خلال لقائها ببودربالة...رئيسة مكتب مجلس أوروبا تقدّم برنامج تعاون لمكافحة الفساد    تمّ رفضه من قبل الصهاينة بسبب تكلفته العالية .. مخطط حكم غزّة يسقط في الماء    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    عاجل/ انفجار بأكاديمية عسكرية في مدينة سانت بطرسبرغ الروسية..    القدرة الشرائية للمواكن محور لقاء وزير الداخلية برئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    الديوانة تحجز سلعا مهربة فاقت قيمتها ال400 مليون    دقاش: افتتاح فعاليات مهرجان تريتونيس الدولي الدورة 6    وزير الفلاحة: المحتكرون وراء غلاء أسعار أضاحي العيد    منوبة: إصدار بطاقتي إيداع في حق صاحب مجزرة ومساعده    خلال نصف ساعة.. نفاد تذاكر مباراة الأهلي والترجي في «نهائي إفريقيا»    Titre    الرئيس المدير العام للصيدلية المركزية: نسبة النفاذ للأدوية الجنيسة والبدائل الحيوية في تونس تناهز 55 %    نابل : حجز كمية من المواد الكيميائية مجهولة المصدر ومنتهية الصلوحية    معلم تاريخي يتحول إلى وكر للمنحرفين ما القصة ؟    حاولوا سرقة متحف الحبيب بورقيبة الأثري...القبض على 5 متورطين    القبض على عنصر إجرامي خطير مفتش عنه دوليا في هذه المنطقة    تأجيل النظر في ملف اغتيال الشهيد محمد البراهمي    الكاف: مهرجان ميو يحتفي بفلسطين    القيروان انقاذ طفل سقط في بئر    غدا..دخول المتاحف سيكون مجانا..    وزارة الفلاحة تدعو الفلاحيين الى القيام بالمداواة الوقائية ضد مرض "الميلديو" باستعمال أحد المبيدات الفطرية المرخص بها    كلفة انجاز التّعداد العامّ للسّكان والسّكنى لسنة 2024 تناهز 89 مليون دينار – مدير عام معهد الإحصاء    خلال شهر أفريل : رصد 20 اعتداء على الصحفيين/ات من أصل 25 إشعارا    القيروان: الاحتفاظ ب 8 أشخاص من دول افريقيا جنوب الصحراء دون وثائق ثبوت هويّة ويعملون بشركة فلاحيّة    570 مليون دينار لدعم الميزانيّة..البنوك تعوّض الخروج على السوق الماليّة للاقتراض    عاجل/ أمريكا تستثني هذه المناطق بتونس والمسافات من تحذير رعاياها    إتحاد الفلاحة: المعدل العام لسعر الأضاحي سيكون بين 800د و1200د.    اليوم.. حفل زياد غرسة بالمسرح البلدي    حجز 900 قرص مخدر نوع "ايريكا"..    البرازيل تستضيف نهائيات كأس العالم لكرة القدم    مراسل قنوات بي إن سبورت "أحمد نوير" في ذمة الله    سوسة: وفاة شاب غرقا وانقاذ شابين اخرين    بعد تسجيل الحالة الرابعة من نوعها.. مرض جديد يثير القلق    إسبانيا تمنع السفن المحملة بأسلحة للكيان الصهيوني من الرسو في موانئها    حريق بمستودع بين المروج 6 ونعسان    انتخاب تونس عضوا بالمجلس الوزاري الإفريقي المعني بالأرصاد الجوية    قابس: تراجع عدد الأضاحي خلال هذه السنة    مباراة الكرة الطائرة بين الترجي و الافريقي : متى و أين و بكم أسعار التذاكر؟    كأس أوروبا 2024: كانتي يعود لتشكيلة المنتخب الفرنسي    ذهاب نهائي رابطة ابطال افريقيا : الترجي يستضيف الاهلي برغبة تعبيد الطريق نحو الظفر باللقب    عاجل : ليفربول يعلن رحيل هذا اللاعب نهاية الموسم    بطاقة إيداع بالسجن في حق مسؤولة بجمعية تُعنى بمهاجري دول جنوب الصحراء    البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يدعم انتاج الطاقة الشمسية في تونس    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    خطبة الجمعة...الميراث في الإسلام    الجزائر تواجه الحرائق مجدّدا.. والسلطات تكافح لاحتوائها    محيط قرقنة اللجنة المالية تنشد الدعم ومنحة مُضاعفة لهزم «القناوية»    روعة التليلي تحصد الذهبية في بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    الشرطة الفرنسية تقتل مسلحا حاول إضرام النار في كنيس بشمال غرب البلاد    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    وزارة الثقافة تنعى المطربة سلمى سعادة    بمناسبة اليوم العالمي للمتاحف: الدخول للمتاحف والمواقع والمعالم الأثرية مجانا للتونسيين والأجانب المقيمين بتونس    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



... ورحل أحمد إبراهيم: رمز التّواضع والنّضال
نشر في التونسية يوم 15 - 04 - 2016

رحل أمس أحمد إبراهيم تاركا وراءه تاريخا مشرفا جمع بين التمكّن الأكاديمي كجامعي صاحب بحوث عديدة، وبين السياسة دون السقوط في «الفهلوة» أو تشويه الخصوم. يُحسَب له احترام كل النخب المثقفة والسياسية وخاصة التي تختلف معه لأنه كان يمارس السياسة بجرعة أخلاقيّة راقية لا نكاد نلمحها في أغلب الطيف السياسي. ومازال رفاقه وخصومه يذكرون جيدا ترشحه سنة 2009 للرئاسية ضد بن علي الفائز مسبقا ولكنّ حملته آنذاك ساهمت في خلق مناخ مدني قادر على تحقيق الحلم ولو تدريجيا بمجتمع تعددي مدني ديمقراطي عاش أحمد إبراهيم أولى ثماره كنائب في المجلس التأسيسي ليختم حياته السياسية بعد ذلك بقرار جريء، لا نراه كثيرا في حياة الأحزاب وهو التخلي عن المنصب الأول في حزبه «المسار».
فقدت تونس أمس زعيما يساريا وأمينا عاما سابقا لحركة «التجديد» التي غيّرت اسمها إلى حزب «المسار الديمقراطي الاجتماعي»، إثر معاناة طويلة مع المرض أسلم بعدها الروح عن سن 69. كان مناضلا حقيقيا. ولد في مدينة جرجيس يوم 14 جوان 1946 وهو سياسي وجامعي تولى الأمانة الأولى لحركة «التجديد» منذ عام 2007 وعمل كأستاذ للسانيات المقارنة بجامعة تونس إلا أنه أحيل على التقاعد الوجوبي لأسباب سياسية. ناضل في الاتحاد العام التونسي للشغل صلب قطاعي التعليم الثانوي ثم العالي، وتحمّل مسؤوليات نقابية في بداية الثمانينات.
انخرط «ابراهيم» في أواسط الستينات في الحزب الشيوعي التونسي وانتخِب عام 1981 عضوا في لجنته المركزية، وكان من مؤسسي “حركة التجديد” التسمية الجديدة للحزب وانتخب عضوا في لجنتها التنفيذية أثناء مؤتمرها التأسيسي.
انتخب عام 2001 أمينا عاما مساعدا للحركة وعام 2007 أمينا أوّل، وفي 22 مارس 2009 ترشّح “أحمد ابراهيم” للانتخابات الرئاسية عن “المبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية والتقدم” وهي تحالف سياسي يضم حركة «التجديد» و«الحزب الاشتراكي اليساري» و«حزب العمل الوطني الديمقراطي».
بعد الثورة دُعي أحمد إبراهيم لتولّي منصب وزير التعليم العالي في حكومتي محمد الغنوشي الأولى والثانية ثم عند إسقاط الحكومة والدعوة لانتخابات المجلس التأسيسي انصرف أحمد إبراهيم في التحضير للانتخابات حيث ترشح عن تحالف «القطب الديمقراطي الحداثي» وفاز بمقعد في المجلس الوطني التّأسيسي عن دائرة تونس 2.
ويعتبر الفقيد من الوجوه البارزة في صفوف الحركة اليساريّة والديمقراطيّة وقد تعرّض بسبب ذلك إلى عديد التضييقات من النظام السابق.
تدوينة أخيرة
من بين التدوينات الأخيرة التي نشرها القيادي اليساري أحمد ابراهيم نص قصير ومعبّر كتبه يوم 20 مارس طالب فيه بإعادة الاعتبار الى كل الوطنيين المنسيين وجاء فيه:
“بمناسبة الذكرى 60 للاستقلال، جدير بنا الاّ ننسى كل الوطنيين دستوريين، وشيوعيين، ومستقلين… الذين ضحوا لإخراج المستعمر… فتحية لروحك يا جورج عده، وتحية لروح الرفاق الذين غادرونا، محمد النافع، ومحمد حرمل، وعلي جراد، ومحمد جراد، وخميس الكعبي، وحسن السعداوي… وغيرهم كثيرون… التاريخ الرسمي في عهد بورقيبة وبن علي لطالما غيب دور هؤلاء المكافحين… فلنعمل على إعادة الاعتبار إلى كل الوطنيين المنسيين!”
مقبرة الشهداء
وقد أذن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي أمس بدفن الراحل بروضة الزعماء بمقبرة الجلاز. واعلن حزب «المسار الديمقراطي الاجتماعي» وكافة أصدقاء وصديقات الفقيد احمد ابراهيم ورفيقات ورفاق دربه ان مراسم دفن الفقيد ستتم اليوم بمقبرة الجلاز بتونس العاصمة اثر صلاة العصر. وسيكون الخروج من منزله الكائن بحي الأساتذة بالمنزه التاسع في حدود الثانية بعد الزوال.
السبسي: تونس فقدت رجلا
وطنيا ومناضلا
ووصف الباجي قائد السبسي، رئيس الجمهورية، في برقية تعزية، رحيل إبراهيم بالخسارة الكبرى للوطن، قائلا إن الراحل كان «صديقًا وأخًا عزيزا ورجلا وطنيًا ومناضلًا صادقًا نذر عمره ومسيرة حياته لخدمة قضايا بلده وقيم العدالة والحرية والكرامة ولعب دورا هاما فى إنجاح مسار الانتقال الديمقراطي بعد الثورة. وإني أعتبر رحيله خسارة كبرى للوطن. رحم الله الفقيد العزيز ورزق أهله وذويه جميل الصبر والسلوان».
كلمات عن الفقيد
وقال حزب «المسار» في بلاغ له ان «أحمد ابراهيم مثال للمناضل الوفي الصادق الحكيم الذي عمل طيلة حياته على توحيد صف العائلة الديمقراطية والتقدمية والحداثية لما فيه مصلحة الوطن وخيره». وأكد الأمين العام لحزب «المسار الاجتماعي» سمير الطيب أن الفقيد أحمد ابراهيم الذي كان نائبا بالمجلس الوطني التأسيسي كان النائب الوحيد الذي تنازل عن منحة التقاعد الخاصة به دون أن يعلم أحدا بذلك. وأضاف أنه قام بجميع الإجراءات للتخلي عن منحته دون أن يفصح لأحد عن ذلك مؤكدا أنه كان رمزا لمبدإ نكران الذات مضيفا أنه خسارة لتونس لأن همه الوحيد كان خدمة تونس ولم يسعى إلى المناصب أو المال.
وقال الطيب إنه سيقبل تعازي حركة «النهضة» في أحمد ابراهيم رغم الصراعات المعروفة بين حزبه والحركة.
وأكد سمير الطيب أن له اصدقاء في حركة «النهضة» وأنه لا يهادن على المبادئ وعلى السياسة مرحبا بكل من سيحضر جنازة أحمد ابراهيم وسيعزي فيه باعتبار ان السياسة أخلاق قبل كل شيء .
خسارة لتونس وللديمقراطيّة
من جانبها نعت «الجبهة الشعبيّة» الراحل. وقالت الجبهة إنّ «فقدان المناضل أحمد ابراهيم هو خسارة لتونس وللديمقراطيّة وللفكر التقدّمي، وإنّ مصابنا جلل، فقدنا عزيزا على قلوبنا، نصيرا للحرية وللعدالة الاجتماعيّة وللمساواة».
هامة شامخة
وكتب الطاهر شقروش المناضل الوطني اليساري من قدماء حركة «آفاق» الطلابية اليسارية وحركة «العامل التونسي» نصا نعى فيه الراحل جاء فيها «قليلون هم المناضلون من أمثال أحمد ابراهيم…عرفته وأنا مطارد من البوليس السياسي ومحاكم غيابيا مع رفاقي بمنظمة “آفاق –العامل التونسي”…كان من كوادر “الحزب الشيوعي التونسي” الممنوع يدرس بباريس ويناضل بالمهجر … وكانت الصراعات بين منظمة “آفاق –العامل التونسي” و«الحزب الشيوعي» على أشدها …ولكن ذلك لم يمنعه من استقبال الرفيق محمد الخنيسي المطارد ببيته وليمدّنا عبره بالمساعدة والدعم…
وتعرفت عليه أكثر لما غادرت السجن… اثناء اجتماعاتنا للبحث عن قواسم تجميع اليسار والقوى التقدمية وكانت مقرات “الحزب الشيوعي” ثم “حزب التجديد” تضمنا …هناك رتبنا مناضلات ومناضلين يساريين أشياء كثيرة لعل أهمها انجاز المؤتمر الثامن عشر الخارق للعادة وتحويل مجلة “نساء” إلى “جمعية النساء الديمقراطيات”…وتأسيس منتدى “ابن رشد” الذي رفضت السلطة منحه التأشيرة…وحين اشتد القمع وبلغ صلف المستبدين أوجه لم ينحن ولم يطأطئ رأسه بل بقي هامة شامخة كما قاوم بنفس الثبات القوى الظلامية التي أرادت قهر التونسيين والعبث بمكتسباتهم التقدمية بعد الثورة… كان المناضل والرفيق أحمد ابراهيم رمز التواضع والنظرة الثاقبة والثقافة الواسعة… وإنه ليعز عليّ أن أتحدث عنه بصيغة الماضي لأن حياة أحمد ابراهيم كانت جملة من القيم والمبادئ التي على ضوئها نحيى وعلى وتائرها نعيش كل يوم وكل صباح ومساء… ولئن غيبته الموت عنا فهو باق بيننا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.