شيئا فشيئا ودون أن نعثر على خارطة اللقب أو أن نبصر طريق البوديوم كبر الحلم بيننا وارتفع سقف الأمنيات علنا و صار الحديث عن التتويج بلقب ال «كان» أمرا مباحا بل مطلبا جماهيريا حرّك سواكن العائلة الرياضية في تونس وأجّج فيها من جديد مشاعر الفخر عقب كلّ نصر يتلوه نصر بعد أن كان الخوض في مسألة العبور أو مجرّد التفكير فيه هذيان لا تقوى على ترجمته كتيبة النسور...أوهكذا خيّل لنا... الليلة سيعدّل كلّ التونسيينعقارب ساعاتهم على ميقات المباراة وستكون قبلتنا الليلة على غير العادة صوب ملعب باطا الذي يحتضن مباراة المنتخب التونسي ونظيره الغيني الاستوائي في مباراة تندرج في إطار الدور ربع النهائي لكأس أمم افريقيا المقامة على مشارف خطّ الاستواء حيث لا مكان لمن اعوّج عموده وطرى عوده ... الكرة لا تعترف بلغة العقل والميدان لا يطيق شرع العقلاء... والحديث عن إمكانية تواجد المنتخب التونسي في الدور النهائي صار حقيقة لا نخجل من الإصداح بها فما دوّنته الأرقام في الدور الأوّل وما حاكته الأقدام في كلّ مباريات المجموعات الأربع يجعلنا نعتقد أكثر في هذا المنتخب وفي إمكانياته الفنية والبدنية والبشرية فالأسماء المنافسة التي صمّوا بها آذاننا و صنّفوها على أنّها مرشّحة فوق العادة للجلوس على «تلّة» البطل لم تقدّم ما يشفع لها بتجاوزنا سواء حبرا على ورق أو على الميدان بعدد حبّات العرق... صحيح أنّ المنتخب التونسي لم يتجمّل بعد كما ننشد في كلّ لقاء فالمردود لم يرتق بعد الى مرتبة الشرف وظلّ حبيسا لفلسفة العقلاء أيّ «بالحدّ الادنى المطلوب» فمرّ دون عناء مخلّفا وراءه أسماء لها باع وذراع في القارة السمراء على غرار منتخبات الكاميرون ومالي وجنوب افريقيا التي غادرت من الباب الصغير لذلك وحتى إن لم يجتهد المنتخب على النحو الأكمل ولم يقدّم كرة تستحق الثناء فإنّه في المقابل لم يكن الأسوأ قياسا بما تحقّق وما شاهدناه في هذه الدورة المتوسطة جدّا فنيا وتكتيكيا وخاصة تنظيميا, فضمن العبور تاركا ربّما متمّمات الأمور إلى حين تنقشع الغيوم عن «نظارة» البلجيكي ويرتفع منسوب الثقة في صفّ النسور... قد نلوم عناصرنا الدولية على تواضع المردود وعلى بساطة الاداء لكن المجال لم يعد الآن يسنح فالليلة جميعنا مدعو لشحذ العزائم والوقوف خلف المنتخب الذي سيكون أمام فرصة تاريخية لإحياء أمجاده والعودة الى الواجهة من جديد فالمنافس ليست له تقاليد ووجوده في هذا الدور هديّة من السماء لفظتها المغرب و حرستها وساوس فيروس «إيبولا» الذّي دحرج القارة الى خطّ الاستواء... منافس اليوم ليس سوى رقم عابر في دفاتر الكرة الافريقية وتجاوزه ليس بالأمر العسير استنادا الى تباين مستوى وامكانيات المنتخبين كما أنّ عاملي الارض والجمهور لم يعد لهما وزن في خارطة اليوم فالأقدام المحترفة التي تضمها الكتيبة التونسية تعوّدت على اللعب تحت الضغط مهما كانت طبيعة الهتافات وحدّة الآهات... كما أنّ النضج التكتيكي الذي أظهره زملاء القائد ياسين الشيخاوي يلعب لصالحهم إذا ما واصل سرب النسور الاقلاع على نفس الإرتفاع... سوف لن نتحدّث الليلة عن أداء ومردود وما شابه ذلك من مفردات زادت في حماستها بعض البلاتوهات فالنتيجة في مثل هذه المباريات تسبق عادة ما نردّده من أمنيات ولذلك كلّ ما نرجوه هو مواصلة الرحلة بنفس التطمينات ووضع قدم في الدور النصف النهائي حينها ستكون المهمة اكتملت حقّا أو تكاد لأنّ التواجد في مربّع الذهب ينسينا كثيرا من التعب ويطرد عنّا «قيننا» لازمتنا أكثر من اللزوم... ان شاء الله غينينا الاستوائية لن تكون عصيّة علينا وستحيد الليلة عن خطّها السوّي وهذا ما نأمله من أبناء البلجيكي الذي من حسن حظّنا انه لا يجيد سوى لغة الأرقام فالهزيمة لم تعرف له طريقا مهما تبدّلت الاقدام... برنامج اليوم : ملعب باطا : الساعة 20.30 : غينيا الاستوائية – تونس : تحكيم الموريسي راجندار سيشورن ملعب باطا : الساعة 17.00 : الكونغو الديمقراطية – الكونغو : تحكيم السيشالي برنار كاميل