يهم التونسيين : الانطلاق في عملية تحيين السجل الانتخابي غدا    ارتفاع طفيف في عدد مخالفات السيارات الإدارية خلال الثلاثي الأول من 2024    المرصد الوطني للفلاحة: انخفاض أسعار الدجاج والبيض    ماجول في صالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    محلل مالي : البنوك اصبحت تفرض شروطا صعبة في اسناد مختلف أنواع القروض    طقس الاحد: امطار غزيرة وتساقط البرد بهذه المناطق    غدا.. هبوب رياح قوية وانخفاض مدى الرؤية الأفقية بالجنوب    عاجل : انقطاع التيار الكهربائي بهذه المناطق    روعة التليلي تحصد الذهب في اليابان    الأونروا: 800 ألف فروا من رفح يعيشون بالطرقات.. والمناطق الآمنة "ادعاء كاذب"    إطلاق نار واشتباكات قرب القصر الرئاسي في كينشاسا    صيف 2024: 50 درجة منتظرة و شبح الحرائق حاضر    علماء يكشفون : العالم مهدد بموجة أعاصير وكوارث طبيعية    اليوم : وقفة احتجاجية للتنديد بالتدخل الاجنبي و بتوطين أفارقة جنوب الصحراء    أخبار النادي الإفريقي .. البنزرتي «يثور» على اللاعبين واتّهامات للتحكيم    إضراب بالمركب الفلاحي وضيعة رأس العين ومركب الدواجن    نابل: تضرّر ما يقارب 1500 هكتار : «الترستيزا» مرض خفي يهدّد قطاع القوارص    طقس اليوم ...امطار مع تساقط البرد    في عيده ال84.. صور عادل إمام تتصدر مواقع التواصل    بغداد بونجاح يحسم وجهته المقبلة    الجمعية التونسية "المعالم والمواقع" تختتم تظاهرة شهر التراث الفلسطيني    اليوم العالمي لأطباء الطب العام والطب العائلي : طبيب الخط الأول يُعالج 80 بالمائة من مشاكل الصحة    بوسالم.. وفاة شاب غرقا في خزان مائي    قبل أسبوعين من مواجهة ريال مدريد.. ظهور صادم لمدافع دورتموند    المجلس المحلي بسكرة يحتجّ    منال عمارة: أمارس الفنّ من أجل المال    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    تمدد "إنتفاضة" إفريقيا ضد فرنسا..السينغال تُلّوح بإغلاق قواعد باريس العسكرية    اتحاد الفلاحين: ''أسعار أضاحي العيد تُعتبر معقولة''    كأس تونس : النجم الساحلي يلتحق بركب المتأهلين للدور ربع النهائي    القصرين: القبض على شخص صادرة في حقه 10 مناشير تفتيش    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    بقلم مرشد السماوي: كفى إهدارا للمال العام بالعملة الصعبة على مغنيين عرب صنعهم إعلامنا ومهرجاناتنا!    في إطار تظاهرة ثقافية كبيرة .. «عاد الفينيقيون» فعادت الحياة للموقع الأثري بأوتيك    المهرجان الدولي للمشمش بحاجب العيون في دورته الثانية ...مسابقات وندوات وعروض فروسية وفنون شعبية    الحشاني يُشرف على اجتماع لجنة القيادة الاستراتيجية بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي    القيمة التسويقية للترجي و الأهلي قبل موقعة رادس    وزيرة الصناعة: مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا فريد من نوعه    أبو عبيدة: استهدفنا 100 آلية عسكرية للاحتلال في 10 أيام    نهائي دوري ابطال إفريقيا: التشكيلة المتوقعة للترجي والنادي الاهلي    طقس اليوم: أمطار بالمناطق الغربية والشرقية وحرارة أربعينية بالجنوب    العثور على كلاشينكوف في غابة زيتون بهذه الجهة    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    السبت..ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    ابرام اتفاق شراكة بين كونكت والجمعية التونسيّة لخرّيجي المدارس العليا الفرنسيّة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    داء الكلب في تونس بالأرقام    بينهم طفلان..مقتل 5 أشخاص نتيجة قصف إسرائيلي على لبنان    حلوى مجهولة المصدر تتسبب في تسمم 11 تلميذا بالجديدة    كمال الفقي يستقبل رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    جندوبة : يوم إعلامي حول تأثير التغيرات المناخية على غراسات القوارص    الصادرات نحو ليبيا تبلغ 2.6 مليار دينار : مساع لدعم المبادلات البينية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"يوسف الصّديق" في حوار خاص :"وجدي غنيم"... الإمام الكذّاب...أنا عند الإسلاميين علماني وعند العلمانيين إسلامي و الناخبون رهائن لدى الأحزاب ...
نشر في التونسية يوم 28 - 02 - 2012

كنت ساذجا و"عبيطا" وبسيطا وإن شاء الله" ما نعاودش صنعتي " !
لعل الكثيرين لم يسمعوا بيوسف الصدّيق إلا بمناسبة تقديمه لبرنامج"وإنت على دينك" في رمضان الماضي على قناة نسمة، وهي صفة تختزل تاريخ الرجل وتغمطه حقه ، فهو والد أميّة التونسي الوحيد الذي شارك في رحلة سفينة الكرامة لكسر الحصار على غزة السنة الماضية، وهو من أهم المفكرين العرب في النصف الثاني من القرن العشرين .
هو فيلسوف وباحث أنثروبولوجي وصحافي متعاون أيضا باليومية "لابراس" منذ السبعينات، حتى جاءت الثورة فإذا بالجريدة تستغني عنه بسبب ما ورد في حوار كنت أنا طرفه الثاني لم يعجب أولي الأمر في جريدة الدولة فرنسية اللسان ...
درّس في جامعة باريس الثالثة الفلسفة والفكر الإسلامي الحديث، أصدر عدة كتب أشهرها Nous n'avons jamais lu le Coran (2004) كما ترجم الأحاديث النبوية وأقوال الإمام علي بن أبي طالب (كرّم الله وجهه).
وفي سنة 1992 تعرض لحملة شعواء بلغت حد تكفيره من طرف مفتي الديار التونسية آنذاك بسبب اعتزامه إصدار القرآن الكريم في سلسلة صور متحركة لأهداف تربوية ، كما أنجز سلسلة وثائقية عن الرسول الأكرم لفائدة تلفزيون ARTE .
ترشح يوسف الصديق في انتخابات 23 أكتوبر عن دائرة أريانة مستقلا بعد أن رفض دعوات عدة أحزاب ليدخل في عباءاتها وعلى الرغم من قيمة الرجل وكفاءته وجد نفسه خارج المجلس التأسيسي ، والغريب أنه بات خارج المنابر التلفزية بشكل لافت وكأن كلمة السرّ صدرت لتغلق الباب في وجهه.
التونسية حاورت المفكر والفيلسوف يوسف الصدّيق...
*في الفترة الأخيرة قل حضورك الإعلامي فأين اختفيت؟
والله لست مختفيا في أي مكان، أنا إنسان لا أتصل بمساحات الإعلام حتى أتكلم فإن اتصلت بي أتحدث وإن لم تتصل فأنا صابر على الصمت.
*كنت ضيفا قارا في نسمة بل أحد منتجيها، ما الذي حدث بينكما؟
الحديث عن نسمة مسألة إعلامية مهنية يحرجني الخوض فيها على أساس أني طرف في الموضوع ، اعتقادي أن كل مساحة إعلامية سواء أكانت تلفزة أم جريدة أم إذاعة هي حانوت ، فإن تمت الاستجابة لشروطي فأنا أدخل أشتري وأبيع و إن لم تلبّ شروطي فإني أنسحب ...
*ما هي شروطك؟
أن لا يغير شيء مما أقوله .
طلب مني في رمضان الماضي أن أتحدث عن القرآن بعلمي وبطريقتي وأنا أعتقد أن العلم نسبي ، أما طريقتي فأعتقد أن القرآن سلس وعادي ويومي لذلك تحدثت عنه بطريقة يومية واخترت أفضل توقيت للبث واستجيب لي، وطلبت مبلغا مهما جدا كمكافأة لي واستجيب لي، وطلبت الحرية كاملة ، أقف أو أجلس أمام كاميرا المخرج حمادي عرافة ولا ينقص مما أقوله شيئا . بعد ذلك تحادثنا عن حصة بعنوان" التحرير والتنوير"وكنت طرفا في صياغتها قبل أن يجيء عبد الحليم المسعودي الذي إلتحق بالمشروع لأنه كان يفترض أن يدير البرنامج حسن بن عثمان، وأظن أن حضوري كان سميكا في حصتين ، واحدة عن "الدين ثقافة" وثانية عن الوحي. لا أندم على شيء مما قلته مع الإخوة عبد المجيد الشرفي ورجاء بن سلامة وألفة يوسف وآخرين ...لكن في وقت من الأوقات شعرت بأني سأكون أداة لإيديولوجية أخرى و أداة لخدمة سياسة القناة التي هي سياسة إثارة "متاع حوانيت" أيضا، أنا لا ألوم أي قناة على أن تكون لها سياسة إثارة تجلب بها المشاهدين بطريقتها هي، لكني لن أكون أداة في هذه السياسة .
*أنت من قرر الانسحاب ؟
لا، نبذت، لمّا وجدت نفسي خارج برنامج ساهمت في صياغته أدركت أن استمراري ليس مرجوّا ، أغرب من ذلك دعيت برسالة رسمية لحضور محاكمة القناة (قضية بث فيلم برسيبوليس الشهيرة) وحضرت بكتب عميد المحامين الأستاذ شوقي الطبيب وكان بيننا الباجي قائد السبسي وعبرت عن مساندتي للقناة وحين غادرت المحكمة نلت ما نالني من سب وشتم وكدت أتعرض للاعتداء البدني..
*(مقاطعا) لكنك لم تكن من بين الوجوه التي قدمتها القناة بعد ذلك كضحايا للاعتداء من طرف "ملتحين"؟
هذا ما أردت قوله، فقد دعت القناة إلى منابرها كل من حضر المحاكمة إلا أنا شعرت بأنه ميؤوس مني في أن أكون أداة لخدمة سياسة القناة .
*ماذا تقصد بسياسة القناة التي يصفها البعض من خصومها بأنه صهيونية عميلة ؟
أنا لا أقول هذا .
*وأنا أسألك عن رأيك؟
أنا أقول إن سياسة القناة سياسة محدودة الذهنية وغير ذكية ، أما لغتها فأعتبرها بذيئة ...
*قبل الحديث عن لغة القناة أريد أن أعرف ما هي سياستها؟
الإثارة على حساب الأمور اللغوية والدينية والحضارية .
*أنت نفسك متهم بالإساءة إلى الدين الإسلامي؟
لا يهمني هذا الاتهام إلا إذا كان صادرا عن إنسان عالم، أما ما يتداول عند البعض في الشارع فلا آبه به ، هناك أيضا الرواية المضادة فيوميا يستوقفني شباب وعجائز وملتحون وغير ملتحين ، محجبات وغير محجبات وحتى منقبات يقولون لي بالحرف الواحد "بفضلك أنت ولينا نعرفو كلام ربي" بمثل هذه المواقف أدرك أني نجحت في ما هدفت إليه من برنامجي"وإنت على دينك" في نسمة وهو إبلاغ القرآن قراءة لا تلاوة .
*لماذا لا نراك في باقي التلفزات؟
في الفترة الأخيرة لا توجه لي الدعوات سوى من الإذاعات ، ويبدو لي أن بعض الأطراف لا تريد مشاهدة وجهي ولكن على حد علمي دعوة الضيوف في مجالي الفكر والسياسة ليست كاستينغ لمسلسل أو فيلم لتشترط الوسامة التي لا تتوفر فيّ...
• في ظل موجة سلفية دعوية لم تجد نفسك لا في معسكر اللائكيين ولا في معسكر الدعويين، فأي موقع تتخذ؟
منذ سنة كونت جمعية اليقظة والالتزام بالثورة التونسية، وهي جمعية ليس الهدف منها تنظيم المظاهرات أو الإعتصامات، ونحن في مرحلة التأسيس اخترت عددا من أصدقائي أثق فيهم، نظمنا ندوة أولى شارك فيها جان دانيال وستيفان إسال ثم ندوة ثانية بمشاركة جمال البنا وحلمي شعراوي وعدد من الباحثين الفرنسيين ومحمود حسين كما دعوت إليها رشيد مشارك من حركة التجديد لتقديم مداخلة عن الديمقراطية والمسألة الدينية والعجمي الوريمي من حركة النهضة فأرسل لي أمين مال الجمعية (العباسي الرابحي) التي أنا مؤسسها وأنا من إخترته ليكون عضوا فيها رسالة مفادها أنه يستقيل لأن توجهاتي أصبحت إسلاموية، لا أخفي عنكم ، تعجبت من كلامه فالرجل أعرفه منذ سنة 1968 وتظاهرنا معا في شوارع باريس ضد "ديغول" وسجنت من أجل ذلك. فأنا متهم بأني علماني –وهي كلمة أكرهها- وبأني لائكي وأنا لست لا لائكيا ولا علمانيا،أنا عالم فقط، ومع ذلك يتهمني شخص يعرفني من أربعين عاما بأني إسلاموي ، بعدها اتخذت طبيبة مثقفة اسمها هاجر البحري من "توانسة المرسى" نفس الموقف، ثم المسرحية التي كنت أعشق عملها رجاء بن عمّار أخذت نفس الموقف واتصل ثلاثتهم بالوالي وأعلموه باستقالاتهم وطالبوا بحل الجمعية وهو ما لم يحدث لأننا قمنا بتجديد أعضاء الجمعية حسب القانون.
سردت عليكم هذا لتدركوا معي أني عند الإسلاميين ملحد وفي نظر العلمانيين إسلامي، وقد كنت بفرنسا من فترة فسألني الناشر الذي أصدر كتابي الأخير عن الثورة التونسية لماذا لم يسجل إقبال على كتابك لا في تونس ولا في فرنسا "حتى حد ما تكلم على كتابي في تونس " سألته ما الحكاية؟ فكان رده كلما اتصلت بأصدقائك في Libérationو Le Monde و Le Nouvel Observateur كان الرد" laisser tomber Youssef est devenu islamiste "
*لعل المشكل في عدم وضوح رؤيتك الفكرية التي أحدثت هذا الالتباس؟
أنا أتحمل مسؤوليتي، أنا باحث و أعتقد أن لي زخما من الثقة في النفس وثقة الأخلاق وأحترم من بقي من الكبار ولم يعد في تونس من يستحق الاحترام غير هشام جعيط ...
*لماذا غاب موقفك من زيارة الداعية وجدي غنيم؟
موش صحيح، كنت أول من كتب عنه في صحيفة يومية بالفرنسية مقالا بعنوان"وجدي غنيم، الإمام الكذاب" .
*الرجل يحدثنا في شؤون ديننا وتصفه بالكذاب؟
نعم إنه كذاب وقد وصفته بهذا الوصف مستبطنا في ذاكرتي مسيلمة الكذاب...
*كيف تفسر أن قصر الرياضة بالمنزه غص بالجماهير لسماعه؟
ما شهدته في قصر الرياضة بالمنزه بمناسبة "محاضرة" وجدي غنيم ذكّرني بجمهورية فايمر (هي الجمهورية التي نشأت في ألمانيا بين 1919 و1933 بعد خسارة ألمانيا الحرب حتى استيلاء هتلر على الحكم بعد انتخابات ديمقراطية ، وقد تميزت جمهورية فايمر بدستور حديث لم تشهده ألمانيا في تاريخها واعتبر وقتها واحدا من أفضل الدساتير في العالم. مثلت جمهورية فايمار فترة من التطور الاقتصادي والرقي الحضاري في التاريخ الألماني المعاصر إلا أنها وبسبب كونها قد مهدت لظهور النازية فيما بعد فإن معظم المؤرخين في أوروبا يعتبرونها (مثالا كلاسيكيا لديمقراطية فاشلة) كانت الهتافات دون تفكير ودون إدراك، وكأن تلك الجموع ستغزو العالم .
*صرح العجمي الوريمي(النهضة) بأن منع الدعاة من دخول تونس خطأ كبير في حق الحرية والديمقراطية ؟
هذا حق جزئي لأن موازين القوى لا تسمح بفرص متكافئة لجلب أمثال غنيم ومخالفيه . ، حين تكون لنا القدرات المتساوية لجلب من نريد يصح هذا المنطق،أنا لا يمكنني أن أجلب أوليفيي تود (باحث وعالم اجتماع فرنسي، أستاذ الانثربولوجيا الاجتماعية ، من بين مؤلفاته "ما بعد الإمبراطورية" ) أو محمد شحرور (من أعلام الإصلاح الديني، ولد في سوريا سنة 1938 ) أما أن تنفرد بالساحة والفضاء العام وتقدم لفئة دون غيرها كل التسهيلات فهذا هو ما غاب عن كلام العجمي الوريمي.
* ليست النهضة هي من دعته؟
هناك قانون لا بد من إحترامه و لا يمكنك أن تحرّض على العنف وتؤلّب الناس ضد بعضهم البعض بإسم الحرية أو الديمقراطية .
*كيف تفسر إقبال الناس على "إمام كذاب" مثل وجدي غنيم؟
أفسره بالتعطش للخطاب الديني من ناحية وبالجهل من ناحية ثانية.
*تصف بني وطنك بالجهل؟
قلتها أكثر من مرة ولست متراجعا في ما قلته ، وأنا في سيارة التاكسي اليوم ، هل تصدق ماذا قال لي السائق؟ قال لي " إن فرج المرأة مشوه ولذلك لا بد من ختانها لإصلاح التشويه " يا هل ترى إذا كان عندك عشرة أشخاص من هذا النوع ، هل يصح وصفهم بالرّعاع والعامّة أولا ؟ هل استيقظنا الآن بعد ثورة 14 جانفي لندرك أننا في المغرب العربي لم نعرف تماما هذه الظاهرة الأنثروبولوجية –ختان البنات- ألم تنجبنا أمهاتنا دون ختان ؟ عشنا من الفتح الإسلامي إلى اليوم دون أن يثير أحد قضية الختان ونأتي اليوم لتجعل منها قضية؟ فإذا كان من يستمع إلى غنيم وأمثاله ليس بجاهل فأنا اطلب منك أن تفسر لي ما معنى الجهل ؟
*هناك من يرى أن إثارة هذه المواضيع إلهاء للشعب التونسي عن قضاياه الحقيقية ؟
أتفق معك في هذا الطرح سواء في موضوع ختان البنات أو قضية فيلم برسيبوليس.
إذا منعت " برسيبوليس" فعليك أن تمنع أيضا رسوم الشاعر والنحات والرسام "ميكال أنج" ولوحته الشهيرة " الله يخلق آدم " وتمنع فيلما عن الوثنية الإفريقية
أو أن تعرضها كلّها ونقول لشعبنا أنظر إلى ما بلغناه من تسام وتعال نعتز بهما ونتمنى لهؤلاء من ثقافات أخرى أن يصلوا إلى درجة إيماننا "لم يلد ولم يكن له كفؤا أحد" أما أن تمنع طفلة صغيرة بأن تحلم بذات الله وتتصوره على هيئة معينة ولباس معين فذلك ضرب من ضروب التشدد والمغالاة، إذا كنا سنخاف على الإسلام من هذه الأشياء فهذه حساسية مغلوطة وسيئة ولا أجد سوى أن أقول على إيماني السلام .
*ما موقفك من قضية جريدة "التونسية" واعتقال مديرها الزميل الصحفي نصر الدين بن سعيدة؟
نشر الصورة كما ورد في البيان الأول لنقابة الصحفيين التونسيين خطأ مهني لننطلق من هذا ، المفروض أن هياكل المهنة هي التي تتولى النظر في مثل هذه الأمور أنظر مثلا عمادة الأطباء أو عمادة المحامين ... كل الصحافيين الشرفاء يقولون إن الغلطة المهنية تناقش في إطار الهياكل المهنية وحتى العقوبة تتم في إطارها ، أما أن تتدخل النيابة العمومية فتسجن مدير الجريدة فشيء غير مقبول بالمرة ولا يوجد له أي مبرر.
*هل أنت مع المنادين بحصانة الصحافيين؟
نعم أنا مع هذه الحصانة أثناء أداء الصحفي لمهنته .
*هل تثق في أن سجن نصر الدين بن سعيدة كان بسبب نشر تلك الصورة ؟
أظن أن ما حدث يأتي في صلب إلهاء التونسيين عن مشاكلهم الحقيقية وهي أعمق من ذلك .
*ما تعليقك على مطالبة البعض بإدراج الشريعة الإسلامية كمصدر أساسي من مصادر التشريع في الدستور الجديد لتونس؟
هذه مشكلة تشغلني من زمان ، اعتقد أن هناك تشريع فتح أستدل عليه ببداية سورة الفتح (إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر) أي أن الله أعطانا القدرة على فتح التشريع، وتشريع غلق وهو غريب جدا عن القرآن وهو الذي يجب أن يمنع ، وأعطيك مثالا على ذلك كنت أذكره لتلاميذي ويتعلق بآيات العبودية فهي موجودة في التلاوة ولكنها ملغاة بالفعل، والمشرع التونسي ألغى تعدد الزوجات استنادا إلى قوله تعالى (ولن تعدلوا) .
*هل أنت مع إدراج الشريعة كمصدر للتشريع في الدستور؟
لا أبدا ، عبارة التشريع بهذا المعنى غير موجودة في القرآن ولو مرة واحدة وأتحدى من يتحداني ، في القرآن لا التشريع بمعنى تقنين المجتمع ، نجد " شريعة الأولين" في القرآن وهي ليست بهذا المعنى وقوله تعالى ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا)، فإقامة تشريع نهائي أو حتى محدود في الزمن تكون من باب الإدعاء على الله عز وجل ...
*كيف تقيم أداء الحكومة؟
أفعال مشتتة لأن الوضع لا يسمح بغير ذلك ، كما أن مخلفات العقود الفائتة تجعل العذر أكبر من اللوم بكثير
*كيف تقرأ مبادرة الباجي قائد السبسي؟
متأخرة جدا خاصة وأنه بلمحة عين انضوت تحتها عدة أحزاب دون تفكير وإستشارات، بالنسبة إلي النقص الكبير في الذهنية السياسية التونسية أن رجال السياسة عندنا يعتقدون أنهم في وضع هندسي مسطح أي من هو فوقي ومن هو تحتي ومن هو بجانبي، ومن هو على يميني ومن هو على يساري ، فكل طرف ينظر إلى الآخر على أنه نسبة إليه ، أعلى منه أو أقوى منه ولذلك ينتقل رجال السياسة من فشل إلى آخر.
لا بد أن ينظر كل سياسي إلى الآخر على أنه مطلق ولكل جاذبيته وفلك يدور فيه، هذا ما ينقصنا في تونس .
*ما مصير الدستور الذي كتبت توطئته؟
شوف، أنا مفكر عادي بسيط ولكني اعتقد أني من بين من سمحت لهم البلاد والظروف بامتلاك قدرة على قراءة الأشياء والكتب" ما ثماش برشة في كل الحالات" حين كتبت توطئة مشروع الدستور لم يكن أحد يعبأ بما أفعله، ولكني أرى الآن أن ما كتبته يتداوله الجميع، مسألة الهوية مثلا التي أخرجتها من دائرة الفصول وأدرجتها ضمن التوطئة الملزمة، حين طرحت الموضوع قالوا إني إسلاموي، والآن يتنافسون في إثارة الموضوع . أما أنا فسأصدر ما كتبته في كتاب وسأتناول ما يقال عن القصاص وعقوبة الإعدام والميراث...
أشعر بأني تعرضت لعملية ابتزاز إما أن أترشح تحت جناح حزب أو أن النتيجة الحتمية هي الفشل ولكني خضت الانتخابات مستقلا وفشلت .
كنت أتصور وجود أرضية انتخابية حرة فاكتشفت أن ناخبينا رهائن عند زعماء الأحزاب السياسية، كنت ساذجا وعبيطا وبسيطا وإن شاء الله" ما نعاودش صنعتي " .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.