احتضن المسرح البلدي بالعاصمة أكثر من تظاهرة ثقافية مثل أيام قرطاج المسرحية و أيام قرطاج الموسيقية في دورته الأولى و افتتاح أيام قرطاج السينمائية إضافة إلى عدد هام من العروض المسرحية و الموسيقية المنفردة ليكون قبلة الثقافة خاصة أن هذه العروض كانت من مختلف أنحاء العالم. و يعيش هذه الأيام على وقع سهرات ليالي قرطاج ضمن الدورة 47 لمهرجان قرطاج الدولي لتبرمج فيه 12 سهرة بدأت بعرض افتتاحي للاركستر السمفوني بقيادة الفنان "حافظ مقني" يوم الخامس من جويلية و تنتهي يوم الحادي و الثلاثين من نفس الشهر بعرض مسرحية "يحيى يعيش" من إخراج "فاضل الجعايبي". و كان الموعد ليلة البارحة مع العرض الشبابي لكل من "محمد العياري" أو "Big Men" و "حمادي الطرابلسي" آو "H.Tounsi" و "صلاح الدين العرفاوي" أو "Slah Soopa". هذا العرض خرج عن مسميات الحفل ليتحول إلى ما يشبه اجتماع شباب الحي الواحد. لنبدأ الحكاية منذ البداية حيث أن المسرح كان فارغا تماما ما عدا جلوس الشاب "غسان" من أصل 6 أشخاص كانوا قد اقتطعوا تذكرة الحفل و لم يحضروا. الشاب غسان القادم من المدينةالجديدة انتظر هذه السهرة منذ فترة بما انه مغرم بهذا النوع من الفن وفي رصيده 8 أغاني و يتمنى مواصلة المشوار ليعتلي الركح .غسان أو "Gaston" بكالوريا علوم تجريبية و يمارس رياضة كرة القدم و يهوى الموسيقى, يأمل في أن يقضي سهرة ممتعة و يتمنى أن يمتلئ المسرح حتى تكون الأجواء أكثر حماسة. ولكن الحفل بدأ ووجد "H Tounsi" و "Big Men" نفسيهما أمام مدارج فارغة تماما . و اضطر الفنانان إلى قطع الحفل و بعد لحظات دخلت أفواج من الشباب إلى المسرح, هم في الحقيقة مجموعة من فناني الراب و الأصدقاء ليكثر العناق و السلام و لتتحول خشبة المسرح إلى ملتقى لهؤلاء الشباب إضافة إلى حضور الفنان الثالث "Slah Soopa" و الديدجي متأخرين عن موعدهما. و أعيد تنظيم الحفل خلال نصف ساعة من الزمن وسط فوضى كبيرة من الحضور, ليظهر في شكل جديد لتعتلي خشبة المسرح وجوه جديدة من فناني الراب مثل "Wistar" و "Madou" و "Wild el 15" و غيرهم. و تفاعل الجمهور مع هؤلاء الفنانين فكان الرقص تارة في أروقة المدارج و طورا فوق خشبة المسرح. لقد استطاع الحفل البارحة أن يرمي بعرض الحائط تاريخ المسرح بسبب الفوضى التي ميزته .. و تعوض رعشة المتعة والانبهار رعشة أخرى خوفا عليه من ويلات انقلاب الحفل إلى عكسه . تأخذنا الذاكرة و نحن نراقب ما يجري على الخشبة إلى الزمن الذي احتضن فيه هذا المعلم عروضا فنية، من "فريد الأطرش" الذي غنى على خشبته بساط الريح لأول مرة و "يوسف وهبي" و"زكي طليمات" و"علي بن عياد"و " نورالدين القصباوي" و " منى نورالدين" و "نزار قباني" و "عز الدين المدني"و "الطيب الصدقي" و "سميح القاسم" و "محمود درويش"... لقد تميز الحفل في مجمله بخروجه عن النص مما غلّب صورة إحياء سهرة في حي شعبي و تضيع في كل ذلك هيبة المسرح . وهيبة مهرجان قرطاج ...!