٪45 من أصحاب المؤسّسات يعتبرون استشراء الفساد أوّل عائق ٪29 يتذمّرون من الإجراءات الإدارية.. و٪23 من الموارد البشرية ٪8 فقط من المؤسّسات تلجأ إلى «البورصة».. و٪92 غارقون في القروض ٪90 من الأعراف يعتبرون كلفة الاقتراض مجحفة ٪70 من المؤسّسات تشكو نقصا في المال المتداول التونسية (تونس) اختزل بحث ميداني أنجزته منظمة «كوناكت» مؤخرا التداعيات الخطيرة لمنحى الانفلات الذي عرفته البلاد بعد جانفي 2014 على جاذبية مناخ الأعمال وأوضاع المؤسّسات الاقتصادية في تونس. البحث الذي قدم صورة دقيقة حول وضع المؤسّسات الصغرى والمتوسطة PME جاء في شكل سبر آراء شمل عيّنة من 554 صاحب مؤسّسة صغرى أو متوسطة مثلت مختلف ولايات الجمهورية وتتوزّع بين قطاع الصناعة بنحو ٪37٫7 وقطاع الخدمات بنسبة ٪62٫3 وشكلت المؤسّسات الوطنية ٪89٫7 من المؤسسات التي شملها البحث فيما مثلت المؤسّسات الأجنبية نحو ٪10٫3. مستجدّات وحملت نتائج البحث الميداني عدة مستجدات من الوزن الثقيل لا سيما على مستوى تصنيف أصحاب المؤسّسات لأبرز معوقات الاستثمار في تونس حيث تصدرت المراتب الأولى العوامل التي استجدت أو تفاقمت خلال السنوات الأربعة الأخيرة. وفيما بدا عاديا أن يؤكّد ٪45٫8 من أصحاب المؤسّسات المستجوبة أن اضطراب الأمن وعدم الاستقرار بكل مكوّناته هو أوّل عائق أمام الاستثمار في تونس فقد أكدت نتائج ذات الاستجواب ارتقاء معطى الفساد والرشوة إلى المرتبة الثانية في سلم العوائق أمام الاستثمار الداخلي والأجنبي. الفساد في المرتبة الثانية ٪44٫9 من أصحاب المؤسّسات أجمعوا على أنّ معطى الفساد يمثل اليوم أول معرقل للاستثمار في تونس عقب التوسّع غير المسبوق الذي عرفه في السنوات الأربعة الأخيرة بالتوازي مع تردّي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتراجع هيبة الدولة وسلطان القانون. ومن جهة أخرى اعتبر ٪30٫7 من أصحاب المؤسّسات الصغرى والمتوسطة أن الإطار التنظيمي للمؤسّسات الصغرى والمتوسطة هو أهمّ عائق أمام تطوير الاستثمار فيما وضع ٪28٫9 من المستجوبين ثقل الإجراءات الإدارية والإطار التشريعي في مقدمة عوائق الاستثمار في تونس. وتجدر الإشارة إلى أنّ المعوقات الأربعة المذكورة اعتبرت ضمن الإشكاليات الظرفية أي التي تفاقمت في خضم الارتباك الذي عرفته سائر الأوضاع في السنوات الأخيرة. مساهمات اجتماعية وتطرّق الاستجواب في المقابل إلى جملة الإشكاليات التي كانت مطروحة قبل جانفي 2011 منبّها إلى أنّ ٪26 من الأعراف يعتبرون مستوى الضغط الجبائي والمساهمات الاجتماعية أكبر عائق أمام الاستثمار في حين وضع ٪22٫9 من أصحاب المؤسّسات المستجوبة الموارد البشرية في صدارة العوائق. فيما أكّدت نسبة مماثلة أنّ البنية الأساسية تظلّ أوّل معرقل لتوسّع الاستثمار. علاقة متوتّرة سلّط جانب مهمّ من البحث الميداني الأضواء على علاقة المؤسّسات الصغرى والمتوسّطة بآليات التمويل وأولها الجهاز المصرفي ليكشف في هذا الجانب عن تواصل إحدى أهمّ نقاط الضعف الهيكلية لقطاع الأعمال والنسيج الاقتصادي في تونس وهي هشاشة الهيكلية المالية الناجمة عن التعويل المفرط على الاقتراض البنكي وهيمنة الصيغة العائلية على النسيج الاقتصادي بشكل يحدّ من الاقتناع بجدوى الشراكة وفتح رأس المال كما تبيّن في هذا الصدد أنّ ٪52٫5 من المؤسّسات الصغرى والمتوسّطة غير مستعدّة لفتح رأس المال أمام المساهمين الجدد مقابل ٪43 عبّروا عن اقتناعهم بهذا التوجّه. عدم اقتناع كما كشف البحث الميداني عن علاقة سيّئة للمؤسّسات بالبنوك حيث اعتبر ٪83 من أصحاب المؤسّسات أنّ الإجراءات البنكية زادت تعقيدا منذ 2011 فيما أكد ٪71 عن عدم اقتناعهم بآليات التمويل القائمة كما اعتبر ٪90 من أصحاب المؤسّسات كلفة الاقتراض البنكي إمّا مكلفة أو مكلفة جدّا. كما بيّن البحث ضعف اللجوء إلى روافد أخرى غير الاقتراض البنكي إلى جانب التشتّت الحاصل في هذا المجال. ومن ذلك أنّ ٪13 يعتمدون على التمويل الذاتي فيما يلجأ ٪8٫1 من المؤسّسات إلى بنك القروض الصغرى والمتوسطة و٪7٫6 إلى بنك التضامن و٪4٫3 إلى شركات الإيجار المالي و٪3٫6 إلى شركات المخاطرة فيما تعتمد ٪4٫7 من المؤسّسات إمّا على آليات دعم التصدير أو على روافد تمويل المؤسّسات غير المقيمة وكشف البحث الميداني في السياق ذاته أن نحو ٪70 من المؤسّسات الصغرى والمتوسّطة تعاني من نقص في المال المتداول. نسب فائدة مشطة وانتقد أصحاب المؤسّسات من جهة أخرى تعقد الإجراءات البنكية وتشعبها واقترح ٪25 من أصحاب المؤسّسات التخفيض في نسب الفائدة فيما طالب ٪23 بمزيد من المرونة في إجراءات التمويل كما دعا ٪20٫3 من أصحاب المؤسّسات إلى التقليص في حجم الضمانات التي تشترطها البنوك لقاء صرف القروض. وإجمالا عبّر ٪61 من أصحاب المؤسّسات عن عدم رضاهم إزاء القوانين المتصلة بالنفاذ إلى خيوط التمويل فيما أجمع المستجوبون على ضرورة إعادة هيكلة الجهاز المصرفي. تقليص الكلفة وخلص البحث الميداني من جهة أخرى إلى أنّ انفتاح المؤسّسات الصغرى والمتوسّطة على السوق المالية عبر فتح رأس المال لمساهمين جدد سيقلّص من كلفة الاقتراض ويطوّر بالتالي تنافسية هذه المؤسّسات وقدرتها على مواكبة التطوّر التكنولوجي. كما سيؤدّي تزايد تعبئة الموارد من السوق المالية إلى إعداد هذه الأخيرة فرصة هامة للتطوّر بعد أن ظلّ دورها إلى حدّ الآن محتشما في ظلّ تركيز أغلب المؤسّسات على الاقتراض البنكي. يذكر أنّ المؤسّسات الصغرى والمتوسّطة تعدّ أول محرك للنموّ في تونس حيث تمثل قرابة ثلثي النشاط الاقتصادي ونحو ٪65 من إحداثات الشغل علما وأنّ عددها يناهز 11 ألف مؤسّسة وذلك باعتماد معيار البنك الدولي الذي يعرف هذا الصنف من المؤسّسات بأنها تلك التي تشغّل ما بين 10 و199 عاملا.