يشهد الأسبوع الجاري حراكا سياسيا لافتا يتميّز بالخصوص بتسريع نسق المشاورات بين أبرز الأحزاب السياسية الفائزة في إنتخابات 23 أكتوبر الماضي وأهمها حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات لتحديد ملامح الحكومة الجديدة على الأقل خاصة بعد أن تعددت تسميات هذه الحكومة: حكومة وحدة وطنية, حكومة ذات مصلحة وطنية أو حكومة ائتلافية والواقع بل المؤكد والثابت أن حركة النهضة لا تريد حمل وزر المرحلة الجديدة لوحدها : وأن تكون المسؤولة بمفردها عن تبعات الفشل المحتمل وتسعى قيادتها إلى أن تشرك في الحكومة الجديدة كل الأطراف والأحزاب السياسية بمن فيها تلك التي فشلت في إنتخابات 23 أكتوبر الماضي ومع رفض بعض الأحزاب والمنظمات المشاركة في الحكومة الجديدة على غرار الحزب الديمقراطي التقدمي وكذلك الإتحاد العام التونسي للشغل وغيرهما . وفي ضوء التجاذبات والإختلافات وفي ضوء تباعد وجهات النظر على الأقل فإنّ تشكيل الحكومة الجديدة سيكون دون أدنى شك أمرا عسيرا خاصة بعد أن تسربت أنباء عن تمسك النهضة بتولي الحقائب الوزارية السيادية والإبقاء على بعض أعضاء الحكومة المؤقتة الحالية . كما يتعين حصول توافق حول طبيعة مهام هذه الحكومة التي ستكون إما حكومة تصريف أعمال أو حكومة مؤقتة في مرحلة إنتقالية ثانية بعد ثورة 14 جانفي أو حكومة تمارس فعلا وظائفها ومهامها الطبيعية .خاصة وأنها ستكون منبثقة عن مؤسسة دستورية هي المجلس الوطني التأسيسي . وتجدر الإشارة أيضا حسب ما يتداول إلى أن هناك إنقساما في هيئة التكتل بين مؤيد ومعارض للمشاركة في الحكومة الجديدة . علما وأنّه قد تسند لهذا الحزب وزارات ذات صبغة إجتماعية على غرار وزارة الصحة و وزارة الشؤون الإجتماعية ووزارة التشغيل والتكوين المهني كما لا يستبعد أن تضم الحكومة الجديدة خبرات وطنية مستقلة مشهود لها بالكفاءة . والحقيقة الثابتة أن عملية تشكيل الحكومة الجديدة لن تحصل قبل نهاية الأسبوع الجاري الأمر الذي سيسهم في تأجيل أول جلسة عامة للمجلس الوطني التأسيسي إلى يوم 20 نوفمبر الجاري في حين كان من المنتظر أن تنعقد السبت القادم بعدما حددت الأحزاب السياسية النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل يوم غد الأربعاء 9 نوفمبر الجاري للتوصل إلى إتفاق حول هذه المسألة .وهو اليوم الذي ستتولى فيه الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات الإعلان عن النتائج النهائية للإنتخابات وإعادة توزيع المقاعد بناء على حكم المحكمة الإدارية اليوم الثلاثاء القاضي بقبول طعون قائمة العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية في 5 دوائر إنتخابية هي سيدي بوزيد والقصرين وتطاوين وصفاقس 2 وجندوبة لتستعيد بذلك المقاعد السبعة التي فقدتها بعد أن قررت اللجنة العليا المستقلة للإنتخابات إسقاط هذه القائمات . وحتى في صورة التوافق حول تشكيل الحكومة الجديدة فإن إشكالا آخر سيظل قائما وخاصة حول المترشحين لمنصب رئاسة الجمهورية الذي يتمسك به المنصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وهو الهدف الذي رسمه وأعلنه منذ وصوله إلى مطار تونسقرطاج الدولي بعد ثورة 14 جانفي الماضي وكلنا نتذكر كيف تناغم المرزوقي مع أنصاره الذين رفعوا وهتفوا طويلا : "المرزوقي ...رئيس " MARZOUKI PRESIDENT " . فهل يتم الإلتجاء إلى مبدأ المحاصصة بصورة مكشوفة خاصة بعد ان إختارت النهضة رئاسة الحكومة في شخص حمادي الجبالي أمين عام الحركة وتؤول رئاسة المجلس التأسيسي إلى الدكتور مصطفى بن جعفر وهو المنصب الذي تعتبره الأغلبية الأهم في هذه الفترة الجديدة...؟ تساؤلات كثيرة في حقيقة الأمر مطروحة وسط حيرة الشعب التونسي وضبابية الوضع ... نأمل أن نجد الإجابة الشافية والضافية عنها في الأيام القليلة القادمة .