أحدث برنامج مجامع التنمية والذي عُرف بالجمعيات المائية منذ سنة 1992 وخصص للمناطق الريفية، إلا أنه لم يضطلع بدوره aالحقيقي في التنمية حيث اكتفى بمجرد ربط الأرياف بالشبكات المائية المخصصة للشرب والري ولم تعرف هذه المنظومة طريق الاستقرار منذ إحداثها وتفاقمت مشاكلها من يوم لآخر. وفي هذا الإطار أفادنا السيد بشير الدريدي رئيس مجمع التنمية بمنطقة «المقاديل» التابعة لمعتمديتي سليانة الجنوبية وبرقو أن ما يزيد عن 60 عائلة تفتقر للماء الصالح للشراب الذي انقطع منذ خمسة أشهر واضطر المواطنون في تلك المناطق إلى الشرب من الأنهار والآبار المجاورة كحل مبدئي. إلا أن الأوضاع مرشحة للتأزم مع حلول فصل الصيف وتقلّص كميات المياه بالأنهار والآبار أمام كثرة الاستعمال في الري. وأكد السيد بشير الدريدي أن السبب الرئيسي لانقطاع مياه الشرب في المناطق الريفية يعود إلى صعوبة استخلاص معاليم الاستهلاك من قبل المواطنين نظرا لمحدودية سلطة المستخلص المتمثلة في رئيس الجمعية أو أحد أعضائها على المواطن، وكذلك تفاقم ظاهرة الاستعمال العشوائي للماء في تلك الجهات وغيرها، إضافة إلى محدودية الربط الفردي وصعوبة التحكم في مراقبة الحنفيات العمومية وتهرّم الشبكات المائية في ظل غياب الصيانة اللازمة أثناء العطب، إلى جانب ارتفاع فواتير الشركة الوطنية للكهرباء والغاز التي أثقلت كاهل المنتفعين بهذه المنظومة أمام محدودية دخل العديد منهم وتردي أوضاعهم الاجتماعية. ولم يخف متساكنو المناطق الريفية أن أسباب حرمانهم من الماء الصالح للشراب، وتعرض زراعاتهم إلى عديد الإشكاليات أثناء الانقطاع الفجئي للماء تعود إلى تقصير بعض المواطنين وتهربهم من خلاص معاليم الاستهلاك، كما اعتبروا أن التجاوزات الحاصلة من قبل رؤساء المجامع المائية والمقربين منهم في استغلال المياه بطرق عشوائية لمصالح شخصية أثقل كاهل المواطنين الذين اعتبروا أن معلوم الخلاص لا يتوافق مع قيمة الاستهلاك. من جهته أكد السيد منعم الرزقي مهندس مختص في الصيانة بمندوبية الفلاحة بسليانة أن هذه المنظومة في حاجة ماسة إلى مراجعة جذرية في ظل تداخل الأطراف الراجعة لها بالنظر مثل وزارة الداخلية المتجسدة في الوالي والمعتمد اللذين يعملان على إحداث المجمع وتعيين الأشخاص المشرفين عليه، ووزارة الفلاحة التي تتعهد بالإحاطة الفنية وكذلك وزارة المالية التي تقوم بالمحاسبة والمراقبة. وعن الوضع المتأزم الذي آلت إليه مجامع التنمية أمام تفاقم الاستعمال العشوائي للموارد المائية وانقطاع مياه الشرب والري بعديد المناطق الريفية أكد منعم الرزقي أن الوزارات المعنية بهذا البرنامج بصدد إعداد دراسات تقييمية لإصلاح الوضع واعتبر أن الخروج من هذا الإشكال وإصلاح المنظومة المائية لا يكون إلا ببعث شركات مختصة مدعومة بفنيين وإطارات خاضعة لكراس شروط يضبط لها حقوقها وواجباتها.