التونسية (تونس) «حبّ»... كلمة قليلة الأحرف لكنها حمّالة معاني تختزل كمّا هائلا من المشاعر والعواطف والأحاسيس...، أطنب في التحدث عنها الشعراء وصدحت بها ألسنة الفنانين وترنمت بها أفواه العاشقين، وبتطور نمط العيش وانفتاحنا على ثقافات أخرى, صار عيد الحب أو «سان فالنتين» بتاريخ 14 فيفري من كل سنة مناسبة معروفة لدى التونسيين أيضا، للاحتفال وتبادل الهدايا بين العاشقين. فهل مازال لعيد الحبّ معنى زمن غياب الحبّ (الكعب الفلوس)؟ وكيف يحتفل به التونسيون؟ «التونسية» نزلت إلى شوارع العاصمة وطرحت السؤال وخرجت بالتحقيق التالي: بداية جولتنا كانت مع «ندى» باحثة في الحضارة حيث أكدت لنا أنها لا تعترف بعيد الحب لأنّ كلّ الأيّام في رأيها أعياد ومشاعر للعاشقين، ملاحظة أنّ حصر هذا الشعور في يوم يفقده رونقه .وأضافت «بالنسبة لي الاحتفال سخافة يقوم بها «الفاضين شغل»وهو مضيعة للمال، وفي صورة تعرفت على شخص واهداني شيئا في عيد الحب فليس بالضرورة أن ينتظر مني ردا للهدية في هذا التاريخ بالذّات». «علي» (طالب 28 سنة) كانت مداخلته طريفة حيث أكد أن التعرف على فتاة في أيامنا يساوي صرف المال والإهداء بمناسبة أو بدونها وأنّ مثل هذه المناسبات هي هامة جدا لدى الفتيات . وأضاف علي «بما أن ميزانيتي لا تسمح فلا حب ولا حبيبة هذه السنة, لا حب في غياب «الحَبّ» أي المال, واعتقد أن هذه الحالة ستطول مع الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد و«توّة كيف يفرّجها ربّي نحبّو». أما «كريم» (32 سنة) فقد قال «لا عيد حب، لاسان فالنتان لا والو، ما عادش حبّ بنيّة عمّي الحب كان في الكتب وتوه الزوز ما ثمّاش... قالت الست أم كلثوم حب إيه إلّي أنت جاي تقول عليه». روتين «إكرام» (24 سنة) طالبة مرحلة ثالثة ايطالية كان لها رأي في الموضوع فهي ترغب أن تكون الهدية خارج عيد الحب لأن تقديم الهدايا في هذا التاريخ صار ضمن الروتين الاجتماعي, لا بل واجبا ورفع عتب لا غير, ولا يرمز للحب في حد ذاته كمعنى وألغى عنصر المفاجأة والفرحة. وأضافت إكرام «أنا أضع في المرتبة الأولى أعياد الميلاد وعيد الزواج وتاريخ التعارف بين الطرفين, لأن عيد الحب هو عيد مسقط على مجتمعنا فهو اسم لقديس غربي». الإنفاق ضرورة «محمد» تلميذ (18 سنة) قال: «أعترف به واحتفل به كذلك فهو بالنسبة لي فرحة وعيد ككل الأعياد، فما أحلى الحب وما أحلى العيد». «سمية» (34 سنة) موظفة أكدت لنا أن زوجها من هواة الاحتفال بهذا العيد وأنه لا ينسى منذ العام الأول من زواجهما إهداءها هدية تدخل على قلبها السعادة، مشيرة إلى أنّه وعدها هذه السنة بنهاية أسبوع مميزة بأحد النزل للخروج من الروتين اليومي وتجديد علاقتهما، وقالت سمية «المال ضروري لتذوق طعم السعادة مع من نحب». أما «عائدة» فقد أكدت أن «السهرية ضرورية في عيد الحب فهو مناسبة للفرحة وللرقص والتمتع بالحياة «عيد الحب»مناسبة متميزة ويوم فرحة, فلِمَ لا نحتفل به مع سائر دول العالم ؟», وأضافت «وبالنسبة لي حتى المتخاصمين من الأحباء «عيد الحب» مناسبة مميزة للتهادي وعودة الوصال وكل قديرو قدرو «أنا غنية ونحب الهدية»». «إيمان» طالبة أكدت أنّ الاحتفال مشروع للخروج من الروتين اليومي وتغيير الأجواء الكئيبة باقتناص لحظات فرح وصفاء رغم أن إيمانها عميق بأن الحب لا يحتاج إلى هدايا أو عيد. رمزية الهدية «مريم» طالبة من الوطن القبلي أكدت أنها من بين الناس المحتفلين لكنها هذه السنة لن تجمعها مع من تحب لحظات جميلة لكونه خارج ارض الوطن,فارتأت أن ترسل إليه الهدية وتسعد قلبه وهو بعيد عنها . وأضافت مريم «احترم من يحتفل بعيد الحب ولكني اعتقد أن هدية مفاجئة وسط السنة وبلا مناسبة يمكن أن تعني الكثير». «هدى» (حامل في الأشهر الأخيرة) قالت إنّ «هذه أول سنة زواج بالنسبة لها وبما ان زوجها مسافر فهي تعتقد أن الهدية التي ستحتفظ له بها هي مولودها الذي سيسعده كثيرا». وأضافت هدى «ومع ذلك فلا بد من مكالمة هاتفية مطولة ولقاء على «السكايب» أيضا لتخفيف وطأة الغربة, واعتقد انه سيعود للديار مع عيد ميلاده لتكون مناسبة للاحتفال بالمولود وبعيده أيضا». «إيزاك» شاب من الكونغو أكد لنا انه ليس مرتبطا وانه حزين لهذا السبب, وأنّه يؤمن بأنّ عيد الحب ليس مخصصا إلا للأزواج حسب اعتقاده. أما بالنسبة للمال فإنه يعتقد أن من يريد إسعاد الطرف الآخر لن تكون العملية صعبة عليه بالمرة. ميزانية «سلوى» (عدل تنفيذ) تعتقد أن التونسي يخصص لكل الأعياد التي تخصه أم لا ميزانية، مؤكدة أنها من الناس الذين لا يحتفلون بهذه المناسبة. «محمد» كهل أدى رسالته في الحياة وعلم أبناءه, سألناه عمّا إذا كان يحتفل بهذا العيد فأكد لنا أن الأمر لا يعنيه لكنه يعترف بفضل زوجته عليه وعلى أبنائه وأنه يواظب على إهدائها الهدايا من حين لأخر. «سمير خمسيني» عامل بإحدى محطات البنزين أكد لنا أن التفكير في الطرف المقابل يكون ب«كل قدير وقدرو» وأنه يمكن الاكتفاء بوردة . وأضاف محدثنا «قبل ما كناش نعرفوه «عيد الحب» اليوم هي فرصة للتعبير عن المشاعر وتبادل الهدايا... خلّي الناس تحب بعضها وتعيش». ودّعنا «سمير» لنلتقي بفريد الذي أكّد أن عيد الحب مناسبة «باهية» وأنّه يشجّع الشباب على الاحتفال به لكن الظروف المادية تحول دون ذلك في بعض الأحيان لتحل محلّ الهديّة الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة حسب رأيه. «إلّي عندو الكعب يهدي كيما يحبّ ووقت ما يحبّ» «فاطمة» ربة بيت التقيناها وهي تلاعب ابنها بإحدى الحدائق العمومية أكدت لنا بدورها عدم انجذابها للاحتفال بهذه المناسبة، لكنها لا تمانع من رؤية مظاهر الاحتفال بين العشاق، وعمّا إذا صار تخصيص ميزانية لهذا العيد ضرورة لدى التونسي قالت فاطمة «إلّّي عندو الكعب يهدي كيما يحبّ ووقت ما يحبّ». «سهيلة» (46 سنة) ربة بيت كان لها موقف فريد حيث قالت «دخل الاحتفال بعيد الحب في عاداتنا كتونسيين وبالنسبة لي « أقوم يومها بإعداد عشاء استثنائي وأعد قالب مرطبات «دياري» واجتمع مع زوجي وأطفالي الذين هم كل حياتي وهذا معنى الحب عندي، العائلة أنقى واطهر أنواع الحب, ولمن يتعلل بنقص المال كي لا يحتفل أقول السعادة ليست مال فقط بل لمّة ومشاعر». «رمزي» (32 سنة) قال إنّه لا يعترف بالعائق المادي للاحتفال بعيد الحبّ مضيفا: «لا ميزانية لا شيء سهّلها تسهال المفيد السعادة وكل قدير وقدرو». كانت لنا وقفة أيضا مع احد باعة الورود ليؤكد لنا غلاء أسعارها من طرف المزودين في هذه الفترة تحديدا مما رفع من أسعارها عند البيع، وقال «ثمّة إلّي ما يقدرش» يشري حتى النوار... جيب التونسي فارغ اليوم وحتى على الضرورات ما عادش خالط، لكن ثمّة ناس مازالت تؤمن بأنّو النوار حاجة مزيانة وفينو ومليانة بالمعاني، ما يهديها كان «الفنان». رضوان احد باعة الورد أيضا أكد وجود إقبال على الورود في عيد الحب لكن اقل بقليل هذه السنة مشيرا إلى ارتفاع أسعار الورود بهذه المناسبة ليصل ثمن الوردة إلى دينارين ملاحظا اقتناء تونس ورود من مصر مؤخرا تعرف إقبالا رغم أن سعرها بلغ 3000 للوردة. إعداد: إيناس المي