تشرع لجنة المالية صلب مجلس نواب الشعب في الأيام القادمة في النظر في مشروع رسملة البنوك العمومية بعد أن طالب وفد البنك العالمي في آخر زيارة له بضرورة التعجيل بالمصادقة عليه في أقرب الآجال معتبرا أن إصلاح القطاع المالي من أوكد الإصلاحات التي يحتاجها الاقتصاد التونسي . وقد قدر محافظ البنك المركزي الشاذلي العياري حاجات التمويل الضرورية لرسملة البنوك العمومية الثلاثة (الشركة التونسية للبنك وبنك الإسكان والبنك الوطني الفلاحي) بنحو مليار دينار منها 800 مليون دينار موجهة للشركة التونسية للبنك. وقد كشفت أهم نتائج التدقيق الخاص بهذه البنوك عن مواطن خلل ونقائص بالجملة في الأصناف الأربعة من التدقيق الفرعي الخاص بالتدقيق الاجتماعي وتدقيق النجاعة والتدقيق المؤسساتي والتدقيق المالي. كما بينت النتائج أن انجاز التدقيق الشامل والمعمق للبنوك العمومية والتي تشكو من عجز بقيمة 2.2 مليار دينار يتطلب وضع مخطط استراتيجي للإصلاح الشامل في مجال التصرف وفي المجالات المالية والمؤسساتية بهدف ضمان الصلابة المالية للبنوك وخاصة تحسين طريقة تسييرها وحوكمتها وهو تقريبا نفس ما دعت إليه مؤسسات القرض العالمية التي نبهت منذ سنوات إلى ضرورة دعم صلابة البنوك العمومية لدورها الفعال في تمويل الإقتصاد . كما بينت نتائج التدقيق التي انتهت تقريبا في مؤسستين أن الوضعية التي تشهدها البنوك العمومية التونسية الثلاثة المذكورة والثماني شركات الفرعية التابعة لها تبدو صعبة، إلا ان إمكانية إنقاذها تبقى قائمة. ويرى العديد من النواب أن قانون رسملة البنوك العمومية المحال مؤخرا على اللجنة سيكون محلّ جدل كبير ولن يمر في البرلمان بسهولة نظرا لمعارضة الجبهة الشعبية التي تترأس حاليا لجنة المالية مبدأ رسملة البنوك والتفويت في البنوك العمومية . وقد نص قانون المالية لسنة 2015 على إحداث صندوق لإعادة هيكلة القطاع البنكي ، توكل له مهمة المساهمة أساسا في إعادة رسملة البنوك العمومية على أن يتم تمويل هذا الصندوق عبر تفويت الدولة في حصصها المحدودة في ثماني بنوك و مؤسسات مالية . ويشار إلى أنه سبق للجنة المالية صلب المجلس الوطني التأسيسي أن رفضت تمرير هذا المشروع وأوكلت هذه المهمة لمجلس نواب الشعب بدعوى أن هذا المشروع يتضمن اخلالات، وأنه لا يمكن مناقشة قانون يتعلق بإصلاح 50 بالمائة من المنظومة البنكية بصورة استعجالية، وأنه لا يمكن تخصيص ألف مليون دينار من المال العام؛ 80 بالمائة منها لفائدة الشركة التونسية للبنك دون تمعن. فهل تتمكن لجنة المالية من إيجاد صيغة توافقية للتسريع في المصادقة على المشروع أم سيظل محل جدل وتجاذب سياسي في الوقت الذي تواصل فيه مؤسسات القرض العالمية ربط مواصلة تمويلها للاقتصاد التونسي بالشروع الفوري في جملة من الإصلاحات الإقتصادية وعلى رأسها إصلاح المنظومة البنكية ؟