بامتياز المقتدرين وبحنكة من خَبِرَ مناخات اللقاءات القارية تمكن النجم الرياضي الساحلي سهرة أمس الأوّل من الخروج من موقعة الملعب الأولمبي برادس بانتصار ثمين مكّن أبناء المدرّب فوزي البنزرتي من المحافظة على صدارة المجموعة وإعلان النوايا الحقيقية في مسابقة رهانها لقب غاب عن خزائن فريق جوهرة الساحل منذ سنة 2006 وكان الجنرال آخر من قاد النجم للتتويج به... والانتصار على الترجي الرياضي أمام ثلاثين ألف من أنصاره وفي معقله لم يكن فوزا عاديا أو تحقّق بمحض الصدفة بقدر ما كان نتاجا لثقافة الانتصارات التي عرف فوزي البنزرتي كيف يدعمها ويقوّي أسسها... لأنّ من يجد نفسه مجبرا منذ الدقيقة الخامسة والثلاثين من المباراة بنقص عددي جرّاء الإقصاء القاسي الذي استهدف المهاجم البرازيلي دياقو أكوستا على إنهاء مباراة صعبة جدّا وأمام منافس من عيار الترجي الرياضي.. ومن يخسر جزء مهمّا من قوّته الدفاعية والهجومية بالإصابة التي حتّمت تغييرا اضطراريا للحركي حمدي النقاز.. ومن يقوى على تحمّل أعباء مقابلة بمثل ذلك الزخم التكتيكي وضد منافس بإمكانه أن يغيّر المعادلة في كل لحظة من عمر اللقاء لم يحقّق فوزا غنم به ثلاث نقاط فحسب بل هو أعمق من ذلك بكثير لأن تلك الروح المعنوية العالية التي خاض بها زملاء علية البريقي إنما تعبّر بوضوح عن قوّة شخصية وصلابة ذهنية واستراتيجية مبنية على قواعد متينة تؤكد جميعها على أنّ النجم الساحلي في موسم احتفائه بعيد ميلاده التسعين مقر العزم على إهداء أنصاره أكثر من فرحة لاحت بشائرها من ست نقاط أولى بعد مقابلتين تمهيدا لمربع ذهبي سيؤدّي نحو ودّ أميرة إفريقية متى استمرت كتيبة الجنرال بهذه الروح والقوة. «البنزرتي» يُوفي «البلبولي» حقّه في حديثه إثر المباراة وتحليله لمجرياتها قام المدرّب فوزي البنزرتي بإشارة جميلة ومعبّرة وعميقة عندما أكّد بأنّ مثل هذه الانتصارات لا يمكن أن تتحقّق إلا بوجود حارس كبير.. وما قدّمه أيمن البلبولي أمام الترجي الرياضي في سهرة أمس الأول أثبت مرة أخرى أنّه الأفضل في تونس وأكّد المعادلة التي تقول بأن النجم الساحلي قادر على الخروج مظفرا من أصعب المقابلات كلّما كان البلبولي في يومه.. لأن من يُبقي فريقه في المباراة ويُوقف أخطر العمليات الترجيّة يستحق فعلا ما قاله فيه المدرّب فوزي البنزرتي الذي لم يتعوّد على المجاملة.. مردود «بلبل» في لقاء أمس الأول أعاد إلى أذهان أحباء فريق جوهرة الساحل صورا تاريخية عن ملحمة لا تُنسى يوم 9 نوفمبر 2007 بستاد القاهرة أمام الأهلي المصري عندما كان البلبولي من صنّاع تتويج سيظل وشما في ذاكرة الجميع. «الطرابلسي» رجل الطوارئ أيمن الطرابلسي الذي طالت غيبته عن أجواء المقابلات جرّاء خروجه في وقت ما من حسابات المدرّب فوزي البنزرتي تحت ضغط عقد لم يحصل بشأنه الاتفاق لتمديده قبل أن ينتهي الاختلاف ويعود الدرّ إلى معدنه ويعود الطرابلسي من أوسع الأبواب لسببين لا ثالث لهما أو لهما أنّ هذا اللاعب قيمة فنية ثابتة وما كان الصفاقسي والإفريقي رغبا في انتدابه لولا اليقين بكفاءته الكروية وثاني الأسباب اقتناع الجنرال بهذا اللاعب الذي كسب به رهان بداية الموسم الفارط عندما حوّله إلى ظهير أيمن أدّى المهمّة بكثير من الإقناع.. وأمام الترجي الرياضي في سهرة أمس الأوّل وفي لحظة مفصلية من اللقاء وحين أصيب حمدي النقّاز ولم يعد قادرا على المواصلة ألقى البنزرتي بأيمن الطرابلسي في أتون مباراة مشتعلة نجح فيها وقام بواجبه ولم يخسر أيّ حوار ثنائي وكان ثابتا في كلّ تدخلاته.. هذا هو الصّامت أيمن الطرابلسي... بركان على الميدان وورقة فنية لا يعرف قيمتها الا الجنرال. هل ظلم «أوتوقو» النجم؟ الغابوني إيريك أوتوقو خسر معه النجم الساحلي مباراة 16 ماي الفارط في ملعب محمد الخامس بالدار البيضاء أمام الرجاء ومع ذلك فقد شكره مسؤولو النجم لأنه كان جيدا ولم يظلم زملاء علية البريقي.. ولكن في مباراة أمس الأوّل ضد الترجي الرياضي جاءت قرارات أوتوقو قاسية على النجم خاصة في لحظة إقصائه للبرازيلي دياقو أكوستا الذي كان في وضعية المستفيد من مخالفة قبل أن يستفزه حسين الراقد ليقع البرازيلي في خطأ كان يستحق عليه الورقة الصفراء ولكن إيريك أوتوقو رأى في الإقصاء القرار الصوّاب وهو ما حمل العديد من أنصار النجم على اعتبار ذلك قاسيا جدا وقد يكلّف الفريق خسارة مهاجمه الأجنبي في مقابلتين على الأقل بمعنى أن النجم سيُحرم في لقاء القاهرة ضد الأهلي المصري من بغداد بونجاح ودياقو أكوستا معا. «كوم» و«بن عمر» يغيبان عن لقاء الأهلي دائما مع مردود الحكم الغابوني إيريك أوتوقو الذي كان سخيّا في توزيع الإنذارات.. فإلى جانب إقحامه للبرازيلي دياقو أوكستا أتت قرارات أوتوقو بحرمان النجم الساحلي من خدمات وسط ميدانه الدفاعي ذلك أن فرانك كوم ومحمد أمين بن عمر سيغيبان معا عن لقاء 26 جويلية ضد الأهلي المصري وإذا أضفنا إليهما غياب بغداد بونجاح ودياقو أكوستا سيكون فريق جوهرة الساحل محروما من خدمات ما لا يقل عن أربعة من ركائزه رغم اليقين بأن المدرّب فوزي البنزرتي سيجد الحلول لأنه ببساطة مختصّ بامتياز في ذلك وهو الذي تعوّد أن يحوّل نقاط الضعف إلى نقاط قوّة. لا خوف على «النقّاز» الظهير الأيمن حمدي النقاز الذي شكل طيلة مدة وجوده على الميدان في مباراة أمس الأول ضد الترجي ثقلا على دفاع المكشخة قبل أن تحكم الإصابة بتعويضه بأيمن الطرابلسي... وأمام القيمة المضافة للنقاز فإن إصابته ارتعدت معها فرائص الجميع قبل أن تثبت الفحوصات الطبية الأولية بأن إصابة النقاز لا تبعث على القلق.. فقط شيئا من الراحة ليعود حمدي إلى التمارين مع زملائه. ماذا وراء غياب «المويهبي» ؟ كان في الحسبان أن يعوّل المدرّب فوزي البنزرتي في قمّة أمس الأوّل ضد الترجي الرياضي على خدمات المهاجم يوسف المويهبي لكنه في الأخير فضّل الاعتماد على مهاجم وحيد وهو البرازيلي أكوستا مقابل تعزيز وسط الميدان بحمزة لحمر في خطة صانع ألعاب ومتوسّط ميدان دفاعي عندما تكون الكرة في حوزة الترجي الرياضي.. وعند إقصاء المهاجم البرازيلي انتظر الجميع أن يكون المويهبي في الموعد ولكن البنزرتي اختار أمير العمراني وأبقى على المويهبي على مقعد الاحتياط.. وهو اختيار أثار العديد من التساؤلات عما إذا كان التوجه وقتي لا غير من المدرّب فوزي البنزرتي أم لا خاصة وأن المويهبي بقي في الموسم الفارط لفترة احتياطيا قبل أن يعود من الباب الكبير وكان أفضل هدّاف إذ تكفي الحصيلة التي سجلها (11 هدفا) في مرحلة الإيّاب لتقيم الدليل على قيمته الفنية الثابتة.