التونسية (تونس) علمت «التونسية» أن البيروقراطية الخانقة التي خضعت لها الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد منذ نحو أربعة أشهر بفعل عدم تسمية رئيس مدير عام جديد وراء أزمة السجائر الأجنبية في السوق. وذكرت مصادر مطّلعة أن الفراغ الحاصل على رأس الإدارة العامة للوكالة أدى الى تراكم الملفات وحصول تأخير في بعض الوظائف منها خلاص مستحقات المزوّدين الأجانب. تدارك ولكن... وتبعا للتأخير الحاصل في خلاص مستحقاتهم توقف المزودون الأجانب ولا سيما الشركات الأمريكية والفرنسية عن تزويد الوكالة منذ نحو ثلاثة أسابيع وهو ما أدى إلى شحّ غير مسبوق للسجائر الأجنبية في السوق تعمق منذ أيام العيد. وتابعت ذات المصادر أنّ هذا التأخير وقع تداركه في الأيام الأخيرة مرجحة أن تستأنف الشركات الأمريكية تزويد تونس بدءا من هذا الأسبوع فيما ستعود المنتوجات الفرنسية لتتدفق بنسقها المعتاد في غضون أسبوعين من الآن. يذكر أن السجائر الأجنبية تشكل نحو 20 ٪ من العرض الإجمالي لوكالة التّبغ والوقيد التي تحتكر إنتاج وتوريد وتوزيع منتوجات التبغ وأدى شح السجائر الأجنبية في الآونة الأخيرة إلى تفاقم المضاربة والممارسات الاحتكارية التي رافقتها زيادات مشطّة في الأسعار أدركت 1500 مليم لبعض الماركات الأمريكية خاصة إلى جانب اضطرار المدخنين للبحث مطوّلا قبل العثور على علبة سجائر. تجارة «الشنطة» وفي خضم هذا الوضع اعتمدت مسالك التوزيع بالكامل على السّجائر الموردة عبر ما يعرف ب «تجارة الشنطة» وكذلك النزيف الحاصل في المنطقة الحرّة«FREE SHOP» للمطار والتي أثبتت معاينات ميدانية أنها تحوّلت مؤخرا إلى رافد أساسي لمسالك التوزيع العاديّة بعد فقدان السجائر الموردة في إطار المسلك النظامي. شبهات وقالت مصادر مطلعة في هذا الصّدد إن فرق الديوانة كثفت في الآونة الأخيرة نشاط مكافحة تهريب السجائر الذي يشكل أحد أولويات جهاز الديوانة ملاحظة أن كل البضائع مجهولة المصدر بما في ذلك التي يحتمل أن تكون قادمة من المنطقة الحرّة تكيف قانونيا على أنها ممارسة تهريب تخضع آليا إلى إجراء الحجز وتحرير الخطايا. ولم تستبعد ذات المصادر أن يكون جهاز الديوانة وبالتوازي مع تكثيف الرقابة اليومية على مسالك التوزيع بصدد أبحاث معمقة بشأن كميات السجائر المهربة من المنطقة الحرة وهي أبحاث قد تؤول الى كشف ممارسات «حقيرة» لبعض العاملين في المطار أو إلى إطار أعمق قد تكون وراءه أطراف أكبر بما في ذلك التي تشرف على تسيير المنطقة الحرة وذلك انطلاقا من شبهات ستحتاج إلى أبحاث معمّقة وتقاطعات على صعيد المعطيات. يذكر أن جهاز الديوانة وفي إطار مكافحة تهريب السجائر حجز بين جانفي 2014 وموفّى أوت المنقضي نحو 550 ألف صندوق سجائر «خرطوشة» وهو ما ساهم في تقليص حصة التهريب من 43 ٪ الى 37 ٪ من الحجم الإجمالي لسوق السجائر في تونس. زيادة في الإنتاج كما شرعت الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد مؤخرا في تشغيل سلسلات إنتاج جديدة لدعم طاقتها الإنتاجية وهو ما أفضى إلى زيادة بنحو 50 ٪ خلال شهر سبتمبر مقارنة بمعدل الإنتاج خلال الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام. ويأتي مشروع توسيع الطاقة الإنتاجية للوكالة بهدف رأب الهوّة التي تشكلت منذ 2011 لاسيما بفعل توقف ثلاثة مصانع أجنبية كانت منتصبة في تونس وتنتج السجائر المحلية لفائدة الوكالة عبر صيغة المناولة وهو ما أدى إلى إرباك نسق التزويد بالمنتوجات الحالية ساهم في استفحال ظاهرة التهريب وتغذية الممارسات الاحتكارية. إعادة هيكلة وكانت مبيعات الوكالة قد أدركت عام 2014 نحو 590 مليون علبة سجائر منها 131 علبة ذات علامة أجنبية تحتكر الوكالة توريدها وتسويقها في إطار المهام الموكولة إليها. وإلى جانب توسيع الطاقة الإنتاجية الذي يرجح أن يستكمل قبل موفى العام الحالي لا يستبعد أن يكون قطاع السجائر في المدة القادمة موضوع إعادة هيكلة تهدف إلى سد ثغرات كثيرة لاسيما المسار الحالي للتوزيع الذي وفّر مناخا ملائما للمضاربة ونشأت عنه عدة حلقات موازية أدت إلى انتفاخ الأسعار.