التونسية (تونس) تصدّى المشرع التونسي للجرائم الجنسية بأنواعها بالمجلة الجزائية، حيث جرّم الاغتصاب والمفاحشة والتجاهر بما ينافي الحياء واللواط والمساحقة والفرار بقاصرة والمواقعة برضا الفتاة التي لم تبلغ سن الرشد... فضلا عن الزنا والخناء والزواج على خلاف الصيغ القانونية. وتعتبر هذه الحماية الجزائية التي تهم مبدئيا المرأة والرجل، الكبير منهما والصغير على السواء، حماية معتبرة لحقوق المرأة بالخصوص في حفظ كرامتها وشرفها ومعاملتها معاملة حضارية وانسانية لائقة، دون أي تمييز أو استغلال. وقد جرم المشرع التونسي التحرش الجنسي، لما فيه من انتهاك لحرمة المرأة الجسدية والمعنوية، ويعرّف الفصل 226 ثالثا من المجلة الجزائية مفهوم التحرش الجنسي ب «الإمعان في مضايقة الغير بتكرار أفعال أو أقوال أو إشارات من شأنها أن تنال من كرامته وأن تخدش حياءه وذلك بغاية حمله على الاستجابة لرغباته أو رغبات غيره الجنسية أو ممارسة ضغوط عليه من شأنها إضعاف إرادته على التصدي لتلك الرغبات»، هذا التعريف القانوني حدد المعايير الضرورية لإثبات الجريمة وهي التكرار في المضايقة، التصرف بالأفعال والأقوال وحتى الإشارات، وجود الغاية الجنسية لإشباع رغبة الشخص المتعمّد التحرّش أو رغبة الغير. زنا المحارم زنا المحارم هو كل علاقة جنسية كاملة بين شخصين تربطهما قرابة تمنع العلاقة الجنسية بينهما طبقا لمعايير ثقافية أو دينية، وعلى هذا تعتبر العلاقة بين زوج الأم وابنة زوجته علاقة محرمة على الرغم من عدم وجود رابطة دم بينهما، ولعل أبرز القضايا، التي هزت الشارع التونسي قضية بلقيس (27 سنة)، والتي أغتصبت من قبل أخيها (37 سنة)، وتعذيبها، أو قضية المرأة التي أنجبت طفلا من علاقة جمعتها بخالها. القانون التونسي حدد المشرع التونسي العقوبات المتعلقة بالإغتصاب من الفصل 227 إلى الفصل 229 من المجلة الجزائية، وقد نص على أنه يعاقب بالإعدام كل من واقع أنثى باستعمال العنف أو السلاح أو التهديد به ويعاقب بالسجن بقية العمر كل من واقع أنثى دون رضاها دون إستعمال العنف أو السلاح، إلا أنه على مستوى التطبيق فإن عقوبة جرائم الاغتصاب تترواح بين 10 و15 عاما سجنا. ويعاقب بالسجن مدة 6 أعوام كل من واقع أنثى دون عنف سنها دون 15 سنة، وإن كان سن المجني عليها فوق 15 ودون العشرين سنة كاملة فالعقاب يكون بالسجن مدة 5 سنوات، والمحاولة تستوجب العقاب، وزواج الفاعل بالمجني عليها يوقف التتبعات وآثار المحاكمة، وتستأنف التتبعات إذا انفصم الزواج بطلاق محكوم به إنشاء من الزوج وذلك قبل مضي عامين من تاريخ الدخول بالمجني عليه. كما يعاقب بالسجن مدة 6 سنوات كل من اعتدى بفعل الفاحشة على شخص ذكر كان أو أنثى دون رضاه. ويرفع العقاب إلى اثني عشر عاما إذا كان المجني عليه دون15 عاما، كما يعاقب الإعتداء بفعل الفاحشة دون قوة على صبي أو صبية لم يبلغا من العمر 15 عاما بالسجن مدة 5 أعوام، ويكون العقاب ضعف المقدار المستوجب إذا كان المرتكبون للجرائم التي تم ذكرها من أصول المجني عليه أو المجني عليها من أية طبقة أو كانت لهم السلطة عليه أو كانوا معلميه أو في خدمته..... كما يعتبر التحرش الجنسي جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن بعام أو بخطية قدرها ثلاثة آلاف دينار، ويمارس التحرش الجنسي غالبا في أماكن العمل والتدريس، ويمكن إثبات التحرش الجنسي، بكل وسائل الإثبات، إذ يتمّ عادة بالرجوع إلى وسائل الإثبات العادية المقبولة في المادة الجزائية من شهادة شهود واعتراف وغيره، إلا أن هذه المسألة تطرح إشكالية على مستوى صعوبة الإثبات وذلك في صورة وقوع التحرش الجنسي والمضايقات في مكان خاص وغير مفتوح للعموم وكذلك عند وقوع التحرش الجنسي بالأقوال. ففي هذه الحالات يمكن الاستناد إلى الوسائل التكنولوجية الحديثة من تصوير وتسجيل صوتي. ويبقى الأمر خاضعا لاقتناع وجدان المحكمة في كل الأحوال. أما في ما تعلق، بنسب ضحايا زنا المحارم، فإن القانون التونسي يجرم القضايا المتعلقة بالتحرش والاغتصاب وغيرها، إلا أن البعض يرى أنه ما زال يعاني نقصا في هذا المجال، حيث أن القانون التونسي جرم «الاغتصاب والمفاحشة والتجاهر بما ينافي الحياء واللواط والمساحقة والفرار بقاصرة والمواقعة برضا الفتاة التى لم تبلغ سن الرشد، فضلا عن الزنا والخناء والزواج على خلاف الصيغ القانونية». رأي المختصين في علم الجنس المختصون في علم الجنس يؤكدون، أن الجرائم الجنسية، متعددة ومتعددة جدا، هناك العديد من جرائم التي تحدث في تونس، لها خلفية جنسية كاغتصاب الزوج لزوجته، في بعض الأحيان، التي ترفض فيها الزوجة القيام بالعملية الجنسية، باعتبار أن العلاقة الجنسية العادية يجب أن يتوفر فيها شرط القبول و الرضا و دون حضور هذه الأركان تصبح جريمة اغتصاب، إلا ان ما يحدث في تونس اليوم هو أن المشرع التونسي، لا يجرم مثل هذه الممارسات، كما اعتبروا أن جرائم الاغتصاب هي جرائم قديمة الا أنها كانت من الجرائم المسكوت عنها و جرائم الاغتصاب كانت تمارس حتى من قبل السلطة في عهد النظام السابق. ويؤكد الإختصاصيون في الطب النفسي أنه لا يمكن التسليم بأن شخصا سليما قادر على إتيان جرائم بكل تلك القسوة والوحشية وممارسة هذا العنف الجنسي، ويؤكد الأطباء أن المغتصب أو الجاني يمكن أن يكون قد تعرّض لهذا النوع من العنف أثناء فترة الطفولة، أي أنه عاش التجربة وأنه ضحية ترفض محاكمة جلادها وتفضّل الصمت وإعادة إنتاج تجربتها في صورة جديدة يكون فيها هو الجاني وليس الضحية. كما أن غياب التربية الأخلاقية والدينية له تأثير مباشر على نفسية المعتدي إلى جانب إستهلاك المخدرات والكحول، لتسقط الحدود وتكون الضحية في بعض الأحيان الأم أو الأخت أو الإبنة. أما المغتصبة، خاصة التي لا تدافع عن نفسها وتلتزم الصمت خوفا من الفضيحة وملاحقة الأعين لها، فلا تحاكم مغتصبها ويلازمها الشعور بالذنب. أما التأثيرات النفسية فأولها وجود مشاكل بين الأزواج كالبرود الجنسي، والرغبة في الإجهاض، والعقم لأسباب نفسية، فيما تعزف أخريات عن الزواج، ليصل الأمر ببعضهن إلى التفكير في الإنتحار. ويقول المختصون في علم النفس والجنس، إن الأضرار المنجرّة عن زنا المحارم تختلف باختلاف الأعمار وبحسب العلاقة بالجاني، وأيضا السن. فتأثر البنات الناضجات والنساء بالجريمة يكون أقل من تأثر البنات الصغار لأن الزنا في هذه المرحلة العمرية ينتهك براءة البنت الصغيرة، حيث يرافقها الشك طوال حياتها في كل من تتعامل معه وإذا لم تحصل على العلاج المناسب فإن هناك احتمالا قويا بأن تصبح باغية أو تهرب من الأسرة إلى الضياع، وإذا تزوجت وأصبحت اما فإنها عادة ما تكون غير قادرة على إرضاع طفلها أو منحه ما يحتاج من حنان وحب. كما تختلف الآثار الناتجة عن زنا المحارم بحسب العلاقة بين الجاني والضحية وذلك من جانب عمق هذه الآثار والمدى الذي تستغرقه، فآثار زنا المحارم الذي يكون طرفاه الأب والابنة تتعدى الآثار المترتبة عنه من شعور بالوحدة والإحساس بالذنب والعار والحزن والضياع إلى قابلية المرض وخصوصا القلق الجنسي، فقد تظهر نتائج هذا القلق الجنسي عند زواج البنت فتجد نفسها غير قادرة على الاستمتاع بالجماع وأحيانا النفور منه أضف إلى ذلك النوم المضطرب والكوابيس والعواطف الفاسدة والعزلة الاجتماعية وتوارد فكرة الانتحار وتعاطي المخدرات بغرض الانعزال. هذا ما يفسر ويؤكد أن زنا المحارم يؤدى غالبا إلى نتائج مدمرة للشخص والمجتمع على حد سواء...ويعزى زنا المحارم حسب دراسات نفسية إلى غياب الأنا الأعلى. فالحياة النفسية هي على شاكلة جهاز نفسي يتألف من «الهو» - الأنا - الأنا الأعلى، فالهو يمثل مركز الغرائز والدوافع والميولات والرغبات والشهوات. أما الأنا الأعلى فيمثل سلطة المجتمع والثقافة وهو يحدد الخير والشر ويفرّق بين ما هو مقبول وماهو غير مقبول وما هو معترف به في التقاليد والأعراف وما هو غير معترف به. أما الأنا فيمثل شخصية الفرد أو الذات وهو يحاول أن يوفق بين رغبات الهو ومطالب الأنا الأعلى والشخص غير السوي هو الذي يتغلب فيه الهو على الأنا الأعلى. فمرتكب جريمة زنا المحارم انسان ذو شخصية مضطربة وغير سوية متأثرة في أغلب الأحيان بأحداث الطفولة الأولى، حيث أن هؤلاء الأشخاص عادة ما يكونون قد تعرضوا للاعتداء أو التحرش الجنسي الذي قد يكون في المدرسة أو الأسرة بمعنى كل أماكن الخطر، إضافة إلى الحرمان العاطفي في هذه المرحلة الحساسة والتي تدخل في تكوين شخصية الفرد.