انطلقت الندوة الدولية التي ينظمها الاتحاد الجهوي للشغل بتونس التي ستتناول بالدرس والتحليل «دور النقابات في الانتقال الديمقراطي» من خلال استقراء بعض التجارب النقابية المقارنة لاستجلاء أفضل ما فيها من دروس . وكان حسين العباسي قد افتتح هذه الندوة المهمة مبينا أنّ الثورات والانتفاضات الشعبية، التي شهدتها تونس والعديد من أقطارنا العربية، قد قلبت الكثير من الأمور، وخلقت واقعا جديدا يختلف جوهريا عن الذي سبقه، وأفرز إشكاليات تختلف تماما عمّا كان عليه الحال قبل الانفجار الشعبي في وجه غلاة الدكتاتورية والاستبداد. وبالتالي فإنّ الإشكاليات التي كانت قائمة من قبل، والمنطلقات التي كانت تُعْتَمَدُ لمقاربة تلك الإشكاليات، لم تعد نفسها وإن ذلك يضع المنظمات النقابية أمام تحديات من نوع جديد. وأكد العباسي أن هذه الفترات الانتقالية قد تدوم بضع سنوات، تتجاذبها إرادة الشدّ إلى أنموذج النظام القديم، ومخلّفات الحزب الواحد، والمنطق الواحد، والرأي الواحد من ناحية، وإرادة التغيير بكلّ ما يقتضيه من قدرة على التأقلم مع المتغيّرات، وعلى إدارة الخلافات، وعلى الابداع والاجتهاد في وضع مقوّمات الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي وفق تمشٍّ ديمقراطي تشاركي. ودعا العباسي إلى ضرورة بناء مرحلة جديدة من مستقبل تونس تعمّق القطيعة مع منظومة الاستبداد القديمة وتسدّ المنافذ أمام القوى المضادة لمنعها من الالتفاف على إرادة التغيير. وأكد الأمين العام لاتحاد الشغل أن مسار الانتقال الديمقراطي لا يكتمل بصياغة الدستور والمصادقة عليه، ولا بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية – على أهميّتها – مؤكدا أنه مسار طويل ومتشعّب وأنّه بناء متواصل محكوم بنضج ووعي وتأهّل وإرادة وقدرة الأطراف المعنية على التّحاور والتوافق والعمل الجماعي المتجرّد من الحسابات الفئوية والعقائدية الضيقة وأنّه محكوم أيضا بمدى قدرة الفرقاء والمتساكنين على تقاسم المضامين العامة للدستور الجديد الذي اختاروه وترجمتها على أرض الواقع في سلوكيات وقواعد تعامل مسلّم بها من الجميع. ودعا العباسي إلى إرساء علاقة جديدة بين المواطنين والدولة تتأسّس على فلسفة سياسية واجتماعية واقتصادية مغايرة.