بدأ التطوير الفعلي للاستعمالات السلمية للطاقة النووية مع بداية التسعينات خاصة مع وجود طلب متزايد للجوء لهذه الطاقة بغية الاستجابة للحاجيات من الكهرباء والماء والمنتوجات الفلاحية وكذلك الطبية..والدول العربية شأنها في ذلك شأن بقية الدول سعت بدورها للاستفادة من هذه الطاقة لتحسين إنتاجها في العديد من المجالات وكلفت الهيئة العربية للطاقة الذرية الموجودة في تونس بهذه المهمة. ولكن أغلب الأفكار السائدة تهول من أخطار استعمال الطاقة النووية ظنا من البعض بأن انعكاساتها السلبية على الصحة والبيئة تفوق بكثير إيجابياتها. "التونسية" تحولت لمقر الهيئة العربية للطاقة الذرية وبحثت في نوعية ومجالات الاستعمالات السلمية للطاقة النووية وكذلك في حقيقة ما نسمعه عن الأخطار والسلبيات. أفادنا الدكتور "ضو سعد مصباح" مدير إدارة الشؤون العلمية بالهيئة العربية للطاقة الذرية بأن السنوات العشر الأخيرة هي عصر النهضة النووية. وبأن الدول العربية من بينها تونس استفادت بدورها من هذه النهضة كما بين لنا الدكتور "ضو سعد مصباح" أن التطبيقات السلمية للطاقة الذرية متنوعة ومتعددة حيث تستعمل في إنتاج الطاقة الكهربائية خاصة وأن الطلب العالمي يزداد يوما بعد يوم فالطلب على الكهرباء سيزداد بحوالي 50% بحلول سنة 2025. وبالنسبة إلى الدول النامية سيزداد ب 3.6% لكل سنة وبخصوص هذا المجال تستعد تونس لإنجاز محطة كهرو نووية في أفق سنة 2020. و أضاف أنه من التطبيقات السلمية الأخرى للطاقة النووية تحلية المياه.كما يتم استخدام النظائر المشعة للأهداف الصناعية التالية: - الاختبارات اللا إتلافية - تحديد السماكات والمستويات - صناعات دوائية وغذائية وثقيلة مختلفة. - استخدام الطاقة النووية في التحليل الغاصري - إنتاج أشباه الموصلات مثل رقائق السيليكون - تحويل الأحجار إلى أحجار كريمة مثل حجر التوباز ويضيف محدثنا أن الاستخدامات الأخرى عديدة من بينها استخدام النظائر المشعة في الزراعة حيث تستعمل لتعقيم المنتجات الزراعية وإطالة فترة التخزين وتسهيل التصدير (الثوم ، البصل، البطاطا، الفراولة..) وإبادة الطفيليات.كذلك تستخدم في إحداث طفرات بواسطة الإشعاع بهدف إيجاد نباتات قابلة للزرع في أراضي مالحة أو شبه مالحة وفي مكافحة الآفات والحشرات مثل ذبابة الفاكهة وبتقنية الذكور العقيمة. وهذه التقنية تستخدم في تونس حيث تتم عملية تعريض الذكور للأشعة بهدف جعلها عقيمة ثم تؤخذ إلى منطقة بني خلاد لمزارع القوارص.. كما يمكن استخدام هذه النظائر المشعة في الكشف عن متبقيات الأسمدة والمبيدات في المنتجات الزراعية والتربة. وكذلك في ترشيد استخدام مياه الري..وإلى جانب هذه الاستعمالات ذكر لنا الدكتور "ضو سعد مصباح" دور هذه الطاقة في الصحة والطب من ذلك في التصوير والتشخيص وعلاج السرطان وتعقيم الأدوات الطبية بواسطة الإشعاع. * الطاقة النووية والبيئة و من التطبيقات السلمية الأخرى تلك المتعلقة بالبيئة حيث بين الدكتور "أحمد رشاد قاسم" رئيس قسم علوم الحياة والبيئة أنه على عكس ما هو شائع فإن هذه الطاقة إذا استخدمت بالطريقة الصحيحة ،وفي حالة اتخاذ جميع التدابير، فإنها ستساهم في المحافظة على البيئة وليس في الإضرار بها. ويضيف الدكتور "أحمد رشاد قاسم" بأنه من التطبيقات السلمية الكشف عن التلوث بواسطة التقنيات النووية ودراسة درجة التبخر في البحيرات. هذا إلى جانب دراسة المياه الجوفية بواسطة تقنية النظائر المشعة والمستقرة وتطبيقات أخرى في مجال الري بمياه الصرف الصحي. وبين أنهم يأخذون بعين الاعتبار كيفية الاستغلال الأمثل لموارد البيئة مع الحفاظ على حق الأجيال القادمة في بيئة سليمة. وهو ما يجعل عملية تركيز أي مفاعل نووي أو محطة يتطلب مدة طويلة لا تقل عن 10 سنوات لضمان الأمن والأمان لحماية الأشخاص والبيئة والممتلكات. * الحل في مشاريع عربية مشتركة وبخصوص تعامل الدول العربية مع هذه التطبيقات أفادنا الدكتور " صلاح الدين التكريتي" رئيس قسم التقنيات النووية أن الاستخدام العربي مازال في حاجة إلى مزيد التفعيل. فهناك استخدامات غير مكلفة وبإمكانها المساهمة في تطوير الإنتاج ولكن غير مستعملة في العديد من البلدان العربية بسبب تخوفها من ذلك. فمثلا مكافحة الآفات والحشرات مثل ذبابة الفاكهة مستخدمة فقط في 4 دول عربية وهي تونس والإمارات والأردن ومصر. كما ذكر الدكتور "صلاح الدين" أن الدول العربية تفكر في استخدام الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء خاصة أمام تزايد الطلب وكذلك في بعض الاستخدامات الأخرى وقد اقترحت الهيئة العربية للطاقة الذرية تعاونا عربيا في هذا المجال أي إقامة مشاريع مشتركة بين الدول تكون أقل كلفة. وقد وضعت الهيئة استراتيجية عربية للإستخدامات السلمية للطاقة الذرية تم عرضها على الجامعة العربية ووقع اعتمادها في الدوحة سنة 2009 وتضمنت هذه الاستراتيجية عديد المشاريع المشتركة. ويبلغ عددها 12 مشروعا مقسمة على 3 محاور كبرى وهي الطاقة النووية والأمن والأمان النووي والبيئة وعلوم الحياة والتقنيات النووية. وانطلق مؤخرا التفعيل الفعلي لبعض المشاريع حسب ما أفادنا به رئيس قسم التقنيات النووية. ومن بين هذه المشاريع تعزيز البنى التحتية للدول العربية للاستعداد لبناء محطات نووية والعمل على إدخال العلوم النووية في المناهج التعليمية. وتستعد الهيئة العربية للطاقة الذرية للعديد من الأنشطة خلال سنة 2011 من بينها تنظيم دورات تدريبية وندوات تحسيسية في شتى المجالات.