من المعلوم أن ميزانية الدولة تعاني عجزا هاما يقدر بالمليارات ناجما عن تراجع قطاعات التجارة و السياحة و الصناعة و المالية. فقي القطاع التجاري تراجعت صادراتنا من المواد المنجمية نظرا للإضراب في مناجم الفسفاط الذي يعتبر شريانا هاما للاقتصاد الوطني منذ عدة أسابيع الأمر الذي ساهم في تكبد البلاد خسائر كبرى كان يمكن تفاديها . القطاع السياحي بدوره حافظ على ركوده رغم بعض التحسن في الفترة الأخيرة بسبب الانفلات الأمني الحاصل بين الحين و الآخر بالإضافة إلى غياب الاستقرار السياسي ما دفع السياح الى تغيير وجهتهم السياحية نحو بلدان مثل المغرب و تركيا ... من جهته القطاع الصناعي نوعا من التذبذب بما أن عديد المؤسسات تم إقفالها من قبل أصحابها فيما تشهد بعض المؤسسات الأخرى حالة اختناق كبيرة للحصول على تعويضات على التخريب و الحرق التي طالت مقراتها للعودة من الجديد إلى نشاطاتها المعتادة . زيادة على ذلك أزمة الديون الحادة التي تعيشها أوروبا و تراجع القطاع المصرفي في بلادنا بما أن مصطفى كمال النابلي رئيس البنك المركزي أكد على تراجع نسبة الاحتياطي من العملة الصعبة لتصل إلى10.3مليارات دينار بعد أن كانت 13 مليار دينار مما يعني الاقتراب من الخط الأحمر المقدر بتغطية واردات ثلاثة أشهر فقط. و السؤال المطروح متى يتم النظر في ميزانية الدولة التي سنتعرف على ضوئها على السياسة التي ستنتهجها الدولة سواء كانت تلك التي تسير نحو الإبقاء على الزيادات و المنح التي تم إقرارها من قبل حكومة الباجي قايد السبسي أو سياسة تقشفية تلغيها تماما الأمر الذي قد يدخل البلاد في سجال جديد لا يمكن الخروج منه !. و كان حمادي الجبالي رئيس الحكومة الجديد قد قام بمشاورات مع عبد السلام جراد أمين عام اتحاد الشغل الهدف منها محاولة تهدئة الخواطر و التقليص من موجة الاضرابات و الاعتصامات جراء التركة الثقيلة لنظام فاسد أطنب في سلب العمال حقوقهم و للتباحث حول إيجاد صيغ حلول عاجلة للنهوض بالوضع الاقتصادي المتردي للبلاد. بالإضافة إلى أن البلاد تشهد نوعا من الاستقرار السياسي بعد انتخاب المجلس الوطني التأسيسي و تعيين رئيس جمهورية و رئيس حكومة الذي من المنتظر أن يعلن عن تشكيلتها يوم الاثنين المقبل نظرا لوضوح الأسماء التي ستكون فيها بما أن المشاورات الحثيثة بين "الترويكا" حولها بدأت بعد أيام من الانتخابات التي أقيمت في 23 أكتوبر الفارط.