التونسية (تونس) تحتضن اليوم العاصمة الايفوارية حدثا اقتصاديا وسياسيا بارزا بامتياز يتمثل في انتخاب رئيس احد ابرز البنوك العالمية وهو البنك الإفريقي للتنمية حيث يتنافس (8) ثمانية مرشحين من بينهم امرأة على تبوؤ ابرز منصب حاليا في صنع القرار في القارة السمراء. وستدور انتخابات رئيس البنك الإفريقي على هامش احتفال المؤسسة المالية الإفريقية بالذكرى الخمسين لإحداثها في ظرف تشهد فيه القارة الافريقة تحولات اقتصادية عميقة وجذرية على درب تطوير البنية التحتية والنهوض بالموارد البشرية وبالخصوص الاستفادة من الصحوة التنموية التي تشهدها عدة دول افريقية بتحقيقها نسب نمو اقتصادي تصل إلى مستوى 5 بالمائة سنويا. ومن الصعب جدا التكهن مسبقا باسم المرشح الذي سيخلف الراوندي دونالد كابيروكا الذي تسلم رئاسة البنك الإفريقي للتنمية في 2005 وانهى ولايته الثانية. ويمثل تونس ضمن هذا السباق وزير المالية الأسبق (2011) جلول عياد الذي خاض حملة انتخابية تركزت بالأساس على الصعيد الوطني من خلال تلقيه الدعم والمساندة من قبل رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ومختلف الكتل البرلمانية بمجلس نواب الشعب. غير ان الأصداء الواردة علينا من أبيدجان تفيد بأن حظوظ جلول عياد لا تبدو وافرة وفي أقصى الحالات قد يتخطى الدور الثاني فقط أمام قوة اللوبيات الإفريقية على الرغم من الثقل السياسي التونسي في هذه الانتخابات التي ستكون ساخنة وستحسم بالتأكيد في الكواليس من طرف المساهمين الثمانين (54 بلدا إفريقيا و26 بلدا غير إفريقي). وبالتوازي مع إجراء جلول عيّاد حملته الانتخابية في عدة دول افريقية فان رئاسة الجمهورية قامت من جهتها بمجهود في الغرض من خلال تعيين مبعوث خاص في الغرض جاب عدة دول افريقية لمزيد التعريف بمرشح تونس ودعمه فضلا عن مواصلة تنشيط الديبلوماسية التونسية المتواجدة في إفريقيا. وقد حل يوم أمس وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي ياسين إبراهيم رفقة عادل بن علي إطار بالوزارة المكلف بالتعاون مع البنك الإفريقي للتنمية من اجل المشاركة في أشغال البنك وبالخصوص مساندة جلول عياد. وتجدر الإشارة حسب المعطيات المستقاة من الوزارة إلى أنّ ياسين إبراهيم قد قاد بدوره حملة لفائدة مرشح تونس من خلال استقبال العديد من الضيوف والشخصيات الإفريقية لدعم مرشح تونس في رئاسة البنك. وفي ظلّ معلومات تؤكّد أن المسألة قد تكون قد حسمت لأحد مرشحي دول جنوب الصحراء على حساب مرشح شمال إفريقيا، سيجد ممثل تونس منافسة شرسة وكبيرة من ممثلة الرأس الأخضر كريستينا دوارت والنيجيري اكينومي اديسينا والتشادي بيدومرا كوردجي والمالي بيراما سيديبا والسيراليوني أمورا كامارا إلى جانب الزمبابوي زوندو طوماسكالا والإثيوبي اتو سفيان احمد والتشادي بيدومرا كوردجي . وحسب تقارير إعلامية فان مرشح التشاد يحظى بحظوظ وافرة رفقة ممثلة الرأس الأخضر وفق استطلاع للرأي أجرته المجلة الاقتصادية «فايننشال تاميز». ويتم وفق الفصل 36 من اتفاقية إحداث البنك الإفريقي للتنمية انتخاب رئيس البنك بنسبة 50.1 بالمائة على الأقل من الأصوات المخصصة للدول الأعضاء الإقليمية و50.1 بالمائة من الأصوات المخصصة للدول الأعضاء الإقليمية وغير الإقليمية. ويعتزم جل المرشحين عبر برامجهم الانتخابية تنويع أنشطة البنك الإفريقي للتنمية بما يتخطى دوره التقليدي بصفته مصرفا للتنمية يقدم قروضا لمشاريع كبيرة، من خلال تمويل نفسه بسهولة مستفيدا من سمعته الجيدة التي كرسها حصوله على تصنيف (A A A). وأكد مرشح تونس لرئاسة البنك الإفريقي للتنمية جلول عياد في تصريحات إعلامية سابقة انه تلقى الدعم المادى وخاصة المعنوي من قبل المجتمع المدني والحكومة والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة لمساندته في حملته الانتخابية. وأفاد عياد خلال ندوة صحفية عقدها اليوم بتونس للتعريف بمسيرته وأهداف حملته الانتخابية أن رئيس الجمهورية كان قد أرسل مبعوثين للدول الأعضاء في البنك الافريقي لدعم ترشحه مع تكليف السفراء في الخارج بنشر برنامج حملته الانتخابية الذي يتضمن رؤيته لإفريقيا والبنك. وبيّن أنّ هذه الحملة التي انطلقت منذ سنة ونصف تقريبا قد تدعمت أيضا من خلال شبكات خاصة نشيطة وفعالة متكونة من عدد كبير من الشباب الناشط عبر الشبكات الاجتماعية ومجموعات من رجال الأعمال والجمعيات على غرار جمعية النساء التونسيات. وعبر عياد عن أمله فى الحصول على مساندة بلدان شمال إفريقيا خاصة انها تمتلك 19 بالمائة من رأس مال البنك حتى يتمكّن من تخطي الدورتين الأولى والثانية. ويهدف البرنامج الانتخابي لجلول عياد بالخصوص إلى تحقيق منوال تنمية عادل وتطوير البنية التحتية في البلدان الإفريقية إلى جانب دفع القطاع الخاص ودعم رأس المال البشري. كما يرمي البرنامج إلى منح المرأة الإفريقية كافة حقوقها بالتأكيد على استكمال دراستها ورفع مكانتها مع المحافظة على الثقافة الإفريقية ودعمها وتعزيز تعامل البنك مع المجتمع المدني. وأشار جلول عياد إلى ضرورة حصوله على الأقل على 51 بالمائة من أصوات البلدان الإفريقية و51 بالمائة من أصوات البلدان الأعضاء الإفريقية وغيرها لضمان توليه رئاسة البنك الإفريقي. يُشار إلى أنّ تونس احتضنت مقرّ البنك الإفريقي للتنمية أكثر من 10 سنوات وأنّ البنك عاد إلى مقرّه الأصلي بأبيدجان عام 2014.