وصلت أول أمس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت إلى تونس مرفوقة بوفد من الخبراء الأمريكيين المكلفين بإعداد تقارير حول الوضع في الشرق الأوسط بغية بلورة إستراتيجية واضحة حول المشهد الجيوسياسي في المنطقة. والتقت أولبرايت أمس برئيس البرلمان محمد الناصر, وتناول اللقاء الذي حضره كذلك السفير الأمريكي بتونس دانيال روبنسون, الوضع العام في المنطقة واحتمال التدخل العسكري في ليبيا. كما التقت وزيرة الخارجية الأمريكية سابقا برئيسة منظمة الأعراف وداد بوشماوي ليتطرق اللقاء إلى الوضعين الإقتصادي والإجتماعي في تونس. في الأثناء أشارت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة إلى أنها تزور تونس من أجل الإطلاع عن كثب على تجربة الانتقال الديمقراطي التونسية خاصة بعد حصول الرباعي الراعي للحوارعلى جائزة نوبل للسلام بتاريخ 9 أكتوبر 2015. أولبرايت التي التقت أمس رئيسي الجمهورية والحكومة والتي من المنتظر أن يكون لها أيضا لقاء براشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» قالت إن زيارتها إلى بلادنا تندرج في خانة تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين. وفي محاولة لقراءة أهداف وأبعاد زيارة أولبرايت إلى تونس التي تأتي قبل أسابيع فقط عن ضربة عسكرية محتملة ل «دواعش ليبيا» في مارس المقبل, قال الديبلوماسي السابق أحمد ونيس ل «التونسية» إن هذه الزيارة مرتبطة شديد الإرتباط بتطورات المشهد الليبي وإمكانية التدخل العسكري في هذا البلد الذي يبدو أنه أصبح وشيكا, مبينا أن تونس تحتاج إلى الإطلاع على البرامج التفصيلية للتدخل العسكري الجديد في ليبيا, وأن زيارة مادلين أولبرايت تتنزل في هذا الإتجاه. وأكد ونيس أنه من حق تونس ان تطلّع على كل تفاصيل التدخل العسكري المنتظر في الجارة الليبية سواء قبل شن الهجوم أو بعده, وإلا فستكون بدورها ضحية هذه الضربة, موضحا انه ستكون للعمل العسكري المنتظر تداعيات على جميع المستويات العسكرية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية وغيرها. القضاء على الإسلام السياسي وأضاف الديبلوماسي السابق أن ما يجري في المنطقة ككل يستهدف ضرب الإسلام السياسي, ملاحظا أن حكومة «الترويكا» وقفت في صف الحركات الإسلامية في الأزمة السورية, وأن ما يحدث اليوم في سوريا من وقف إطلاق النار سينعكس على كل دول المنطقة العربية. وتابع أحمد ونيس بأن ما يجري في المنطقة هو بغاية القضاء على كل الحركات الإسلامية في المنطقة, وأن الساحة التونسية تسعى إلى التطبيع مع الإسلاميين, رغم أنها لم تنجح بعد في هذه المهمة. ترتيب الأولويات من جانبه, اعتبر الديبلوماسي السابق عبد الله العبيدي في اتصال مع « التونسية» أن أهداف وأبعاد زيارة أولبرايت مكشوفة, خاصة في ضوء هذا التوقيت بالذات تزامنا مع الإستعداد للتدخل العسكري في ليبيا. ولاحظ العبيدي أن الزيارة تصب في مجرى ترتيب الأولويات, وأن هذه الأولويات لا يتم تحديدها من الجانب التونسي, مبينا أنه لا وجود لأية ضمانات قد تحصل عليها تونس من وراء التدخل العسكري المحتمل في ليبيا. وأوضح العبيدي أن الأخطار التي قد تهدد بلادنا موجودة في كل الحالات إذا تم التدخل العسكري في الجارة الليبية, من ذلك توافد موجة من اللاجئين, مستطردا أن وضع تونس في حال حدثت الحرب في ليبيا سيكون مشابها لوضع الأردن أمام الأزمة السورية, مؤكدا أن تونس ليست إستثناء في هذا الخصوص. وشدد الديبلوماسي السابق على ضرورة أن نعول على مواردنا الذاتية ونعد العدة جيدا لمواجهة تداعيات الحرب على ليبيا, مبينا أن تونس قاعدة خلفية في هذه الحرب. خدمة الأمن القومي الأمريكي أما زهير حمدي القيادي في «الجبهة الشعبية» فقد أشار من جانبه إلى أن المسؤولين الأمريكيين, سواء كانوا في الحكم أو خارجه يعملون لمصلحة الأمن القومي لبلادهم, موضحا أن علاقات المسؤولين الأمريكيين وشبكات تحركاتهم ومراكز بحوثهم ودراساتهم, وغيرها تهدف إلى خدمة الأمن القومي لبلادهم وخدمة مصادر السلاح في العالم ولوبيات المال الدولي. ولاحظ حمدي أن زيارة الديبلوماسية الأمركية السابقة إلى تونس تأتي بهدف تهيئة المسرح وترتيب الأوضاع للتدخل العسكري في ليبيا الذي ستكون له تداعيات على كامل المنطقة, والذي ستتضرّر منه تونس بصفة كبيرة على حدّ قوله. بدوره اعتبر النائب بالكتلة الحرة المنشقة عن «نداء تونس» الصحبي بن فرج أن زيارة اولبرايت إلى بلادنا تصب في إطار التدخل العسكري المنتظر في ليبيا. أمّا القيادي في حركة «النهضة» لطفي زيتون فقد قال إنه لا علم له بأن هناك لقاء منتظر بين الغنوشي ومادلين أولبرايت, متابعا بأنه لا يعلم أيضا بفحوى أو أبعاد الزيارة التي تؤديها هذه الأخيرة إلى بلادنا.