أريانة: إزالة 869 طنا من الفضلات وردم المستنقعات بحهة روّاد    المسدي : '' الأفارقة لم يكتفوا بالإستيلاء بل أصبحوا يقتحمون منازلهم باستعمال الأسلحة البيضاء''    تنبيه: تسجيل اضطراب في توزيع مياه الشرب بعدد من مناطق هذه الولاية..    مشاركة تونس في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي .. تأكيد دولي على دعم تونس في عديد المجالات    بورصة تونس: بورصة تونس تبدأ الأسبوع على ارتفاع مؤشر «توننداكس»    القطاع الصناعي في تونس .. تحديات .. ورهانات    واشنطن تحذر "تيك توك".. إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    رسالة من شقيقة زعيم كوريا الشمالية إلى العالم الغربي    الطقس اليوم: أمطار رعديّة اليوم الأربعاء..    عاجل/إصابة 17 شخصا بجروح في حادث انقلاب حافلة لنقل المسافرين في الجزائر..    بأول مقابلة منذ تشخيص إصابتها.. سيلين ديون تتحدث عن مرضها    جربة: جمعية لينا بن مهني تطالب بفتح تحقيق في الحريق الذي نشب بحافلة المكتبة    اختتام أشغال الدورة 25 للجنة العسكرية المشتركة لتونس وإيطاليا    مصر.. موقف صادم في الجامعة الأمريكية بالقاهرة    البطولة الافريقية للاندية البطلة للكرة الطائرة - مولدية بوسالم تنهزم امام الاهلي المصري 0-3 في الدور النهائي    رابطة الأبطال الافريقية - الترجي الرياضي يتحول الى بريتوريا للقاء صان داونز    هيئة الانتخابات:" التحديد الرسمي لموعد الانتخابات الرئاسية يكون بصدور امر لدعوة الناخبين"    جلسة عمل وزارية حول عودة التونسيين بالخارج    وزيرة الاقتصاد: الحكومة على اتم الاستعداد لمساندة ودعم قطاع صناعة مكونات الطائرات في تونس    صفاقس: فتح محاضر عدلية ضدّ أشخاص شاركوا في أحداث عنف بمنطقتي العامرة وجبنيانة (مصدر قضائي)    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب ويطالبون بتكثيف الحملات الدعائية لاستقطاب الزوار    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    فيلم "إلى ابني" لظافر العابدين يتوج بجائزتين في مهرجان "هوليوود للفيلم العربي"    الاتحاد الجزائري يصدر بيانا رسميا بشأن مباراة نهضة بركان    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    الألعاب الأولمبية في باريس: برنامج ترويجي للسياحة بمناسبة المشاركة التونسية    أولا وأخيرا .. الله الله الله الله    فازا ب «الدربي وال«سكوديتو» انتر بطل مبكّرا وإنزاغي يتخطى مورينيو    فيروسات ، جوع وتصحّر .. كيف سنواجه بيئتنا «المريضة»؟    رمادة: حجز كميات من السجائر المهربة إثر كمين    الليلة: أمطار متفرقة والحرارة تتراجع إلى 8 درجات    التضامن.. الإحتفاظ بشخص من أجل " خيانة مؤتمن "    النادي الصفاقسي : تربّص تحضيري بالحمامات استعدادا للقاء الترجّي الرياضي    إكتشاف مُرعب.. بكتيريا جديدة قادرة على محو البشرية جمعاء!    عاجل/ إنتشال 7 جثث من شواطئ مختلفة في قابس    باجة: تلميذ يعتدي على زميلته بآلة حادة داخل القسم    ليبيا: ضبط 4 أشخاص حاولوا التسلل إلى تونس    يراكم السموم ويؤثر على القلب: تحذيرات من الباراسيتامول    عاجل : الإفراج عن لاعب الاتحاد الرياضي المنستيري لكرة القدم عامر بلغيث    طلاق بالتراضي بين النادي الصفاقسي واللاعب الايفواري ستيفان قانالي    عاجل : مبروك كرشيد يخرج بهذا التصريح بعد مغادرته تونس    الجامعة تنجح في تأهيل لاعبة مزدوجة الجنسية لتقمص زي المنتخب الوطني لكرة اليد    جربة: إحتراق ''حافلة'' تابعة لجمعية لينا بن مهنّى    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    جرايات في حدود 950 مليون دينار تُصرف شهريا.. مدير الضمان الإجتماعي يوضح    تونس : 94 سائحًا أمريكيًّا وبريطانيًّا يصلون الى ميناء سوسة اليوم    وزير الدفاع الايطالي في تونس    المرصد التونسي للمناخ يكشف تفاصيل التقلّبات الجوّية    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    نابل: الإحتفاظ بعنصر تكفيري مفتّش عنه..    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الثلاثاء 23 أفريل 2024    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس..    عاجل : وفيات في سقوط طائرتي هليكوبتر للبحرية الماليزية    جمعية منتجي بيض الاستهلاك تحذّر من بيض مهرّب قد يحمل انفلونزا الطيور    حادثة سقوط السور في القيروان: هذا ما قرره القضاء في حق المقاول والمهندس    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متى يتحمّل الآباء مسؤوليّة أخطاء الأبناء؟
نشر في التونسية يوم 06 - 02 - 2016


شروط المسؤوليّة وحالات غيابها
للوليّ العمومي نفس حقوق وواجبات الوليّ الشّرعي
«الحاكم» وليّ من لا وليّ له

اعداد: خولة الزتايقي
إن الأصل أن كل إنسان مسؤول عن نفسه وأفعاله، إلا أن هذا المبدأ له استثناء، تجسّم في قيام المسؤولية عن فعل الغير، والتي لم ينظمها القانون التونسي باعتبارها مبدأ عاما، بل أقرها في حالات محددة نصت عليها من جهة أحكام الفصل 93 من مجلة الالتزامات والعقود المتعلّقة أساسا بضمان الضرر الناشئ عن فعل المختلّين وعليلي العقل من طرف مساكنيهم، والفصل 93 مكرر من مجلة الالتزامات والعقود المتعلق بمسؤولية الوالدين عن الضرر المتسبب فيه أبنائهما القصر، إضافة إلى مقتضيات الفصل 103 قديم والفصل 117 من مجلة الطرقات من جهة أخرى عن مسؤولية المتبوع عن الأضرار التي يتسبب فيها تابعه في مادة حوادث المرور.
ويعود التطور التاريخي لمسؤولية الآباء عن فعل الأبناء إلى عدة مراحل، أولا، مرحلة الرفض حيث أن مجلة الالتزامات والعقود عند صدورها سنة 1906 لم تكرّسها وتخلت عن الفصل 82 من مشروع 1897 الذي حمّل الوالدين مسؤولية مطلقة غير قابلة للدّحض، كما تخلى عن الفصل 102 من مشروع 1899 الذي أسس مسؤولية الوالدين على الخطأ المفترض... ويعود سبب التخلي إلى التأثر بأحكام الفقه الإسلامي القائم على نظرية عدم تحمل إنسان وزر أفعال شخص آخر. ثانيا، مرحلة القبول والتكريس، وذلك بموجب الأمر العلي المؤرخ في 17 سبتمبر 1973 المنقح للفصل 93 من مجلة الالتزامات والعقود الذي كرس مسؤولية الأب ثم نقلت هذه المسؤولية إلى الفصل 93 مكرر، وحسب الصياغة الأولى مع إدخال تعديلات جوهرية على نظام المسؤولية، وهي جعل مسؤولية الوالدين تضامنية، وجعل الحاضن مسؤولا عند الطلاق وإحلال الكافل محل الوالدين عند وفاتهما أو فقدانهما الأهلية، وإضافة لمسؤولية الآباء عن فعل أبنائهم، اسند المشرع التونسي المسؤولية لعدة جهات أخرى.
فمن هم المسؤولون عن أفعال الأطفال عند تسببهم في ضرر للغير؟ وما هي شروط قيام هذه المسؤولية؟ وكيف يمكن التفصي منها؟
تعرض المشرع التونسي إلى مسؤولية الآباء أو من حلّ محلهم عن أفعال الأطفال الموجودين تحت رقابتهم ضمن الفصل 23 مكرر من مجلة الالتزامات والعقود، وهو ما يحيلنا إلى تحديد الأشخاص المسؤولين عن أفعال الأطفال، وضبط شروط قيام هذه المسؤولية، وأسباب الإعفاء منها.
الأشخاص المسؤولون بحكم ممارستهم
وظائف الولاية والحضانة
حسب مقتضيات الفصل 93 مكرر من مجلة الالتزامات والعقود، فإنّ المسؤولية تتعلق أساسا بمسؤولية الأباء عن فعل أطفالهم، حيث أن الأصل هو أن ينشأ الطفل في كنف عائلته الأصلية، أي مع والديه الشرعيين الطبيعيين، وتمتد هذه المسؤولية إلى الأبوين بالتبني، إذ نصّ الفصل 15 من قانون 15 مارس 1955 على أن «للمتبنى نفس الحقوق التي هي للطفل الشرعي، وعليه ما عليه من الواجبات، وللمتبني إزاء المتبنى نفس الحقوق التي يقررها القانون للأبوين الشرعيين وعليه ما يفرضه من الواجبات عليهما».
وقد فرض هذا الفصل أن تكون هذه المسؤولية بالتضامن بين الأب والأم، بمعنى أن المسؤولية مشتركة بينهما، مما يجعل المتضرر قادرا على القيام على أحدهما للمطالبة بالحصول على كامل مبلغ التعويض. وفي حال ما إذا جزئت مشمولات الولاية، أو انفصلت العلاقة الزوجية بطلاق، وأسندت الحضانة لأحد الأبوين أو لغيرهما بحسب ما تقتضيه مصلحة المحضون، فإن هذه المسؤولية يتحملها الحاضن.
وأقر الفصل 93 مكرر من مجلة الالتزامات والعقود أنه «في صورة وفاة الأبوين أو فقدانهما الأهلية، يكون الكافل مسؤولا عن الفعل الضار الصادر عن الطفل»، وما يفهم من أحكام هذا الفصل هو أن المشرّع نقل مسؤولية الآباء إلى الكافل، باعتباره المسؤول على الطفل بعد وفاة والديه أو فقدانها الأهلية. وما يجدر التنبيه إليه هو أن الكفالة يمكن أن تكون قانونية بعقد يحرره عدلا إشهاد ويصادق عليه قاضي الناحية أو كفالة فعلية أي دون وجود عقد قانوني.
أما الأطفال اللقطاء أو المهملين، فإن ولايتهم تكون من اختصاص الولي العمومي، وهم المسؤولون عن أفعالهم الضارة، ويقصد بالولي العمومي حسب الفصل 1 من قانون 4 مارس 1958، متصرفي المستشفيات ومديري الإصلاحات ومآوى الأطفال عندما يتعهدون بحفظهم، والولاة في جميع الصور الأخرى ويضيف الفصل 2 من نفس القانون إنّ «للولي العمومي نفس الحقوق التي للولي الشرعي، وعليه ما عليه من الواجبات وتكون الدولة أو البلدية أو المؤسسة العمومية حسب الحال مسؤولة مدنيا عن أعمال الأطفال المشار إليهم بالفصل السابق».
الأشخاص المسؤولون بحكم ممارستهم وظائف التّعليم والتّدريب:
ورد في الفصل 93 مكرر من مجلة الالتزامات والعقود أن أصحاب الصنائع والمعلمون مسؤولون عن الضرر الناشئ عن متدربيهم وتلاميذهم خلال المدة التي هم فيها تحت رقابتهم، ويقصد هنا بالمعلم كل من هو مسؤول عن تعليم طفل بغض النظر عن مكانه أو صفته، فالتعليم يشمل اللغات ومختلف المواد التي تدرّس عامة بالمؤسسات التربوية، بما في ذلك الرياضة والفنون والإعلامية والعلوم التقنية وغيرها وكذلك التدريب المهني. أما بالنسبة لأصحاب الصنائع فهم الحرفيون أصحاب الصنعة الذين يقبلون بمحلاتهم أطفالا ليتلقوا عنهم أصول الحرفة أو الصنعة. أما بالنسبة لمسؤولية الدولة، فإنها لا تقوم إلا إذا تعلق الأمر بتعليم داخل مؤسسة عمومية.
شروط قيام المسؤولية
تقوم مسؤولية الآباء عن فعل الأطفال الذين هم تحت رقابتهم حسب مقتضيات الفصل 93 مكرر بتوفر شرطين: يتعلق الأول بمفهوم الطفل، أما الثاني فيتعلق بالمساكنة. وتقوم المسؤولية الواردة في الفصل 93 مكرر على أساس أن الآباء أو من حلّ محلهم هم المسؤولون عن كل فعل ضار يأتيه هؤلاء الأطفال، وهو ما يعفي المتضرر من الإثبات المباشر الخطأ في جانب الشخص الذي يعتبره القانون مسؤولا، ولا يكون عليه إلا إثبات شرطين وهما أن يكون المتسبب في الضرر طفلا (الشرط الأول) وأن يتوفر شرط المساكنة (الشرط الثاني)، وذلك لصعوبة إثبات الخطإ في المراقبة بصورة مباشرة، مما أجبر المشرّع على التدخل لتسهيل اثبات المتضرر، فيعفيه من اثبات الخطإ ليكتفي بعدم بلوغ الطفل سنّا معينة مع توفر شرط المساكنة.
الشّرط الأوّل أن يكون الضرر ناشئا عن طفل
عرف الفصل 2 من مجلة الطفولة الطفل بكونه «كل شخص سنّه أقل من 18 سنة ما لم يبلغ سن الرشد بموجب حكم»، وبالتالي فإن كل شخص لم يُتم الثامنة عشر يعتبر في نظر القانون طفلا، وهو ما يستوجب تحمل المسؤول عنه مسؤولية أي خطأ يتسبب فيه هذا الطفل، وبالرجوع إلى أحكام الفصل 2 من المجلة المذكورة، نجد أن المشرّع التونسي نص على وجود استثناء من خلال قوله «ما لم يبلغ سن الرشد بموجب حكم»، إذ يمكن أن نجد شخصا أقل من 18 سنة ولكنه راشد في نظر القانون، وهي حالة زواج القاصر إذ نص الفصل 158 من مجلة الأحوال الشخصية على أن «زواج القاصر يرشده إذا تجاوز 17 سنة من عمره»، وبالتالي فإن كل طفل تزوج قبل سن الثامنة عشر، أصبح راشدا بمقتضى هذا الزواج، وهو ما يمنع مؤاخذة أبيه أو أمه بسبب ما صدر عنه من أفعال ضارة للغير، ذلك أن المشرّع أقر أن من استطاع الزواج وتحمل المسؤوليّات الكاملة الناتجة عن هذا الزواج قادر على تحمل غيرها من المسؤوليات، ومن غير المعقول أن يكون متزوجا وهو تحت رقابة أو رعاية شخص آخر يتحمل مسؤولية أفعاله وما ينتج عن أعماله من ضرر للغير.
الشّرط الثاني هو المساكنة
أقرّ الفصل 93 مكرر من مجلة الالتزامات والعقود ما يلي: «الأب والأم مسؤولان بالتضامن عن الفعل الضار الصادر عن الابن بشرط أن يكون ساكنا معهما»، وهنا تقوم مسؤولية الآباء أو من حلّ محلهم عن فعل الطفل بمجرد أن يكون الطفل مساكنا للشخص المسؤول عنه قانونيا والمكلف بمراقبته.
وقد اشترط الفصل 93 المساكنة في نفس المسكن وبصورة دائمة حتى يتمكن المسؤول عن الطفل من مراقبته، إلا أن فقه قضاء محكمة التعقيب طرح مفهوما أوسع للمساكنة من خلال قرارها الصادر في 20 نوفمبر 2003، حيث عرضت قضية على أنظار المحكمة تقوم وقائعها على اعتداء (ع.ك) على المدعوة «ي» بواسطة سلاح، مما نتج عنه ضرر بليغ في عينها وفقدان النظر، وأدين الأبوان في مرحلة الاستئناف واعتبرا مسؤولين بالتضامن عن الحادث، وطعن الأب بالتعقيب ودفع بعدم تحقق شرط المساكنة في جانبه باعتبار أنه كان في تلك الفترة في فرنسا، وأقرت محكمة التعقيب ما يلي: «ولئن لم يعرض الفصل 93 المساكنة، فإنه يمكن تحديد معاييرها بأنها تقتضي تواجد الولي أو الحاضن مع الابن في مكان يمكن منه إجراء المراقبة والحراسة»، ثم تضيف نفس المحكمة أن شرط المساكنة ليس غاية في حد ذاته، وإنما يجب أن يحقق الحراسة والمراقبة من الأبوين واللتين لا تنحصران فقط في حالة التواجد المادي في مكان واحد بصفة دائمة ومسترسلة، وإنما تقومان كذلك في الحالات الاستثنائية»، وقد أقرت محكمة التعقيب من خلال فقه قضائها التوسع في مفهوم المساكنة، مما يخلق حظوظا أكبر للمتضرر في حصوله على التعويض.
أسباب الإعفاء من المسؤولية
حسب مقتضيات الفصل 93 مكرر من مجلة الالتزامات والعقود، يمكن للشخص المسؤول عن الطفل التفصي من مسؤولية الضرر الحاصل بمجرد إثباته أنه راقب الطفل كل المراقبة اللازمة (الشرط الأول) أو أن الضرر نتج عن خطإ المتضرر نفسه (الشرط الثاني).
الشرط الأول: أنه راقب الطفل كل المراقبة اللاّزمة
يشترط المشرّع التونسي لنفي المسؤولية عن الأب أو الأم أو من حلّ محلهم في مراقبة الأطفال إثبات شرط مراقبة الطفل، أي أنه قام بكل المراقبة اللازمة للطفل ممّا ينتفي معه وجود خطأ في المراقبة وبالتالي تنتفي المسؤولية التي يفرضها المشرع، ولكن تبقى الصعوبة الحقيقية في إثبات القيام بالمراقبة اللازمة.
الشرط الثاني: أن يكون الضّرر ناتجا
عن خطإ المتضرر نفسه
أوجد المشرّع شرطين لانتفاء المسؤولية إما بإثبات القيام بالمراقبة اللازمة للطفل أو عن طرق إثبات أن الضّرر الناتج عن الخطإ المرتكب من قبل الطفل تسبب فيه المتضرر نفسه، إذ أن وقوع الضرر بسبب فعل المتضرر المخطئ يمنع وقوع نفس الضرر بسبب فعل صادر عن شخص آخر.
ويبقى الإشكال الأكبر مع وجود الفصل 105 من مجلة الالتزامات والعقود الذي نص على أن «لا ضمان على الصغير غير المميز وكذلك المجنون حال جنونه، فإذا كان للصغير درجة من التمييز تمكنه من معرفة العواقب وجبت عليه العهدة»، ففي حال ما إذا كان الطفل محرزا قدرا من التمييز، يدرك به عواقب ما فعله كما هو مقرر بالفصل 105، فهل من مصلحة المتضرر القيام مباشرة على الصغير باعتباره مسؤولا شخصيا على أساس الفصل المذكور؟ أم أن حظوظه في الحصول على التعويض يكون أوفر إذا قام على أساس الفصل 93 مكرر من مجلة الالتزامات والعقود؟
بالوقوف من جهة المتضرر، يكون الهدف من القيام أمام المحاكم هو الحصول على التعويض بقطع النظر عن الشخص المسؤول سواء كان الطفل أو من كان تحت رقابته، وبالنظر إلى الفصلين 105 و93، نجد أنهما يتضمنان نفس الفرضية، وهي تلك التي يصدر فيها الفعل الضار عن الطفل أو الصغير، لكن الاختلاف في نقطتين أساسيتين، أولهما، أن المسؤولية حسب مقتضيات الفصل 105 من مجلة الالتزامات والعقود سببها وقوع فعل ضار صادر عن الشخص المسؤول، ذلك أن العلاقة السببية قائمة أساسا بين فعل الطفل المدرك لخطورة أفعاله والذي له قدر من التمييز يجعله يفرّق بين الصواب والخطأ من جهة، والضرر الحاصل للمتضرر من جهة أخرى، أما مقتضيات الفصل 93 مكرر من مجلة الالتزامات والعقود فتفرض قيام مسؤولية غير المسؤول قانونيا على الطفل المرتكب للخطأ من جهة والضرر من جهة أخرى، وهذا لا يعني أن الطفل لم يقم بالفعل الضار وغير المشروع قانونيا، وإنما يعني أن تقصير الغير في مراقبة الطفل الذي هو تحت رعايته قانونيا تسبب بصورة غير مباشرة في صدور الفعل الضار مباشرة من الطفل.
نقطة الاختلاف الثانية بين الفصلين 105 و93 مكرر من مجلة الالتزامات والعقود، تقوم على أساس الإثبات، فعندما يقوم المتضرر بالقيام على خطإ الطفل على أساس مقتضيات الفصل 105 من مجلة الالتزامات والعقود، يكون مطالبا بإثبات وجود عمل غير مشروع صادر مباشرة عن الطفل مع ضرورة إثبات أن ذلك الطفل القائم بالخطإ أو المتسبب في الضرر له درجة من التمييز، تمكنه من تحمل عواقب أفعاله، في حين أنه في حالة قيامه على أساس مقتضيات الفصل 93 مكرر من مجلة الالتزامات والعقود، يكون المتضرر معفى من إثبات الفعل غير المشروع أو الخطأ في المراقبة من جانب الآباء أو من حلّ محلهم، ويكفي أن يثبت أن الطفل لم يبلغ سن الرشد وهو الثامنة عشر، مع إثبات مساكنة الطفل مع المسؤول عنه قانونيا، ويكفل له القانون عندها وجود الخطأ، وتكون بالتالي حظوظ المتضرر في القيام على أساس الفصل 93 مكرّر من مجلّة الالتزامات والعقود أوفر للحصول على التعويض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.