يبدو أنّ الشيخ حسين العبيدي لم «يهضم» القرار القضائي الذي أصدرته الدائرة الابتدائية بالمحكمة الإدارية مؤخّرا و الذي يلزمه ومن معه بإخلاء جامع الزيتونة المعمور إذ أكّد في تعليقه على ذلك أنّه «لن يغادر» الجامع بتعلّة عدم إشعاره بذلك رسميّا ممّا يجعل اللجوء إلى التصعيد أمرا واردا خاصّة بعد أن أشارت وزارة الشؤون الدينيّة إلى انّها ستلتجئ إلى تطبيق القانون إن لم يتّخذ هذا الأخير قراره في أجل معيّن لتسوية الوضعية وتسليم المنبر من جهة و بعد دعوة مشيخة الجامع كافّة المواطنين إلى التواجد اليوم بكثافة بالجامع لحمايته من السطو عليه و إخضاعه لحكومة «نداء تونس» على حدّ تعبيرهم من جهة اخرى داعين إياهم إلى التصدّي إلى محاولات إيقاف التعليم الزيتوني. و في هذا الصدد توقع مراقبون ألا يخضع الشيخ العبيدي و من معه من مشايخ الزيتونة اليوم إلى إرادة وزارة الشؤون الدينية الراغبة في إسترجاع المنبر و التي أوكلت بدورها المسألة إلى القضاء علّها تتمكّن من ذلك مؤكّدين أنّ المواجهة ستستمرّ و انّ أيّ تصرّف فوقي سيؤدّي إلى الفوضى. من جهته صرّح عثمان بطّيخ وزير الشؤون الدينية مؤخّرا بأنه التقى شخصيا مع حسين العبيدي ولم يتوصل معه إلى أي تفاهم موضّحا أن رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ووزارة الشؤون الدينية ووزارة الداخلية ووزارة العدل تريد إيجاد حل بصفة قانونية وحضارية دون إحداث فوضى في الجامع والأسواق المجاورة خاصة أن للجامع خصوصية تاريخية وحضارية. أمّا وزارة الشؤون الدينيّة فإنّها تعمل منذ أكثر من شهرين و في إطار سعيها الى استرجاع المنبر بجامع الزيتونة على إرسال امام وعدل تنفيذ يتولى تسجيل ما حصل في محضر ليقع في ما بعد إعلام السلطات الأمنية والقضائية بمحتواه وتؤكّد أن العاملين بالجامع المذكور يتقاضون اجورا من قبل سلطة الإشراف ممّا يجعل تسيير الجامع قانونيّا لا يكون إلا من قبل الوزارة و تشدّد على أنّها ستسترجع جامع الزيتونة المعمور في أقرب الآجال باعتباره معلما دينيا خارج السّيطرة خاصّة بعد أن تمكّنت في هذا الإطار و بالتعاون مع وزارتي الداخلية والعدل وحقوق الإنسان وبالتنسيق مع اللجان الجهويّة من إسترجاع 149 مسجدا كانت خارج السيطرة ويعتلي منابرها أيمة يبثّون خطابا تكفيريا متشدّدا، وعيّنت أيمّة يخضعون لإشرافها مبيّنة في عديد المناسبات انّ هذا الجامع هو معلم ديني ومكسب حضاري وان التعامل معه لا يكون إلا بأساليب قانونية و دون إنتهاك الحرمات والإساءة الى اي طرف. من جهة أخرى أكّدت مشيخة جامع الزيتونة مرارا و تكرارا أنها لن تسمح لإمام عينته الحكومة باعتلاء منبر «الجامع الأعظم» موضّحة أنّه لن يعتلي منبرها إلا من كان عضوا في مشيخة الجامع وأنه ليس للحكومة الحق في تنصيب إمام يخدم السلطة مؤكّدة على أنّ جامع الزيتونة مؤسسة اسلامية علمية تربوية مستقلة غير تابعة تتمتع بالشخصية القانونية. و للإشارة فإنّ قرار عزل الإمام حسين العبيدي أو مطالبته بإخلاء جامع الزيتونة لم يكن الأوّل من نوعه فقد سبق للهيئة الوقتية لجامع الزيتونة أن قرّرت شهر جانفي الماضي عزل العبيدي بعد توليه مسؤولية إدارة هذه المؤسسة لمدة 3 سنوات مرجعة السبب إلى ارتكابه عديد التجاوزات القانونية والاخلاقية داعية إلى عدم التعامل معه إلى حين انعقاد الهيئة الجديدة أمّا قرار المحكمة الإداريّة فقد جاء مخالف لما أقرّته المحكمة الإبتدائيّة سنة 2012 عندما أكّدت على استقلاليّة جامع الزيتونة عن الحكومة التي تقودها حركة «النهضة» آنذاك و رفضت دعوى قضائية استعجالية أقامتها وزارة الشؤون الدينية على الشيخ العبيدي الذي غير أقفال الجامع ومنع امام جمعة نصبته الوزارة من اعتلاء منبر الزيتونة معتمدة في حكمها حسب رئيس قسم الشؤون القانونية والنزاعات بمشيخة الجامع الأعظم المحامي فتحي الخميري على وثيقة رسمية مؤرخة في 12 ماي 2012 تنصّ على أن جامع الزيتونة مؤسسة إسلامية علمية تربوية مستقلة غير تابعة للدولة و تتمتع بالشخصية القانونية وأن العبيدي هو شيخ الجامع الأعظم وفروعه وأن التصرف في الجامع وتنظيمه يعود إلى المشيخة.