قامت صحيفة يولاندس بوستن في 30 سبتمبر 2005 بنشر مقالة في الصفحة الثالثة بعنوان «وجه محمد»، ونشر مع المقال 12 رسما من الرسوم في بعضها استهزاء وسخرية من النبي محمد صلى الله عليه وسلم تظهر في إحداها عمامته على أنها قنبلة بفتيل، وقد حاولت الجالية الإسلامية منع نشر الصور لكن الصحيفة رفضت وأيدت الحكومة الصحيفة بحجة حرية الرأي والتعبير، فقامت الجالية الإسلامية بتنظيم حملة وجولة في العالم الإسلامي للدفاع عن النبي الكريم.