رافعين صوره مرددين كلماته متغنين بحب البلاد وعلى أهازيج النشيد الوطني والزغاريد شيعت أمس حشود غفيرة من التونسيين الشاعر الوطني الثائر المنحاز إلى قضايا شعبه وفقيد الساحة الثقافية محمد الصغير أولاد أحمد إلى مثواه الأخير بمقبرة الجلاز بعد أن وافاه الأجل مساء الثلاثاء. وقد شاركت في موكب الجنازة وجوه إعلامية وسياسية على غرار ر ضا بلحاج ولزهر العكرمي وإياد الدهماني وأحمد نجيب الشابي ومحمد الكيلاني وسمير ديلو وعبد اللطيف المكي وحمة الهمّامي وراضية النصراوي وكلثوم كنّو، إضافة إلى حضور ممثلين عن اتحاد الشغل على غرار بوعلي المباركي وسامي الطاهري. كما حضر الجنازة بعض ممثلي الجهات الرسمية كالمستشار لدى رئيس الجمهورية، نور الدين بن تيشة، والمستشار الإعلامي لدى رئاسة الحكومة، ظافر ناجي، ووزيرة الثقافة، سنية مبارك، إلى جانب عدد من الأدباء والفنانين على غرار المنصف المزغني وأسامة فرحات ولبنى نعمان ومقداد السهيلي فضلا عن حضور المئات من محبيه ومعجبيه ورفاق دربه وأصدقائه وأهله ممن أكدوا في كلماتهم على ضرورة أن تكون جنازته جنازة وطنية تليق بمكانته وبما أعطاه للساحة الثقافية، ولبلاده التي أحبها إلى آخر رمق مثمنين موقف أولاد أحمد الشاعر والنقابي. ورُفع علم تونس، وعلم المنظمة الشغيلة التي لطالما ساندته وانتمى إليها وأثث ندواتها، إضافة إلى رفع أبيات من أشعاره التي يحفظها الجميع عن ظهر قلب. لن نحيد عن طريق أولاد أحمد وعلى وقع زغاريد نساء بلاده الذي قال فيهم «نساء بلادي نساء ونصف» ووسط هتافات احبته ومتابعيه واصدقائه «حي حي الصغير فينا حي»، «يا الصغير ارتاح ارتاح سنواصل الكفاح» ألقى الناطق الرسمي باسم «الجبهة الشعبيّة» حمة الهمامي كلمة تأبينية في شاعر تونس الصغير أولاد أحمد وعرج على أهم كتاباته وأبرز محطات نضاله وكلماته التي، قاومت الفقر والتهميش والظلاميين. وتابع الهمامي قائلا: «كفر الصغير وهدد وهمش لكنه كان صوت الثورة، لم يهزمه مرضه، دافع عن تونس ضد المتربصين بها، رحل وترك جيلا لا يحيد عن الطريق مشيرا» إلى أنه «لم يدافع عن الفقراء والكادحين أحد كما دافع أولاد أحمد ولم يحب البلاد أحد كما احب البلاد الصغير أولاد أحمد» مؤكدا بالقول: «لن نحيد عن الطريق وسنظل على درب الصغير أولاد أحمد». صرح فكريّ وثقافي وفي كلمته قال نور الدين الطبوبي ممثل الاتحاد العام التونسي للشغل إن الاتحاد فقد نقابيا منضبطا ثابتا على موقفه وشاعرا لم يتردد لحظة في التمرد على الدكتاتورية وإعلان عصيانه الأبدي على الظلم والقهر والاستبداد مبينا أن الشعب التونسي بوفاة أولاد أحمد فقد صرحا شعريا وثقافيا. وأوضح أنه برحيل أولاد أحمد تفقد تونس جزءا عزيزا منها، يرقى فقدانه إلى فقدان الشابّي والحدّاد والدّوعاجي ومختار اللغماني والفاضل بن عاشور وعلي بن عيّاد ومنور صمادح.. وقافلة من المفكّرين ومن المبدعين الذين «أحبّوا» البلاد كما لم يحبّ البلاد أحد»، ولكنّ التاريخ خلّدهم جميعا بأفكارهم وكلماتهم وأشعارهم وجرأتهم وصراحتهم وصرامة مواقفهم وصلابتهم في مقاومة الظلم والاستبداد. كما أشار إلى انه برحيله فقد الاتحاد العام التونسي للشّغل نصيرا آمن بلا تحفّظ بقيم حشّاد وتبنّى مبادئه ودافع عن منظّمته وسُجن بسببها وقال فيها شعرا يسجّل ما تعرّض له النقابيون من قهر واعتقال وطرد وصوّر صمودهم وهم يتحدّون التعذيب بالعزيمة ويواجهون العسْف بالتضحيات ويزعزعون بالأمل الأرض تحت أقدام الطغاة. أما سفير فلسطينبتونس فقد شبه ،الصغير أولاد أحمد بمحمود درويش مذكرا بحب أولاد أحمد للشعب الفلسطيني ووفائه للقضية الفلسطينية العادلة قائلا: «لوكان محمود درويش حيا لكان يقف مكاني هنا لتأبين الصغير أولاد أحمد». «ديقاج» رفع عدد من المشاركين في تشييع جنازة شاعر تونس، محمد الصغير أولاد احمد، شعار «ديقاج» في وجه بعض قياديي حركة «النهضة» الذين تحولوا إلى مقبرة الجلاز لحضور الجنازة مطالبين إياهم بضبط القواعد التي تشفّت في وفاة أولاد أحمد، من خلال صفحات «فايسبوكية» محسوبة على حركة «النهضة». «في قلوب التونسيين» أما وزيرة الثقافة سنية مبارك فقد قالت إن ما يميز أولاد أحمد هو تشبثه بوطنه وإيمانه بدور المرأة على المستوى الاجتماعي لاعتباره «نساء بلاده نساء ونصف» إضافة إلى حبه للحياة مشيرة إلى أن أولاد أحمد كان مشاكسا في كتاباته واضحا وله قراءة صادقة وراقية من خلال الكلمات التي يصوغها . وأكدت انه يتفرّد بطريقة معينة في الكتابة مما يجعل منه مدرسة وسيظل في قلوب التونسيين بقصائده ودواوينه مشيرة إلى أن الوزارة ستفكر في وضع جائزة شعرية باسم الصغير أولاد أحمد أو شارع بإسمه. «أبكيك كما تبكيك قرطاج اليوم» نعت الفنانة ماجدة الرومي، أمس، في تدوينة على صفحتها على موقع التواصل الإجتماعي (الفايسبوك) شاعر تونس الكبير أولاد أحمد وكتبت الرومي «شعرك ليس فقط مجرد تناسق أحرف وكلمات ... شعرك جميل كأرضك كشعبك كعمق انتمائك لبلد أحببته كما لم يحبه أحد وبصيغة الجمع ، انتميت لقرطاج التي احبها وها هي اليوم تبكيك صديقي، وأخترت أَن تموت فيها لتنبت أكثر وتزهر وردا وزعتر ..... وداعا محمد الصغير أولاد أحمد ....تعزياتي لناظم وللصغيرة كلمات ....تعزياتي لزوجتك وعائلتك ولأهل سيدي بوزيد الطيبيين وكل تونس ، وكل عاشق لآجمل الكلمات والمعاني ....أبكيك كما تبكيك قرطاج اليوم انطفأت شمعة جميلة ....لأننا كلنا من تراب وإلى تراب نعود». سيرته ستظل نبراسا الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، نعى في بيان له الشاعر التونسي محمد الصغير، وقال إن الشاعر التونسي الكبير يعد علامة بارزة في الشعر التونسي الحديث، وأنّ الراحل الكبير عاش منتصب القامة، شامخًا، عالي الصوت، رافعًا راية الشعر حتى في وجه الموت الذي غيّبه عن تونس التي أحبها بصدق وكتب فيها أجمل القصائد، متغنيا بعشقها، فاضحًا بقلمه مكائد المتربصين بها. وأكد البيان، أن تونس والوطن العربي خسرت برحيل قامة شعرية فارعة، وفارسًا عنيدًا من فرسان الكلمة مبينا ان ما تركه الراحل الاستثنائي من آثار أدبية هامة ستظل نبراسًا يهتدي به الشعراء والمبدعون. آية