اعلن المعهد الوطني للإحصاء عن النتائج النهائية والرسمية لنسب نمو الاقتصاد التونسي حيث حققت تونس خلال العام الماضي نسبة نمو ب2.3 بالمائة مقابل 2.4 بالمائة خلال سنة 2013 وقد خلفت هذه النسب ردود فعل متباينة لدى الخبراء الاقتصاديين. وعلى المستوى القطاعي سجلت القيمة المضافة للقطاع الفلاحي خلال السنة المنقضية نموا بنسبة 2.8 بالمائة مقابل نمو سلبي في سنة 2013 بنسبة 4 بالمائة، حيث ارجع معهد الاحصاء نمو القطاع الفلاحي أساسا إلى الظروف المناخية الملائمة التي ساهمت في ارتفاع إنتاج الحبوب والزيتون اذ قاربت صابة الحبوب 23.4 مليون قنطار. تطور ملحوظ في الصناعات المعملية وأظهرت المؤشرات البيانية التي افصح عنها المعهد الوطني للإحصاء ان النشاط الاقتصادي في قطاع الصناعات المعملية سجل نموا طفيفا بنسبة 0.6 بالمائة خلال سنة 2014 مقابل تطور بنسبة 1.4 بالمائة في سنة 2013 . كما سجل هذا القطاع خلال الثلاثي الرابع من السنة الماضية نموا ايجابيا لكن بمعدل ابطأ مما تحقق خلال الثلاثي الثالث من سنة 2014، اذ بلغت القيمة المضافة لهذا القطاع ارتفاعا بنسبة 0.5 بالمائة مقابل 1.2 بالمائة خلال الثلاثي الثالث من نفس السنة. ويعود هذا التحسن إلي الارتفاع المسجل في قطاع الصناعات الفلاحية والغذائية بنسبة 5.8 بالمائة (أساسا نتيجة ارتفاع الإنتاج في زيت الزيتون بأربع أضعاف إنتاج الموسم الماضي) وقطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية بنسبة 1.1 بالمائة نتيجة ارتفاع الطلب الخارجي لمنتوجات هذا القطاع. وفي المقابل تراجع الإنتاج في قطاع الصناعات الكيميائية وقطاع صناعات مواد البناء والخزف والبلور بنسبة تقدر على التوالي ب 9.5 و 1.3 بالمائة. و سجل قطاع صناعة النسيج والملابس والجلد تراجعا طفيفا في الثلاثي الرابع من العام الفارط بنسبة 0.7 بالمائة. قطاع الخدمات يحافظ على نسق نموه واصل قطاع الخدمات المسوقة سلسلة نموه الايجابي على غرار نشاط خدمات النزل والمقاهي بنسبة 1 بالمائة ونشاط خدمات النقل بنسبة 1.1 بالمائة فضلا عن تواصل نمو قطاع المواصلات بنسق مرتفع ناهز 8.5 بالمائة، و ازدادت بذلك القيمة المضافة لقطاع الخدمات المسوقة بنسبة 3.2 بالمائة مقارنه بالثلاثي الرابع من سنة 2013. و من جانبه حافظ قطاع الخدمات غير المسوقة (الخدمات المسداة من قبل الإدارة أساسا) على نسق نموه الايجابي لترتفع قيمته المضافة بنسبة 4.2 بالمائة. تواصل النمو السلبي للصناعات غير المعملية من جهة اخرى تابع قطاع الصناعات غير المعملية سلسلة تراجعه السلبية، حيث سجلت القيمة المضافة لهذا القطاع انخفاضا بنسبة 2.2 بالمائة وذلك نتيجة استمرار تراجع الإنتاج في قطاع استخراج النفط والغاز الطبيعي بنسبة 4.2 بالمائة رغم التحسن المسجل في نسق نموه مقارنة بالثلاث ثلاثيات الأولى من نفس السنة. كما تراجع في نفس السياق الإنتاج في قطاع المناجم بنسبة 8ر11 بالمائة مقابل ارتفاع سجله هذا القطاع خلال الثلاثي الأول والثاني من نفس السنة تباعا بنسبة 35 و5ر12 بالمائة. نسبة نمو هشّة ولكن واعتبر الخبير الاقتصادي فتحي النوري ان نسبة النمو التي حققتها تونس في السنة الماضية هشة وأنها ليست النسبة المرجو منها دفع التشغيل ومعالجة ازمة البطالة واستحثاث نسق الاستثمار الخاص وجذب الاستثمارات الخارجية. وأوضح ان تسجيل نمو بنسبة 3ر2 بالمائة العام الفائت يُعدّ غير كاف لمعالجة ازمة المالية العمومية والمديونية الخانقة التي تمر بها البلاد. ولفت في المقابل الانتباه الى انه في حال تحليل هذه النسبة في اطارها السياسي والاجتماعي فإنها تعد معقولة من وجهة نظره الشخصية، اذ ان تونس سجلت في سنة 2011 نسبة نمو سلبية واسترجعت في سنتي 2012 و2013 النمو وحافظت عليه في سنة 2014 وبين فتحي النوري ان الدول التي عرفت ثورات وأزمات مثل تونس فقدت بدورها نسب نموها مشددا على ان تونس تعد انموذجا ناجحا رغم مرور 5 حكومات عملت على النهوض بنسبة النمو للبلاد. كما لفت النظر الى ان تونس حققت نسبة نمو من دون العمل بمنوال تنموي واضح المعالم. وشدد الخبير الاقتصادي على ضرورة التخلي عن ثقافة الكسل والانصراف الى العمل الجدي والفعلي واسترجاع قيمة العمل الحقيقية والمبادرة. وتابع في سياق متصل أنه بالإمكان في صورة استرجاع قيمة العمل ودفع المبادرة الاقتصادية المرور الى مرحلة النمو المتدفق الخالق للثروة. وخلص الى دعوة الحكومة الحالية الى الاسراع بانجاز مخطط تنموي واضح خلال الخماسية القادمة يستهدف نسبة نمو محددة وكذلك استهداف نسب محددة ومضبوطة في التشغيل.