فوجئ عدد كبير من المترشحين لمناظرة «الكاباس» دورة جوان 2015 بعدم قبول ملفات ترشحهم. وبعد أن توجهوا لسحب استدعاء إجراء اختبار الأسئلة المتعددة طالعتهم الإجابة التالية : « أنت غير مدعو لإجراء اختبار مرحلة القبول الأولي فقد تم رفض ترشحك للسبب التالي : شهادة علمية غير مطلوبة» . ورغم تعدد أسباب الرفض نزل الخبر كالصاعقة على المترشحين الذين رفضت ملفاتهم وهو ما أثار عديد الأسئلة حول شفافية الإجراءات التنظيمية لهذه المناظرة التي ينتظرها الكثيرون بفارغ الصبر، وخاصة منها الغموض الذي أحاط بفحوى الإجابة المتحدثة عن شهادات علمية «غير مطلوبة» أو غير مطابقة لاختصاص الترشح. «التونسية» حاولت الخوض في الموضوع من مختلف جوانبه وحاورت بعض المترشحين الذين رفضت مطالبهم. أروى العثماني أصيلة مدينة حمام سوسة متحصلة على شهادة تقني سامي في المحاسبة منذ سنة 2007 وتبلغ من العمر 30 سنة تمّ رفض ملف ترشحها بدعوى عدم « تطابق الشهادة مع اختصاص المادة» ، تقول محدثتنا إنها ترشحت لمناظرة انتداب أساتذة التعليم الثانوي (مادة الاقتصاد و التصرف ) ولكنها لم تفهم بعد سبب رفض ملفها مضيفة «لا يوجد مبرر واضح لرفض ترشحي فأي معنى لتعبير شهادة علمية غير مطلوبة ، وهل يعني ذلك أن وزارة التربية ضربت بشهائدنا عرض الحائط بعد سنوات الدراسة وسنوات البطالة الطويلة المريرة »؟ تطرح أروى التساؤل في حسرة و حرقة كبيرتين مستنكرة تصرف الوزارة الذي اعتبرته « تمييزا سلبيا وإقصاء متعمدا» لحق مشروع ، مطالبة إياها بإرجاع مبلغ الخمسة عشر دينارا وبتوضيح إجراءات ومقاييس وشروط إجراء مناظرات الانتداب الخاصة بها حتى يكون التناظر خاضعا لمبدإ الشفافية والمساواة . تحديث مراحل التناظر أما خولة فضيلة التي تبلغ من العمر 24 سنة أصيلة معتمدية مكثر من ولاية سليانة ومتحصلة على الشهادة الوطنية للإجازة الأساسية في التاريخ سنة 2014 فقد شاركت في مناظرة انتداب أساتذة المدارس الابتدائية ووقعت في نفس المشكلة ولكن بطريقة أخرى حيث وجدت عبارة « رقم بطاقة التعريف المدرج غير مسجل في هذه المناظرة» وذلك بعد أن همت بسحب الاستدعاء الخاص بها . واستنكرت خولة الإشكالات التقنية المرافقة لإجراءات التسجيل مطالبة وزارة التربية بتحديث و تحيين وتعصير مراحل التناظر ، قائلة « ما هو ذنبي إن كان الحاسوب قد أخطأ ولم يسجلني في قاعدة البيانات ، لقد قدمت أوراقي كاملة للمندوبية الجهوية للتربية ولا مبرر لعدم استدعائي» . وطالبت خولة وزارة التربية بإرجاع معلوم المشاركة في المناظرة داعية بالهداية لمصالح الوزارة التي «لم تهتد إلى الحلول الكفيلة بفض الإشكال المتعاقب منذ سنوات طويلة» وفق تعبيرها . مدير عام المرحلة الأولى من التعليم الأساسي يوضح و حتى نعطي كل ذي حق حقه اتصلنا بكمال الحجام مدير عام المرحلة الأولى من التعليم الأساسي بوزارة التربية فأفادنا بعدد المطالب المتعلقة بالمناظرة الخارجية لانتداب أساتذة المدارس الابتدائية التي تم إيداعها بصفة رسمية بلغت 97 ألفا و 375 مطلب . واضاف أنه تم قبول 85 ألفا و 131 مطلب ورفض 6442 مطلبا في مرحلة أولى، وانه وقع في مرحلة ثانية التدقيق في الملفات المرفوضة من قبل اللجنة الوطنية للمناظرة بتونس العاصمة فأفضت عملية التدقيق إلى قبول 105 مطالب من 6442 ملف ترشح مرفوض. وقال محدثنا أن أسباب الرفض تعلقت بعدم استجابة المترشح لأحد شروط المناظرة المنصوص عليها في قرار الفتح أو بعدم مطابقة الشهادة العلمية ( إجازة أساسية أو تطبيقية) للأمر 3123 الذي يحدد شروط الحصول على الإجازة في نظام «امد»، ويعني ذلك أن الإجازات المتحصل عليها خارج نظام «امد» لا تخول لصاحبها المشاركة في هذه المناظرة وهو شرط من شروط الانتداب في الوظيفة العمومية فرع (أ2) حسب قول الحجام . «ضريبة الحق في التشغيل» و بما أن الموضوع يهم المعطلين عن العمل اتصلنا بجمال الدين مذكور الكاتب العام الوطني للرابطة التونسية للدفاع عن أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل الذي انتقد مناظرة «الكاباس» برمتها معتبرا أنها لا تراعي مصلحة المعطل عن العمل بتاتا وأنها في نظره عملية «نصب واحتيال» يمول فيها المعطل وزارة التربية دون أن ينتفع حتى بإجراء الاختبار الذي يظل «شكليا» حسب رأيه ، مشددا على اللبس الكبير في الموضوع ومتسائلا ما معنى «شهادة علمية غير مطلوبة؟» هل تضرب وزارة التربية وزارة التعليم العالي و إذا صح ذلك فانه أمر لا يقبله المنطق أو العقل» . و أكد أن الوزارة لا تطبق مبدأ أو قانون تساوي الفرص في الانتداب بالوظيفة العمومية مطالبا بإرجاع الخمسة عشر دينارا التي سماها «ضريبة الحق في التشغيل» . وعن الحلول التي يراها مناسبة لانفراج « أزمة الكاباس» قال مذكور أن الوزارة يجب أن تسعى لوضع مقاييس جديدة و تجلس مع منظمات المجتمع المدني و النقابات المهنية من أجل الحوار ووضع شروط تكفل حقوق الجميع في إطار القانون و الدستور الذي نص على الحق في التشغيل . يُذكر أن عدد المراكز المفتوحة للتناظر في مناظرة المعلمين بلغت 2645 مركزا، فيما بلغ عدد المراكز المتناظر عليها في مناظرة انتداب أساتذة التعليم الثانوي وأساتذة التعليم التقني و الفني والسلك المشترك لمدرسي اللغة الأنقليزية و الإعلامية 1900 مركز . ورغم اقتراب إجراء مرحلة القبول الأولي (يوم الأحد 10 ماي) تبقى الضبابية و الغموض يحيطان بتلك الإجابة المبهمة (شهادة علمية غير مطلوبة) و التي أفزعت بالخصوص المترشحين لمناظرة أساتذة الثانوي .