تعرض تقرير اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة لجملة من الممارسات المتعلقة بالفساد والتجاوزات في عهد الرئيس السابق . وقد تلقت اللجنة أكثر من عشرة آلاف ملف حتى الآن . ومن بين التجاوزات التي تعرض لها التقرير تلك المتعلقة بالصفقات العمومية التي مثلت بدورها مجالا لعبت رئيس الدولة السابق ومساعديه إذ تم الالتفاف على التشريع الجاري به العمل والانحراف به من خلال تحويل السلطة التقريرية من الأجهزة المختصة قانونا إلى رئاسة الجمهورية وفقدت اللجنة العليا للصفقات صلاحياتها بما أن مداولاتها تتم إحالتها لرئاسة الجمهورية التي تقرر إسناد الصفقات وغالبا ما يتم توجيه مراسلات للوزارة المعنية تتضمن عبارة :" تقر إسناد صفقة" وذلك خلافا للتراتيب القانونية فضلا عن كون مصالح الرئاسة تسعى في حالات معينة مستعينة بالوزارة الأولى والمؤسسات العمومية المعنية إلى توجيه الصفقة قصد إسنادها للجهة التي يقرر الرئيس مسبقا تمتيعها بهذا الإمتياز وتصبح بذلك الإجراءات المتبعة مجرد غطاء قانوني لإضفاء شرعية قانونية ظاهرية لا غير وذلك حسب ما جاء بتقرير اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة . ومن بين تجاوزات النظام السابق والتي تتعلق بالصفقات العمومية نذكر الصفقة المتعلقة بإنجاز مدينة الثقافة التي شهدت عدة إخلالات وتجاوزات أضرت بمصالح الدولة ومن أهمها عدم إسناد الصفقة للمشارك صاحب العرض الأقل كلفة بعد تحيين العروض وتمكين المقاولة صاحبة الصفقة من مبالغ إضافية دون وجه حق . بالإضافة إلى تمكين المقاولة من آجال إضافية والتنازل عن خطايا التأخير المستوجبة لفائدة الدولة دون وجه شرعي . وكذلك التأخير الكبير في إنجاز المشروع الذي لم يكتمل إلى حد الآن رغم أن الآجال التعاقدية الأصلية تنتهي في جويلية 2008. وتجدر الإشارة الى ان المساحة الجملية المغطاة للمشروع تبلغ 49.000 م2 . بالاضافة الى الصفقة المتعلقة بإقتناء سفينة النقل بين صفاقس وقرقنة التي تبين من خلال عدة معطيات أن الوزير السابق (ع.ر.ز) قد إستغل منصبه للإسراع بصورة مشبوهة بإبرام الصفقة المذكورة دون صدور تعليمات كتابية من الرئيس السابق وذلك رغم إرتفاع ثمن السفينة بالمقارنة مع التقديرات والإعتمادات المتوفرة بالإضافة إلى تجاوزات في ملف بعث وحدة جديدة لتوظيف الغاز المسيل GPL إذا تم الإعلان عن طلب عروض دولي من قبل الشركة التونسية للكهرباء والغاز بتاريخ 26 سبتمبر 2003 لإنجاز الدراسات والتصنيع والتزود بالتجهيزات اللازمة وتركيبها لبعث وحدة جديدة لتوظيف الغاز المسيل GPL وتأهيل الوحدة الحالية بقابس ولم توافق اللجنة العليا للصفقات العمومية على إسناد الصفقة إلى العارض GEA وأذنت للشركة التونسية للكهرباء والغاز والقيام بإستشارة موسعة لدى المشاركين في طلب العروض وعند الإقتضاء لدى مصنعين آخرين وذلك على أساس كراس شروط معدلة إلا أن رئيس الجمهورية السابق أعطى تعليماته بالموافقة على إسناد الصفقة للعارض GEA .وبخصوص مبدأ نقل المواد البترولية بالشركة التونسية لصناعة التكرير فقد شهد بدوره عديد التجاوزات كاستغلال م.ط لعلاقة المصاهرة التي تجمعه بالرئيس السابق للفوز بصفقات نقل المواد البترولية الى جانب استغلال نفوذ الرئيس السابق ومستشاره الاقتصادي (م.ص) وكل من وزير الصناعة (ع.ش) ووزير النقل (ع.ر.ز) والمدير العام السابق للشركة التونسية لصناعات التكرير (أ.ب.ع) ومدير عام البحرية التجارية (م.ر) وضلوعهم في محاباة شركة "ترانسماد" لتنشط في مجال النقل وتمكين هذه الشركة من الإنفراد بسوق النقل البحري إلى جانب العمل على إقصاء الناقلين البحري AMD وamc وخاصة شركة AMD المنافس بالشركة "ترانسماد" . وقد شهدت الصفقة المتعلقة بإستغلال مصب جبل شاكير عديد التجاوزات أيضا إذ تبين أنه تم إسناد الصفقة بطريقة غير شرعية ومشبوهة إلى الشركة الفرنسية ومستشارها F.L الفرنسية والذي يعتبرخ الرئيس السابق صديقا لتونس كما تبين أن الرئيس السابق ووزير البيئة السابق والمستشار السابق للرئاسة (ع.ب.ض) والكاتب العام للحكومة إستغلوا نفوذهم ووظائفهم لتوجيه الصفقة . وبخصوص الصفقة المتعلقة بإنجاز مضاعفة الطريق الجهوية E2 33 الرابطة بين الطريق الوطنية رقم 9 والطريق الجهوية رقم 33 التي وقع إسنادها لمقاولة SOMETRA صاحبة العرض الأقل ثمنا بموافقة وزارة التشغيل وقد صادقت عليه اللجنة العليا للصفقات العمومية لكن تعليمات الرئيس السابق إقتضت إسناد الصفقة إلى مقاولة AVTOBAN الروسية الذي يعتبر عرضها غير متطابق وبه معطيات متناقضة على حساب منشأة عمومية تونسية (مقاولة SOMETRA) مما قد يكون وراءه منافع . وقد شهد ملف "المناطق الزرقاء " بصفاقس وأشغال الملك العمومي أيضا عدة تجاوزات من قبل والي صفاقس السابق (م .ب.س) الذي إستعمل نفوذه لفائدة بعض المؤسسات الإقتصادية دون إحترام مقتضيات التشريع الجاري به العمل مما يثير شبهة حول الحصول على فوائد مقابل ذلك ومن بين تجاوزاته نذكر تدخله لتمكين بعض المؤسسات لإشغال ملك عمومي على ذمة البلدية مقابل معاليم رمزية لا تتناسب إطلاقا مع القيمة الإقتصادية والفوائد المنجزة للمستفيدين بهذه الأشغال والذي لا يتولى عدد هام منهم الوفاء بهذه المعاليم الرمزية المثقلة تجاههم . وقد إستعرض التقرير ايضا عديد الرشاوى بعنوان عمولات وساطة عن الصفقات التي تبرم لفائدة صهر الرئيس السابق (ص.م)اذ تلقت الشركة المتوسطية للتجهيزات التي يديرها صهر الرئيس السابق رشوة مقابل تسهيل حصول شركة THALES على صفقات بالإستفادة من الخبرة الفنية والتجارية للشركة المتوسطية للتجهيزات ومعرفتها بالسوق التونسية قصد تنمية برامجها لدى حرفائها التي أبرمت وهو ما يؤكده العقد المبرم بتاريخ 12 فيفري 2008 بين الشركتين وقد ساهم مجمع THALES في نشر الفساد والرشوة في تونس بتشجيعه للعمليات المشبوهة التي يقوم بها (ص.م) عن طريق الشركة التونسية للتجهيزات كما طالت التجاوزات أيضا إبرام عقود كراء مساحات إشهارية مبرمة مع شركة إتصالات تونس إلى جانب تجاوزات في التصرف في الصفقات بشركة نقل تونس وتجاوزات تتعلق بصفقة تمديد الخط الجنوبي لمترو المروج .