وسط جدل كبير صادق أمس مجلس نواب الشعب على مشروع قانون يتعلق بالمصادقة على مذكرة التفاهم المبرمة في 29 اوت 2014 واتفاقية القرض المبرمة في 8 سبتمبر 2014 بين حكومة الجمهورية التونسية والاتحاد الاوروبي ، والذي ينص على إسناد الحكومة التونسية في اطار الية الدعم المالي الكلي ثلاث مائة مليون (300.000.000) أورو . وقد حظي القانون بموافقة 133 نائبا فيما احتفظ 10 نواب بأصواتهم وأعرب 29 نائبا عن رفضهم لهذا القرض وهم أساسا نواب «الجبهة الشعبية» و«حركة الشعب» . وأثارت مذكرة التفاهم بين الحكومة التونسية والاتحاد الأوروبي المتعلقة بهذا القرض حفيظة العديد من النواب حيث اعتبرها النائب عن «حركة الشعب» سالم الأبيض نوعا من الاستعمار الناعم وتعديا على السيادة الوطنية واستقلالية القرار ، باعتبار أن الاتحاد الأوروبي اشترط على الحكومة التونسية مقابل هذا القرض جملة من الإصلاحات تهم أساسا الجباية عبر إصلاح النظام الجبائي التقديري للحد من القطاعات التي يسرى عليها هذا النظام . كما اشترط الإتحاد الأوروبي مقابل ال 300 مليون أورو إصلاح منظومة الدعم وهيكلة القطاع البنكي ولا سيما منها البنوك العمومية. وقد دعا النائب سالم الأبيض الأحزاب الممثلة في الحكم ومن وصفهم بدعاة الإصلاح الوطني إلى المطالبة بتفاصيل هذا القرض قبل المصادقة عليه محملا إياهم مسؤولية ارتهان الأجيال القادمة . مذكرة تشوبها الريبة من جانبها قالت النائبة مباركة عواينية أن مذكرة التفاهم المرفقة بقرض الإتحاد الأوروبي تثير الريبة مشيرة إلى أن الجهات المانحة تريد تمرير شروطها وفرض رغباتها على تونس ، واعتبرت عواينية أن الموافقة على هذا القرض ستكون على حساب الإستقلالية الوطنية والارتهان للدوائر الخارجية الذي بلغ أقصى مستوياته . النائب فتحي الشامخي قال انه ليس ضد ال300 مليون أورو منتقدا مذكرة التفاهم التي اعتبرها برنامجا اقتصاديا قادما من وراء البحار وجبل الجليد الذي يخفي الكثير معربا عن استغرابه من تدخل الاتحاد الأوروبي في قرارات وسياسات وطنية . موافقة متحفظة رفض نواب «الجبهة الشعبية» لقرض الاتحاد الأوروبي قابلته موافقة «متحفظة « من نواب «النداء» و«النهضة» و«الاتحاد الوطني الحر» و«آفاق تونس» الذين منحوا أصواتهم لهذا القانون. وقد ذكر نائب الاتحاد الوطني الحر محسن حسن بالانزلاقات التي شهدتها المالية العمومية على امتداد السنوات الثلاث الماضية وبسبب ارتفاع فاتورة الدعم وزيادة كتلة الأجور إلى جانب ارتفاع نسبة الدين الخارجي بدرجة غير مسبوقة على حد وصفه . ونبه حسن إلى مخاطر ارتفاع خدمة الدين التي تمول بالعملة الصعبة داعيا إلى توجيه القروض الخارجية نحو الاستثمار وخلق الثروة . نائب حركة «النهضة» سليم بسباس أكد في تدخله على إجماع كل الأطراف على أن التداين الخارجي مسألة غير مرغوب فيها معتبرا أن الاقتراض لا يمكن أن يمثل هدفا لسياسة مالية رشيدة وأن الإشكال في توصيف المديونية لا يمكن الحكم عليه حسابيا بل بمدى قدرة الدولة على تحملها في المستقبل مبديا انزعاجه من ارتفاع الدين الخارجي بثلاث نقاط منذ اندلاع الثورة دون تحقيق أي نمو مطالبا الحكومة بتقديم برنامج يؤكد امكانية تحمل الدولة لهذا التداين. زميله عن كتلة حركة «النهضة» حسين الجزيري انتقد الحلول المقترحة في مذكرة التفاهم معتبرا أن هذه الحلول لا يجب أن تأتي من الجهات المانحة سواء كان الاتحاد الأوروبي أو غيره بل من الداخل عبر حوار جدي بين كافة مكونات الطيف السياسي دون استثناء . من جانبه انتقد النائب اياد الدهماني غياب أية معطيات عن القرض موضوع المصادقة مؤكدا عدم امتلاك أي طرف حزبي أو أي نائب في البرلمان معطيات حقيقية حول هيكلة الدين الخارجي معتبرا أن القرض الرقاعي الذي حصلت عليه تونس غير دستوري لان عملية الاقتراض لم تحظ بموافقة البرلمان. ولم يتسن لمجلس نواب الشعب في الجلسة العامة ليوم أمس المصادقة على بقية مشاريع القوانين المبرمجة والتي تتعلق بمشروع القانون لضبط الإعفاءات من المعلوم بمناسبة مغادرة البلاد التونسية ومشروع قانون المتعلق بالمصادقة على اتفاقية القرض بين الحكومة التونسية والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والإجتماعي للمساهمة في تمويل مشروع سد ملاق العلوي وأيضا اتفاقية الضمان بين تونس والمؤسسة الدولية الاسلامية لتمويل التجارة والمتعلقة باتفاقية المرابحة المبرمة بين الشركة التونسية لصناعة الحديد والمؤسسة المذكورة لتمويل استيراد مواد أولية وهي كلها مشاريع قوانين طلبت فيها الحكومة استعجال النظر .