لا حديث في أوساط جماهير النادي الصفاقسي سوى عن هويّة المدرّب الجديد الذي سيخلف غازي الغرايري على رأس المقاليد الفنيّة للفريق ورغم أن الغرايري ضرب أحسن مثال في الانتماء لألوان الأبيض والأسود واستجاب لنداء الواجب من خلال قبوله الإشراف على تدريب الفريق بصفة وقتية إلى حين تنجح الهيئة المديرة في التعاقد مع مدرّب جديد فإنّ حديث الكواليس وما رافق جلسات بعض المؤثرين في النادي يوحي بأنّ الأيام القليلة القادمة قد تخفي الكثير من التطورات والتموّجات في محيط النادي على اعتبار أنّ حكاية المدرّب الجديد ليست نابعة من اختيارات فنيّة على ما يبدو ولكنّها نتاج رياح حرب باردة تنفخ داخل أسوار النادي...هي بالأساس معركة نفوذ بين مركز الثقل في الهيئة وبين موقع القرار في لجنة الدعم... الجدل القائم حاليا في النادي الصفاقسي يكمن ظاهريا في هويّة المدرّب الجديد لكن الإشكال يبدو أعمق من ذلك بكثير لأنّ جوهر الخلاف وحسب ما رصدناه لا علاقة له بالأمور الفنية ولكن يعود الأمر لاعتبارات شخصية بين كبارات النادي سنأتي عليها تباعا وبالتفصيل... لا أحد ينكر الموقف الرجولي الذي أتاه المدرّب المتخلّق غازي الغرايري بقبوله البقاء في الفريق كورقة احتياطية تنقذ النادي من الفراغ التسييري وهو موقف استبشر به كثيرون من أحبّاء النادي الصفاقسي وثمنّوه كثيرا خاصة وأنّ الفريق كثيرا ما كان ضحيّة طمع وجشع مدرّبيه السابقين... غير أنّ بعض المطلّعين على كواليس النادي أفادوا بأنّ التطورات الأخيرة وعودة الغرايري للإشراف على مقاليد الفريق بعد احتجاب عن التدريبات ليومين على التوالي لم يكن اعتباطيا أو خيارا شخصيا من الغرايري بل نتاج إملاءات فوقية من محسوبين على الفريق... حركة المدّ والجزر داخل أسوار النادي بدأت كالتالي...تصاعد الغضب الجماهيري لفئة من جمهور «السي آس آس» على نتائج الفريق أفضى في الأخير إلى المطالبة بإقالة المدرّب غازي الغرايري... تحرّكات لم تكن عفوية بل يقودها عضو فاعل في الهيئة المديرة هندس لكّل هذه الاحتجاجات... المدرّب غازي الغرايري يجهل مصيره ومستاء من تردّد شائعات إقالته قبل أنّ يتدخّل الناصر البدوي المدير الرياضي من خلال تصريحات إذاعية ويتحدّث عن حقيقة التغيير على مستوى الإطار الفنّي وعودة حمّادي الدو إلى خطّة مدرّب مساعد... تصريح جعل الغرايري يرمي المنديل ويعلن الاستقالة بما أنّ خطّة التغيير جاهزة وستطال كذلك المدرّب المساعد أنيس بوجلبان... في الأثناء يتدخّل المنصف خماخم بدعم شخصي من المنصف السلاّمي ويدعو الغرايري للعودة إلى تدريب الفريق بصفة وقتية مع عقد ندوة صحفية فاجأت كلّ العائلة الصفاقسية تحدّث خلالها الغرايري عن مستقبله وعن البقاء في الفريق كمدّرب وقتي وهو توجّه باركه المنصف خماخم نائب الرئيس الذي كان وراء الندوة الصحفية وأبرز عناوينها... إلى هنا تبدو الأمور عادية جدّا لكن ما هو خفّي على جمهور النادي الصفاقسي هو أنّ «المنصفين» يرفضان إقالة غازي الغرايري لكنهما خشيا الوقوف في وجه الغضب الجماهيري المتصاعد في الآونة الأخيرة ضدّ الإطار الفنّي بدعم من الشقّ الثاني في الهيئة المديرة الذي يتحرّك دون علم الرئيس لطفي عبد الناظر لذلك مرّا «المنصفين» إلى مخطّط التنويم حيث برمجا من خلال الندوة الصحفية عودة «الغرايري» إلى موقعه ولو بعناوين مغايرة وهذه العودة لكن تكون وقتية كما يتخيّل البعض وقد تطول أكثر من اللزوم لأنّ «المنصفين» يدعمان «الغرايري» ويشترطان بقاءه ولن يفسحا المجال لوصول أيّ اسم جديد... حتى تكون الصورة أوضح وأشمل, هناك انقسام في الهيئة المديرة للنادي الصفاقسي وتحديدا في المواقع الخلفية فهناك من يريد إقصاء الغرايري لأنّ الرجل محسوب على «المنصف السلامي» وهناك من يسعى للتخلّص من «بوجلبان» لأنّه «يحشر» نفسه في الميركاتو وفي سوق المعاملات والانتدابات فضلا على أنّه يتبع كذلك «السلامي» و»خماخم» وعليه تحرّكت الماكينة لتمرير مخطّط التغيير لكن جبهة الرفض تحرّكت في المقابل وأعادت الأمور إلى نصابها ولو لحين... ولا يعرف حقيقة إلى أين ستسير الأمور في الفريق في ظلّ معركة النفوذ التي تنكشّف ملامحها يوما بعد يوم...؟؟؟