في ظلّ تأزم الأوضاع في الجنوب التونسي ومع تواصل الاحتجاجات والإحتقان السائد في عدة مدن كقبلي والفوار ودوز ...وبعد سيطرة «داعش» على عدة مدن استراتيجية ليبية حذّر عديد الخبراء من تنامي المخاطر التي قد تمهد الطريق أمام ««داعش»» للتسلل إلى الجنوب التونسي ،معتبرين أن الأحداث الحاصلة في الجنوب هي مجرّد محاولات من قبل هذه الجماعات لجس النبض وتمهيد الطريق أمام أنصارها للتمركز وتمرير الأسلحة. كما لم تستبعد مصادر أخرى أن تكون هناك خلايا «داعشية» نائمة في الجنوب وأنّها هي التي تعمل على بث الفوضى في انتظار اللحظة المناسبة للتحرّك. صحيح أن الرأي العام في الجنوب وفي ولاية قبلي تحديدا ضدّ العنف وضد حرق المراكز وضد الاعتداءات التي وقعت على المنشآت العمومية لكن تسلل عناصر مشبوهة واندساسهم وسط المحتجين بدأ يثير مخاوف أهالي الجنوب وحتى الأوساط السياسية التي بدأت تتحدث عن محاولات ل«داعش» للوصول إلى الجنوب التونسي. وفي هذا الصدد، قال محمد الفاضل بن عمران رئيس كتلة حزب «نداء تونس»، إنّ احتجاجات الأهالي في قبلي كانت سلمية وتعبير من المحتجين عن شواغلهم ومطالبهم، ولكن أطرافا أخرى تدخّلت فيها واستغلت الفرصة من أجل إثارة الفوضى والعنف. وأكدّ بن عمران انه وقع تحويل وجهة الاحتجاجات من طرف أشخاص غرباء عن المنطقة، مبينا ان المعروف عن هؤلاء الغرباء أن لديهم نزعات جهادية. مخاوف حقيقية ... وأضاف عمران «لديّ مخاوف حقيقية، وهذا ليس من باب التهويل لأنّ تنظيم «داعش» على بعد كيلومترات من الحدود التونسية، صحيح أنّ التعبير عن الشواغل التنموية أمر مشروع ولكني أعتبر أن رفع الرايات السوداء يتجاوز ولاية قبلي وأهالي قبلي .» وأكدّ أنّ الرأي العام في الجنوب وفي ولاية قبلي تحديدا ضد العنف وضد حرق المراكز والاعتداء على المنشآت العمومية ،معتبرا أن الأهالي هناك أبعد ما يكونون عن هذه التنظيمات الإرهابية، وقال بن عمران انه لمس خلال زيارته إلى قبلي تخوفات حقيقية من الأهالي من العمليات الحاصلة بالجهة. واعتبر أن الهدف من ورائها قد يكون جس الجماعات الارهابية النبض ومعرفة مدى جاهزية السلطات الأمنية هناك. وقال إن ما يحدث من اعتداءات غير مقبول وان على الجميع الوقوف صفا واحدا للدفاع عن بلادهم وحمايتها. الاحتجاجات تغذّي الإرهاب من جهته قال علية العلاّني الخبير في الجماعات الإسلامية إنّ توغل «داعش» في الجنوب قد لا يكون مطروحا في المدى القريب ولكن إذا استمرت الإحتجاجات في الجنوب التونسي فإن الاختراق يظل ممكنا. وأضاف ان الاحتجاجات تحمل ظاهريا مطالب مشروعة لكنها تخفي باطنيا أجندا رهيبة ،واعتبر انه من سوء الحظ أنّ ما لم يفعله أنصار الشريعة وكتيبة عقبة ابن نافع من تحركات يمكن أن تفعله بعض التيارات السياسية في تونس . واعتبر العلاني أن للمتظاهرين العاديين حق المطالبة بالتنمية والتشغيل ومعرفة حقيقة الثروات في تونس، مبينا أن مختلف المطالب التنموية تتم في إطار منظم أي في إطار خطة قصيرة المدى وأخرى بعيدة المدى. وقال الخبير في الجماعات الإسلامية إنّه بعيدا عن المحتجين العاديين فإن بعض المندسين الآخرين تحرّكهم أجندات وحسابات حزبية داخلية وإقليمية معادية للمصلحة الوطنية . وشدّد على ان هناك عدة تقارير تشير إلى وجود ووجوه غريبة في المظاهرات عن الجنوب وأن ذلك يعكس وجود لوبيات تتكون من الإرهابيين والمهربين وأن من مصلحة هؤلاء تعكير الأجواء في الجنوب. الخلايا الإرهابية وراء بث الفوضى؟ وقال إنّ لدى الإرهابيين مخاوف من نجاح الحوار الليبي الذي انطلق أمس في المغرب، مؤكدا انّ من شأن تكوين حكومة وحدة وطنية في ليبيا تهديد التيارات الإرهابية التي يبدو أنها بدأت تتحرك وتبحث عن مكان لها خارج ليبيا. وكشف العلاني أنّ هذه المخاوف تدفع الجماعات الإرهابية الى التنسيق مع خلاياها النائمة في تونس والتي تعمل على إرباك الأوضاع الأمنية في الجنوب التونسي وحرق المقرات الأمنية واستهداف الأمنيين وبث الفوضى. وأضاف أنه في ظل الفوضى يمكن لمثل هذه الجماعات استغلال الفرصة لادخال السلاح وحتى تمكين الإرهابيين من التسلل وتقديم الذخيرة الى المجموعات المتمركزة في تونس . وقال إنّ العمليات الأمنية الأخيرة بيّنت ان الأسلحة التي تم العثور عليها كانت بلا ذخيرة ،مبينا أن المجموعات الإرهابية تفتقد الى كميات من الذخيرة لتواصل شن عملياتها. «الدواعش» يقتربون من الحدود وأشار العلاّني الى أن مختلف هذه المؤشرات تؤكد ان الدواعش بدؤوا يقتربون من الحدود التونسية ،داعيا إلى الحذر وتطبيق القانون على كل من يعمل على زعزعة أمن تونس مهما علا شأنه ،معتبرا أن من يعمل على إرباك الأمن يعتبر خائنا للوطن في ظلّ المخاطر المتوقعة. ولم يستبعد العلاني أن تكون للمهرّبين أيضا بعد تشديد الرقابة عليهم يد في زرع الفوضى في الجنوب ليتمكنوا من استعادة نشاطهم . واعتبر العلاني انّه مطلوب من الأهالي الوطنيين في الجنوب أن يقفوا بحزم ضدّ مثل هذه الأجندات المشبوهة ،داعيا الدولة إلى تطبيق القانون . وذكر العلاني أن «داعش» تحلم بتكوين إمارة إسلامية في ليبيا تهدد من خلالها دول الجوار، معتبرا أن محاولاتها التمدد والتوسع نحو شمال افريقيا تتمّ عن طريق ربط الصلة مع مكونات من «أنصار الشريعة» الليبية أوالتونسية وحتى مع «بوكو حرام» وغيرها من التنظيمات الإرهابية...وقال ان مراهنة «داعش» على ليبيا هي مراهنة استراتيجية في محاولة منها لوضع كل ثقلها لكي تكون لها ارض تابعة لها في ليبيا . وطالب محدثنا المجتمع المدني بالوقوف بقوة ضدّ كل النعرات الجهوية وضد محاولات بث الفوضى والمس من أمن تونس ومن المقرات السيادية لأن تونس للجميع وثرواتها للجميع .