اعتبر المعهد الوطني للاستهلاك انه رغم الظروف الاقتصادية والمالية الصعبة التي تمرّ بها تونس فإنّ ذلك لم يكن له تأثير كبير على رغبة التونسي في الترويح عن نفسه، في حدود الإمكانات المالية والميزانية المتاحة له، رغم تراجع نسبة إنفاقه في هذا المجال. وحسب آخر الإحصائيات يخصص التونسي 6.69 بالمائة من ميزانيته للترفيه والثقافة، أي معدل 36 دينارا للفرد الواحد وتشهد هذه النسبة تراجعا منذ سنوات، حيث كانت في مستوى 8.9 بالمائة من الميزانية سنة 1985. ووفق دراسة حول تطور الأنماط الاستهلاكية أنجزها المعهد الوطني للاستهلاك سنة 2015، ومن خلال بحث ميداني شمل 1022 أسرة من الوسط الحضري حول استهلاك التونسي للثقافة والترفيه، تبين أن 36 بالمائة من أسر العينة تخرج للترفيه خلال نهاية الأسبوع، و63 بالمائة لا تخصّص وقتا وميزانية لذلك. كما اتّضح أن 19.8 بالمائة من الذين يخرجون خلال نهاية الأسبوع، يقومون بهذه العملية كل أسبوع، و42.7 بالمائة تقريبا كل شهر، 23.9 بالمائة بمعدل مرة كل 3 أشهر، و13.6 بالمائة يقومون بهذه العملية نادرا. وخلصت الدراسة أيضا إلى أن 53 بالمائة من المستجوبين يقضون عطلا خارج منازلهم، 20.8 بالمائة منهم يقومون بهذه العملية على الأقل مرة في السنة و56 بالمائة على الأقل مرتين في السنة، إلى جانب أن 28 بالمائة من اسر العينة يعتبرون أن استهلاكهم للترفيه والثقافة تحسن خلال العشرين سنة الأخيرة، في حين يعتبر 55 بالمائة من العينة أنهم لم يلحظوا أي تغيير. وفي تحليله لهذه المؤشرات يرى المعهد الوطني للاستهلاك أن التونسي يحاول دائما أن يخصص جانبا من وقته وميزانيته للترفيه، ولو بوسائل بسيطة، ولكن الوتيرة تبقى نسبيا منخفضة (مرة كل شهر) ويُعتبر الموسم الصيفي، وفترة المهرجانات الكبرى، أبرز الأوقات التي يخصص فيها التونسي الوقت والمال للترفيه والثقافة. كما يسعى إلى أن يُطوَع رغبته في الترفيه والثقافة، كوسيلة للتموقع الاجتماعي، حسب ميزانيته وفي حدود إمكانياته، باعتبارها ليست من الضرورات أمام الضغط المسجل على قدرته الشرائية. وفي الجانب المتعلق بالوقت، أثبتت دراسة أنجزتها الباحثة حنان البنزرتي حول توزيع الوقت بالنسبة للمستهلك التونسي، وشملت عينة من 4250 مستهلكا نُشرت سنة 2011، أن التونسي يخصص ما معدله ساعتين و55 دقيقة للترفيه في اليوم، منها ساعتان و07 دقائق لمشاهدة التلفزة وأربع دقائق للمطالعة و3 دقائق للاستماع إلى الراديو و6 دقائق للألعاب و7 دقائق للسينما والمتاحف و20 دقيقة للمقاهي والنزل. وتكتسي نفقات الترفيه والثقافة في المجتمع التونسي وفق معهد الاستهلاك بُعدين أساسيين أولهما البعد الاستهلاكي ويندرج في إطار التطور العادي والطبيعي للمجتمع الاستهلاكي، وثانيهما البعد النفعي باعتباره وسيلة للترفيه والانتعاش العقلي والنفسي. وفي مقارنة مع دول أخرى يُعتبر المستهلك التونسي في المعدلات العادية بالنسبة لما يخصصه من ميزانية للترفيه والثقافة، حيث يُخصَص المستهلكون في المغرب 13 بالمائة من ميزانيتهم للترفيه والثقافة. وفي بلجيكا تخصص الأسر 8.2 بالمائة من ميزانيتها للترفيه والثقافة. وتخصص الأسر في الجزائر 3.2 بالمائة من ميزانيتها للتربية والترفيه والثقافة. أما في فرنسا فقد خصّصت الأسر سنة 2013 حوالي 6.2 بالمائة من ميزانيتها للثقافة والترفيه أي ما قيمته 600 أورو، 41 بالمائة من هذه الميزانية خُصّص للأطفال. وفي ما يتعلق بارتياد قاعات السينما، فإن التونسي، بقي مناسباتيا في هذا المجال، حيث يزداد الإقبال خلال المهرجانات السينمائية، ليتراجع بصفة حادة في سائر الأيام.