أكد أول أمس رياض المؤخر القيادي بحزب «أفاق تونس» بأحد المنابر الإعلامية التلفزية عزم حزبه تقديم مقترح سيعرض على رئاسة الحكومة ويتمثل في تغيير الأوراق النقدية التونسية بأخرى جديدة للتضييق على الأموال المشبوهة و مجهولة المصدر و المجمدة بأشكال غير قانونية ليضطر أصحابها للتقدم للبنوك لتغييرها بالأوراق النقدية الجديدة مشيرا الى أنه حال عدم تقدمهم فإن هذه النقود تصبح بلا جدوى. «التونسية» عرضت الفكرة على خبيرين في الاقتصاد لتقييم مدى نجاعتها وتقدير التكاليف التي ستترتب عن ذلك وانعكاسات الفكرة على الاقتصاد التونسي و مدى ملاءمتها للظرف الراهن و لما يعرف ب«اقتصاد الحرب»؟ وقد أكد لنا رضا الشكندالي الخبير الاقتصادي ومدير مركز البحوث والدراسات الاقتصادية والاجتماعية أن الإشكال الكبير اليوم هو ان هناك مالا غير موجود بالدورة الاقتصادية من خلال التهريب. وأضاف الشكندالي «الإشكال الحقيقي هو كمية العملة الصعبة التي تتداول بالسوق السوداء، فمثلا في مناطق حدودية كبن قردان هناك تواجد مكثف لمن يمتهنون علنا تبديل الدينار بعملات أخرى كالأورو والدولار وقيمة عملتنا تتأثر بدخول العملة الصعبة وخروجها ... المشكل في السوق السوداء وجود تداول على مستوى العملة الصعبة وهذا يضعف دخول العملة الصعبة لتونس ويؤثر كثيرا على قيمة الدينار ويؤثر بالتالي على الاقتصاد التونسي لأن في تدهور الدينار تصعد قيمة العملات الأخرى وبالتالي ترتفع قيمة الديون المتخلّدة بذمتنا». وقال الخبير «لدينا مشكل حقيقي وهو التداول بالعملة الصعبة وليس التداول بالدينار ولن نقدر على السيطرة عليه إلا بالقضاء على تهريب العملة الصعبة وفرض تحويل الدينار للعملة الصعبة ضمن اطر قانونية مما يضطر القائمين بهذه العمليات العودة للبنك المركزي. وفي نظري فان المقترح المقدم من حزب «أفاق تونس» ليس حلا جذريا لكنه يمكن أن يحدّ قليلا من العمليات غير القانونية وتكون هذه الفكرة ايجابية في غياب سوق سوداء للعملة الصعبة». كما أشار مدير مركز البحوث والدراسات الاقتصادية والاجتماعية إلي ضرورة أن تكون الدولة قوية وقادرة على تطبيق قراراتها وحريصة على «إذابة ظاهرة التهريب». وذكّر الخبير بشروعهم كمركز للبحوث والدراسات في عقد شراكة مع مؤسسات عالمية للقيام بدراسة شاملة للقطاع الموازي في ظل غياب أرقام صحيحة وثابتة عن التهريب والقطاع المالي بصفة عامة حسب قوله. من جهته أكد الخبير الاقتصادي عادل غرار أن حل تغيير الأوراق النقدية هو حل من الحلول يحمل جانبين ايجابي وسلبي لكنه ليس بأفضل الحلول . وقال غرار «َهناك الكثير من الأموال خرجت من النظام البنكي وصارت مجمدة وهذه علامة على قلة الشفافية ولا ندري هل الغرض من ذلك التهرب الجبائي أم شيء آخر.هذه الفكرة جيدة من ناحية أنها تفرض على الجميع العودة للبنك المركزي لتغييرها بالأوراق النقدية الجديدة وعليه أمكن لعملية الغربلة أن تقع تطبيقا لمبدأ «من أين لك هذا؟» لكن سلبيات الفكرة تتمثل في الكلفة الباهظة لعملية تغيير الأوراق النقدية وهنا يجب ألّا ننسى انه ليس هناك ضامن بعد هذا التغيير من عدم عودة الحال لما كانت عليه. كما أن هذه الفكرة أيضا بمثابة اعتراف غير مباشر من السلط المعنية حسب اعتقادي بعدم نجاعة آليات المراقبة لديها». وأكد الخبير أن هناك ترابطا بين التهرب الجبائي والأموال المنتشرة لتمويل الإرهاب موضحا محدثنا أن الإعفاء الجبائي يمكن أن يكون من بين الحلول المعتمدة لإنعاش الاقتصاد على أن يليه نظام جبائي ناجع يمنع التهرب الجبائي. كما أشار محدثنا كذلك إلى قانون الجمعيات الذي فسح المجال أمام العديد من الأشخاص لفتح جمعيات دون وجود معلومات دقيقة عن أهداف الجمعية والأشخاص المنتمين إليها ومصادر تمويلها ونشاطاتها . وأضاف الخبير«لسنا في اقتصاد حرب وأملنا ألّا نصل إلى تلك المرحلة لأن «اقتصاد الحرب» هو سياسة معينة تتبعها الدولة للوقاية من الإرهاب ولمكافحته. ولو نظرنا لميزانية الدولة لسنة 2016 لما وجدناها تستجيب لمقتضيات الظرف بالرجوع لبعض الأرقام كالرقم المرتفع لمصاريف الأجور مثلا .اليوم تعرف ميزانية الدولة عجزا كبيرا وعليه وجب إعادة النظر في كيفية توزيع المصاريف».