تزامنا مع تشكيل حكومة التوافق الليبية ارتسمت ملامح خطط لتدخل عسكري في ليبيا أجمعت عدة جهات دولية وإقليمية على أنه أمر واقع, للقضاء على التنظيمات الإرهابية المتغلغلة في هذا البلد والتي اصبحت تمثل خطرا على دول الجوار وأوروبا, ومن هنا تظهر هواجس أو مخاوف من تداعيات هذا التدخل على أمننا القومي وأيضا على إقتصادنا الوطني نظرا للتدفق الكبير المنتظر للاّجئين الليبيين الهاربين من حجيم الحرب هناك وما قد يترافق معه من إندساس عناصر ارهابية قد تخطط لاستهداف تونس وأمنها. عن المخاطر الأمنية والعسكرية التي تخشاها تونس من إحتمال شن ضربة عسكرية على «دواعش» ليبيا, قال العميد المتقاعد من الجيش الوطني ورئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل مختار بن نصر ل«التونسية», إنه من المرجح أن يقع تدخل عسكري في ليبيا خلال الأيام المقبلة, مشيرا الى أن قواتنا المسلحة على أتم الجهوزية والإستنفار لحماية أمننا القومي, مبينا أن وحداتنا العسكرية منتشرة على كامل الحدود التونسية الليبية, وأن زيارة وزير الدفاع فرحات مؤخرا إلى المنطقة الحدودية يؤكد أن جيشنا الوطني وقواتنا الأمنية والديوانية في حالة إستنفار لمواجهة أية مخاطر يمكن أن تنجر عن التدخل العسكري في القطر الليبي. و أكد مختار بن نصر أن إحداث الساتر الترابي على حدودنا مع ليبيا عملية ناجعة جدا ساهمت في التصدي للتهريب وتسلل الإرهابيين والأسلحة, ملاحظا أن مناورات عسكرية وأمنية, إضافة إلى عمليات بيضاء تدور حاليا على حدودنا بهدف التمرّن على التصدي لكل خطر محتمل على تونس. أعلى درجات الإستنفار و أوضح بن نصر انه قد تنجرّ عن تدفق المواطنين الليبيين هربا من جحيم الحرب في بلادهم على تونس مخاطر أمنية على رأسها إحتمال تسلل ارهابيين إلى ترابنا الوطني, وأنه لذلك تم اتخاذ كل الإجراءات اللازمة وتكثيف المراقبة بمعابرنا وكل نقاطنا الحدودية مع البلد المذكور. وتابع بأن الوضع يقتضي أعلى درجات الإستنفار وكذلك التنسيق الأمني والعسكري مع دول الجوار, وخاصة مع الجزائر. و شدد العميد المتقاعد على أن تونس مطالبة بالجهوزية واتخاذ كل الإحتياطات اللازمة لتفادي تداعيات تدخل عسكري بليبيا, مضيفا أن رئيس الجمهورية كان محقا عندما دعا إلى إستشارة تونس قبل كل عمل عسكري في القطر المجاور لأن الوضع يقتضي مراعاة مصالح تونس قبل التدخل البري في الجارة الليبية. مناطق خاصة ومعزولة للاّجئين الليبيين من جانبها قالت الخبيرة الأمنية والعسكرية بدرة قعلول ل «التونسية» إنه من الضروري وضع الليبيين اللاجئين إلى تونس في حال تم توجيه ضربة عسكرية إلى بلادهم في منطقة خاصة بهم لمنع تغلغلهم داخل المجتمع التونسي بهدف تسهيل مراقبتهم وتفادي كل إحتمالات وجود عناصر إرهابية بين صفوفهم. مشيرة إلى أن الوضع الأمني وكذلك الاقتصادي في تونس اليوم يختلفان عمّا كانا عليه في 2011, وأن تونس الآن غير قادرة على إستيعاب اللاجئين الليبيين ولا على تحمل كل تداعيات الحرب على بلادهم رغم أنه ليس بإمكانها كذلك غلق حدودها لدواع إنسانية. مخطط لتحويل الجنوب إلى إمارة إسلامية و اعتبرت محدثتنا أنه يوجد مخطط لتحويل الجنوب التونسي إلى إمارة إسلامية. وأكدت أن التدخل العسكري في ليبيا أمر واقع وأن دول «الناتو» لا تنتظر إستشارة أي بلد من بلدان الجوار الليبي في هذا الخصوص, مشددة على أن كامل دول المنطقة مهددة بتمدّد الإرهاب إليها, وأن الخطر الأكبر يستهدف تونس ومصر. وأعقبت أن الحل الأنجع لتجنب التداعيات الخطيرة للجبهة الليبية يكمن في تحالف إقليمي بين دول الجوار. التدابير الإستباقية غائبة واستغربت الخبيرة الأمنية والعسكرية من غياب الإجراءات الأمنية الإستباقية في علاقة بالملف الليبي, موضحة أن السياج الإلكتروني المنتظر إحداثه على طول الحدود التونسية الليبية لم يتم تفعيله حتى الآن. وبينت أن حوالي 3 آلاف عائلة ليبية دخلت ترابنا الوطني مؤخرا, متسائلة بقولها: ألم يتسلل إرهابيون بين هؤلاء خاصة وأن تزوير الهويات وجوازات السفر في ليبيا أمر هين جدا؟. وحذّرت بدرة قعلول من التهديدات الإرهابية المحلية أي تلك التي يمكن أن تأتي من الخلايا الإرهابية النائمة والمتأهبة في بلادنا والتي هي في إنتظار الفرصة الملائمة لتنفيذ عملياتها, مبينة أن ما يحدث في ليبيا يتجاوز تونس باعتبار ان الحرب الدائرة في هذا البلد هي حرب تموقع بين القوى العظمى بالأساس. مخاطر جمّة برا وبحرا وجوا أمّا المؤرخ عميرة علية الصغير فقد أكد ل «التونسية» أن المخاطر القادمة من ليبيا في حال حدث تدخل عسكري في هذا القطر قائمة بنسبة مائة بالمائة, ملاحظا أنه لا بد من اتخاذ جميع الإحتياطات الأمنية والعسكرية اللازمة وتركيز أجهزة مراقبة متطورة جدا على الحدود التونسية الليبية. واستطرد أن التدخل العسكري في ليبيا هو حلقة أخرى من الإستراتيجة المضبوطة التي تم إعدادها لليبيا والتي بدأت بإسقاط نظام معمر القذافي, مضيفا أن الهدف هو السيطرة على ثروات هذا البلد تحت مسمى محاربة «داعش», وأن الدول الغربية والعربية التي دعمت التنظيم الإرهابي المذكور هي من تسعى إلى ضربه الآن, مبينا أن كل المسألة لا تعدو أن تكون سوى حربا بالوكالة من أجل الإستيلاء على النفط الليبي. جدية الحكومة أمر ملح و شدد عميرة علية الصغير على ضرورة أن تكون الحكومة التونسية جادة في الوعي بالمخاطر الأمنية التي ستنجر عن التدخل العسكري في ليبيا, موضحا أن الآلاف من الإرهابيين التونسيين والأجانب متواجدون في هذا البلد, وأن إمكانية تسلل أعداد منهم إلى بلادنا واردة بشدة, سواء كان ذلك عن طريق البر أو البحر أو الجو, متسائلا كيف سيتم الفرز بين مواطن ليبي مدني عادي هارب من الحرب وبين إرهابي يمكن أن يكون غير ملتح أو بمظهر عادي ويرتدي ملابس مدنية؟ و طالب المؤرخ عميرة علية العلاني الحكومة بالجدية في التعاطي مع الملف المذكور والإستعداد الجيد لدرء كل المخاطر التي قد تواجهها بلادنا جراء العملية العسكرية المحتملة بليبيا, إضافة إلى تجنيد المجتمع المدني في الغرض.