تتسارع الأحداث على الساحة الكروية التونسية وتبدو كل المؤشرات سلبية ولا شيء يوحي بأن أزمة الثقة بين الأندية من جهة وبينها وبين الهياكل من جهة أخرى ستنتهي على أحسن ما يرام. المكتب الجامعي سيبدأ الأسبوع القادم موسمه الرابع لمدته النيابية ومقالنا هذا لا يدخل في خانة تقييم عمله طيلة المواسم الثالثة الماضية بسلبياته وإيجابياته ولكن ما تعيشه الساحة الكروية في الوقت الراهن يجعلنا نبدي رأينا المتواضع ونطلق صيحة فزع لأن التجاذبات كثرت وتداخلت مع الرياضة والسياسة والمال وبلغ الأمر بالبعض إلى «المتاجرة» بالأمن القومي واستغلال الحادثة الإرهابية الأخيرة في البلاتوهات التي أصبح « البلا البلا البلا» يطغى عليها والإفادة انعدمت منها. بين الجامعة ولجنة الاستئناف استاء المكتب الجامعي من قرار اللجنة الوطنية للاستئناف بتخفيض عقوبة المدير التنفيذي للنجم الساحلي حسين جنيّح من 24 شهرا إلى ست مقابلات وحسب مصدر جدير بالثقة فإن الأستاذ نبيل الدبوسي عبّر عن غضبه هاتفيا لعضو لجنة الاستئناف الأستاذ حسن بجّار مباشرة إثر صدور القرار وهو ما جعل المكتب الجامعي يعقّب على هذا القرار لدى المحكمة الرياضية في الغد وحسب البلاغ المقتضب الصادر في هذا الشأن على الموقع الرسمي للجامعة فإن المكتب الجامعي لجأ لل«كناس» حماية للحكام ولكن أين كان المكتب الجامعي عندما كتب الحكم وليد الجريدي أن لاعب الكاف صادق التواتي اعتدى عليه وكانت الرابطة قد برّأته؟ ما أثار غضب رئيس لجنة الاستئناف الأستاذ محمد حبيب الجربي هو سكوت المكتب الجامعي عن عقوبة بونجاح وهي عملية أخطر من تخفيض عقوبة جنيح فهذا الأخير دفع الحكم مرّتين ولكن الرابطة خرقت القانون واعتبرت ذلك حركة غير رياضية. إن الرابطة غضت النظر عن عقوبة الحكيم جلال كريفة الذي جاء بشأنه على ورقة المقابة « شتم الطاقم التحكيمي» وهي عقوبة تستوجب 5 مقابلات ولكن الرابطة اكتفت بمعاقبته بمقابلة واحدة وخلافا لما يتباهى به الناطق الرسمي للرابطة الأستاذ حامد الغربي من بلاتو إلى آخر ومن منبر إلى آخر فإن الرابطة لم تطبق القانون بل خرقته دون موجب وسنعود إلى هذه المسألة ثم وبخصوص تخفيض عقوبة جنيح أوضح الأستاذ الجربي رئيس لجنة الاستئناف ل«التونسية» أن كافة الأعضاء اتفقوا بعد المشاهدة وإعادة المشاهدة للصور التلفزية على أنه لم يتبيّن الاعتداء البدني على الحكم المساعد بل إنّه حاول فعلا الاعتداء ولم يتوصّل إلى ذلك ويبدو أن لجوء المكتب الجامعي للمحكمة الرياضية وعدم رضاه على قرار الاستئناف بشأن عقوبة جنيح ما هو إلا ذر رماد على العيون ومناورة لأن المحافظة على العقوبة أو حتى تشديدها لن يغيّر شيئا. بالمقابل لو نال بونجاح العقوبة التي يستحقّها - والتي لم يسلّطها عليه أعضاء الرابطة - لتغيّرت الأمور وهذه المسألة بالذات ستفتح باب جهنم على الرابطة لأن الفرق المنافسة للنجم وبعد انتهاء عقوبة الخمس مقابلات وعودته لاستئناف النشاط ستقوم باحتراز على مشاركته وعلمت «التونسية» من مصدر عليم أن بعض الأندية ممن ذاقت ذرعا بخزعبلات الرابطة باعتمادها الفصل 212 ستتقدم باعتراض على عقوبة بونجاح قبل الثلاثين يوما بما أن الرابطة أضحت تريد ما هو باطل حقا، بهذا الفصل. من جهة أخرى لم يخف الأستاذ الجربي استياءه من المكتب الجامعي لغضه الطرف عن مطلبه بعقد الجلسة العامة لتعيين عضو خامس باللجنة عوضا عن صابر بوعطي الذي تولى وزارة الرياضة ونذكّر أن الجامعة لم تعقد جلسة عامة منذ سبتمبر 2013 وحتى الجلسة العامة الخاصة بالأندية المحترفة المنعقدة في جويلية 2014 لم تأت بشيئ يفيد الكرة التونسية بل أتت ببعض المساحيق فقط لعلّها تمسح تجاعيدها ولم يكن من الممكن خلالها تسمية عضو بلجنة الاستئناف وتكليف نائب للرئيس فالتركيبة الحالية للجنة الاستئناف تفتقر لرئيس أو لنائب رئيس على اعتبار أن صابر بوعطي كان رئيس اللجنة ونائبه حبيب الجربي أخذ مكانه ولكن هذا الأخير ليس له نائب وفي غيابه لا يمكن للجنة الاستئناف أن تنعقد أو تصدر قرارا ورغم مطالبته بذلك مرارا فإن المكتب الجامعي لم يصغ إليه. قرارات غريبة لم يسبق للرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة أن اتخذت قرارات عشوائية ومجانبة للصواب، فمنذ بداية الموسم والرابطة عبر لجنتي التأديب والقوانين تتخذ قرارات خاطئة، فهي لم تشأ الاعتراف بخطإ لجنة التأديب التي أصدرت محضر جلسة تأديب به هفوة فادحة بخصوص عقوبة خميس الثامري الذي وقع إقصاؤه في الموسم الماضي ضد الملعب التونسي لمنعه فرصة سانحة للتسجيل وعوض أن تقع معاقبته بمقابلتين جاء في محضر الجلسة عقوبة بمقابلة لجمعه إنذارين وعندما احترز الملعب القابسي على الهفوة الإدارية ابتدعت الرابطة الفصل 212 من القوانين العامة لأنها لم تشأ الظهور بمظهر المخطئ وهذا الملف لا يزال في رفوف المحكمة الرياضية ولا نعلم عنه شيئا. حادثة الاعتداء على الحكم الجريدي واعتماد الصور التلفزية المبتورة عوضا عن التقارير وورقة المقابلة أصبح أمرا مستهلكا حتى أن البعض يتهمنا بالتحامل على أولمبيك الكاف وهو غير صحيح لأننا نتحدث عن مسألة مبدئية. ثم معاقبة لاعب جندوبة صابر بالرجب على عكس ما دوّنه الحكم كان أمرا مضحكا فورقة المقابلة تفيد أن بالرجب شتم الحكم المساعد ولكن الرابطة اجتهدت واعتبرت أنه شتم لاعبا منافسا فسلطت عليه عقوبة بثلاث مقابلات عوضا عن أربع فهي تقرر ما تشاء رامية بالتقارير وبورقة المقابلة في سلة المهملات والحال أنّها المصدر الرسمي الوحيد ومع ذلك يتباهى الناطق الرسمي في كل مرة بأن الرابطة تطبق القانون. عن أي قانون يتحدث حامد المغربي؟ لعلّه يتحدث عن قانون لم نطلع عليه بما أن اختصاصيي القانون الرياضي أصبحوا يرتعون كما يشاؤون وينظرون حسب العرض والطلب فالواحد منهم يدافع عن فريق في قضية وعن فريق آخر في نفس القضية ولكن بقراءة أخرى ويوهم كل طرف بأن القانون إلى جانبه. ونستغل هذه الفرصة لنسأل أهل الاختصاص في القانون الرياضي وهي مادة جديدة أصبحت تدرّس بكليات الحقوق : عندما يقع إقصاء لاعب لمنعه فرصة سانحة للتسجيل وتقع معاقبته بمقابلتين ثم بعد عودته من العقوبة يقوم بنفس الهفوة ويعاقب من جديد بمقابلتين , هل نطبق عليه فصل العود ؟ هل يعاقب اللاعب بمقابلة إضافية للعود؟ فهذه العقوبة تناولها الفصل 31 من المجلة التأديبية والفصل 47 عند تفسيره للعود يشير بين القوسين للجدول وروح القانون تجعلنا نفهم من ذلك اللوائح وليس الجدول، ذاك الرسم الذي به مربعات ومستطيلات حسب ما ورد في الفصل 44 من المجلة التأديبية. إن تطبيق القانون بالرابطة أصبح مثلما أشرنا له في مقال سابق يخضع للأهواء والإملاءات مما جعل ثلاثة أعضاء سننشر أسماءهم في الوقت المناسب يقررون الاستقالة لأنهم يرون أن الأجواء لم تعد نقية واتضح لديهم أن هناك أعضاء يخدمون مصلحة بعض الأندية كما أن أعضاء آخرين يعملون لفائدة لوبي يرغب في الإطاحة بالمكتب الجامعي ولذلك يقع اتخاذ قرارات غريبة تجعل بعض الأندية تثور وتسحب الثقة من المكتب الجامعي. المشهد بات واضحا إذن. كل يعمل حسب أجندة معينة هذا يحمي ذاك وذاك يدافع عن هذا وفي خاتمة الأمر نحن نلاحظ -عاجزين - كل هذه التجاوزات ولا نستطيع فعل شيء سوى التنديد مثلما تفعل الجامعة العربية. متاجرة بالأمن القومي والإرهاب إن ما قيل وما يقال وما سيقال عن لقاء حمام الأنف والنجم يلخّص المشهد المتعفّن للكرة التونسية فشعور حمام الأنف بالغبن مفهوم ولكن أن يتحجج الغير بالأمن القومي فهو أمر مضحك فلا أحد يمكنه كسر شفرة التأجيل لدواع أمنية ولئن كنا لا نناقش قرارات وزارة الداخلية فإننا نشتم رائحة كريهة وراءالتأجيل وقد أثبتت تجارب سابقة كيف ألغيت مباريات لدواع أمنية بتدخل علوي والحال أن الفرق لم تكن جاهزة للتباري. يستطيعون الإفتاء كما يشاؤون ولكن لا داع للمتاجرة بالأمن القومي وقد أصبح البعض يتحدث عن الإرهاب وحادثة باردو في المنابر الرياضية وهو أمر مخجل حقا. إن الحادثة الإرهابية لها من يختص بها ولكن الأرض لن تتوقف عن الدوران، فإذا بهم يحشرونها دون موجب في النقاشات الرياضية. الرابطة 2 : أحسن مثال لتجاوز القانون إن مواصلة نشاط بطولة الرابطة 2 بمجموعتين بعشرة فرق لكل واحدة منهما هو خرق واضح للقانون فعندما اعتمد المكتب الجامعي الحالي هذا التقسيم لغاية انتخابية ولوصوله «للحكم» أكّد أنها تجربة سيقع تقييمها خلال موسمين ثم يقع الرجوع لبطولة عادية ب16 فريقا وهو ما طالبت به الإدارة الفنية وكل المدرّبين وعديد الأندية ولكن في الحمامات وخلال الجلسة العامة للأندية المحترفة وقع عرض الأمر على التصويت فتراجعت الأندية والغريب أن مثل هذه المسألة التي تخص التقسيم تخص جميع الأندية وليس أندية الرابطة 2 فحسب وقد صوّت 15 ناد فحسب من الرابطة 2 (8 ضد 7) وهذا تجاوز صارخ للقانون لأن أندية الرابطة 1 النازلة للرابطة2 وأندية الرابطة 3 الصاعدة لها كذلك معنية بنظام بطولة الرابطة 2 وبما أن الأمر كان يتعلق بنزول 7 أندية في أعقاب هذا الموسم تم رفض المشروع وبالتالي يخضع أكثر من 300 لاعب «محترف» للبطالة الكروية. يخيّل للبعض أن المكتب الجامعي عجز عن تطبيق القانون وهذا ليس صحيحا لأنه كان متواطئا مع جبهة رفض النزول الجماعي والذي كان سيرفع مستوى البطولة بهذه الرابطة.