قد لا أجانب الصواب اذا قلت أن لولاية تطاوين حضورا متميزا يتجلى بالأساس في مدى تجذرها عبر العصور في هذه الأرض، وقد يتضح ذلك من خلال جملة من المعالم الأثرية والحضور البشري الذي يعود تاريخه الى أكثر من 000 . 10 سنة قبل التاريخ. ومن هنا فإن حديثنا عن هذه المدينة الجنوبية الشامخة مرتبط جدليا بالحديث عن السمة الأساسية للجهة من حيث المعمار المخصوص لها ونعني «القصور» باعتبارها تمثل الرمز والمعلم الحضاري الهام الذي يدل على عمق تاريخ المنطقة. وقد عرفت هذه المعالم تطورات عديدة منذ العصر القديم الى الآن. ومن هنا، لا عجب أن تحتفي مدينة تطاوين بهذه المعالم الأثرية من خلال مهرجانها العتيد للقصور الصحراوية في دورته الثالثة والثلاثين. هذه الدورة التي راهنت على انجاحها إدارة المهرجان برئاسة السيد عبد السلام الخنجاري والتي ستنطلق فعالياتها أيام 23 و24 و25 من شهر مارس الجاري. ولمزيد الاطلاع على برنامج هذه الدورة اتصلت «التونسية» بالآنسة شافية عيادة الكاتب العام للمهرجان الدولي للقصور الصحراوية بتطاوين واستوضحنا منها طبيعة الاستعدادات، ومدى جهوزية الهيئة المديرة لتجعل منها احتفالا مميزا لا سيما وأنها تأتي مباشرة من حيث تاريخها عقب عيدي الاستقلال والشباب مما يعني أن المدينة برمتها ستتهودج في حلّة ربيعية خلاّبة من شأنها استقطاب الزائرين من مختلف ربوع البلاد. في هذا السياق تقول الآنسة شافية عيادة: «لقد أصبح مهرجان القصور الصحراوية بتطاوين تقليدا راسخا يجسد في جوهره مخزون الجهة الثقافي والحضاري والتاريخي، ويساهم بالتالي في دعم التنمية الاقتصادية وتفعيل المشهد السياحي حيث يستقطب العديد من السياح داخليا، اقليميا، عربيا ودوليا تدفعهم رغبة الاطلاع على ما حبا الله به هذه الجهة من جمال طبيعي خلاّب، كما يتيح أيضا الفرصة أمام الشباب لاثراء معلوماتهم عن مخزونهم الحضاري باعتباره تربة خصبة لشتى المجالات الثقافية والفنية، مع إلقاء الضوء على القصور الصحراوية في هذه المجالات نظرا لكونها تجسد العلاقة التبادلية بين التراث والنمو الثقافي، وبما أن هذه الدورة تمثل السنة الثالثة في العقد الثالث لهذا المهرجان الشامخ، فإن الاستعدادات لانجاحها جدّ حثيثة سواء على المستوى التنظيمي أو على المستوى التنشيطي وقد تم التنسيق مع مختلف السلط الجهوية أمنيا، سياسيا وثقافيا.. كي تكون في مستوى طموحات الجميع..» وبسؤالنا عن فقرات المهرجان وما اذا كانت سترقى الى مستوى الذائقة الفنية للجمهور وقادرة بالتالي على إحداث التميز والابداع..؟ أضافت محدثتنا «مما لا شك فيه أننا نسعى دوما و بجهد غير ملول الى الاضافة والتجديد يحدونا أمل في أن يكون المهرجان في مستوى الاشعاع والتألق لا سيما بعد ان أصبح له صدى دولي، ومن ثم فإن الرهان على إثرائه وتطويره أصبح من الأهداف ذات الأولوية المطلقة، وقد تضافرت كل الجهود كما أسلفت وبالتنسيق مع السلط الجهوية وعلى رأسها الولاية لاحداث نقلة نوعية في سياقه الابداعي بشكل عام. وبهذه المناسبة (والحديث للآنسة شافية عيادة..) وعبر جريدة «التونسية» الغراء نعد ضيوفنا الكرام وكذا الجمهور الفرجوي التطاوني بأن تكون هذه الدورة في مستوى الآمال والطموحات المنشودة، وما على رجال الصحافة والاعلام وكافة مراسلي الجهة المكلفين بتغطية التظاهرة الا مواكبتها وتقييمها بنزاهة وموضوعية دون التشكيك في نبل الرسالة الاعلامية لهؤلاء جميعا.. ولا يفوتنا بالمناسبة أن نتوجه بنداء الى سلط الاشراف بالجهة: الولاية.. بلدية تطاوين.. والى وزارة السياحة ووزارة الثقافة والمحافظة على التراث.. قصد مزيد ايلاء هذا المهرجان ما يستحق من عناية ورعاية ولم لا الترفيع في ميزانيته بما يضمن نجاحه، استمراريته وتألقه، لا سيما وأنه يشكل جزءا هاما من المخزون الحضاري والثقافي للجهة، بالاضافة الى كونه يصوغ علاقة جدلية قوامها الحوار التاريخي بين الماضي والحاضر، وهذا ليس بعزيز عن هؤلاء جميعا طالما أن تونس التحرير تزخر بإرادات فذّة..