قرر حزب حركة النهضة عدم المساس بالفصل الأول من دستور 1959 اثر اجتماع مكتبه السياسي و بالتالي استبعاد إدراج الشريعة كمصدر أساسي للتشريع ليطوي بذلك صفحة التجاذبات و الاختلافات و ينهي جدلا طويلا بين العلمانيين المطالبين بدولة مدنية والمحافظين الإسلاميين الذي يطالبون بدولة إسلامية يكون الإسلام فيها المصدر الأساسي للتشريع في الدستور حيث قال السيد عامر لعريض المسؤول بالحركة إنهم قرروا الاحتفاظ بالفصل الأول من الدستور السابق كما ورد دون تغيير و ينص على أن " تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة ، الإسلام دينها العربية لغتها و الجمهورية نظامها" ليلي ذلك اعلان الشيخ " راشد الغنوشي" رئيس الحركة ان النهضة متمسكة بالفصل الأول من الدستور،ويخطئ من يعتقد أن تغيير هذا الفصل ممكن، لأن الشعب التونسي بما هو شعب عربي مسلم أمر واقع ومفروغ منه . وقد رافقت هذا الإعلان آراء متباينة بين قادة الأحزاب السياسية الذين باركوا قرار حركة النهضة الاحتفاظ بالفصل الأول من الدستور السابق و في هذا الإطار قال السيد احمد إبراهيم رئيس حركة التجديد انه موقف حكيم و ايجابي لغلق الباب أمام الخلافات و المزايدات التي تقسم المجتمع و تهدد مستقبل البلاد و أضاف ان هذا القرار سيساعد على صياغة الدستور المرتقب في وقت وجيز ليكون دستورا لكل التونسيين و يكون في مستوى تطلعات الشعب لتحقيق أهداف الثورة و يضمن الوحدة الوطنية و من جانبه اكد السيد احمد منصور عضو الحزب الدستوري الجديد ان الابقاء على الفصل الاول من دستور 1959 هو شيء ممتاز و جيد و تمنى ان تحافظ حركة النهضة على نفس التوجه الذي سلكته لانقاذ البلاد و انجاح المسار الديمقراطي , و قال منصور انه يبارك تصريح الشيخ راشد الغنوشي لغلق الأبواب امام التشنج و التجاذبات بين الكتل السياسية و الاجتماعية , وهو نفس الشيء الذي تطرق اليه السيد محمد مزام عضو حزب العمال الشيوعي حيث اعتبر هذا القرار بمثابة الخطوة الايجابية شرط ان يحترمه و يطبقه اعضاء حركة النهضة من القاعدة الى القمة , و دعا الحركة الى تحمل مسؤولياتها الى جانب كافة التيارات السياسية و الفكرية و الاجتماعية في توضيح الرؤية لدى الرأي العام لكي لا يكون فريسة المغالطات الفادحة و المزايدات و استغلال مشاعر المواطنين الدينية و تعلقهم بهويتهم و و اضاف مزام ان بلادنا في حاجة الى الابتعاد عن الخلافات المصطنعة و الجانبية المتعلقة بمسائل ذات طابع ايديولوجي و التفرغ لتحقيق اهداف الثورة الرامية الى تكريس نظام ديمقراطي يحفظ الحقوق و الحريات و يجسد العدالة الاجتماعية في مختلف ابعادها بقطع النظر عن ميولاتهم و خلفياتهم السياسية و الاجتماعية و الفكرية . و في سياق آخر قلل السيد محمد الكيلاني رئيس الحزب الاشتراكي اليساري من شان القرار و قال انه جاء متأخرا جدا و اتهم حركة النهضة بزعزعة استقرار البلاد و صرح ان الحركة خلقت حالة من التشنج و الفوضى داخل المجتمع التونسي نتيجة سياسة المماطلة و التململ في اتخاذ القرارات مضيفا ان الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة و الإصلاح السياسي و الانتقال الديمقراطي كانت قد اقترحت على الحكومة الحفاظ على الفصل الأول من الدستور قبل أشهر , كما هاجم الكيلاني حركة النهضة ووصفها بعدم المسؤولية نظرا لما سببته من انقسام داخل المجتمع التونسي و نشر الكراهية بين أبناء الشعب الواحد و قال ايضا : " ان حركة النهضة لا تستحق ان تكون في السلطة و يجب ان تفهم انها مسؤولة عن البلاد و انصحها بالابتعاد عن المناورات " . و في سياق متصل كشف المستشار السياسي لرئيس الوزراء " لطفي زيتون" في تصريحات لوكالة "رويترز" ان هناك اتفاقا بين أحزاب الترويكا على تحديد خارطة طريق سياسية لطمأنة الرأي العام والمستثمرين في الداخل والخارج، حيث تم اقتراح تاريخ 20 مارس 2013 موعدا لإجراء انتخابات رئاسية مضيفا : "انه ليس تاريخا نهائيا مائة في المائة قد يكون قبل ذلك ربما إذا انتهينا من صياغة الدستور " , و في هذا الصدد شدد احمد إبراهيم على ضرورة الخروج بقرار رسمي و دقيق في ما يتعلق بموعد إجراء الانتخابات الرئاسية لتحديد خارطة طريق واضحة و إزاحة الغموض الذي يكتنف أغلبية الشعب التونسي و أكد أنها فترة كافية لإعداد دستور على أسس ديمقراطية و يستجيب لأهداف الثورة و يكرس الوحدة الوطنية للمرور الى تركيز المؤسسات و توزيع السلط . و صرح احمد منصور انه يمكن صياغة دستور توافقي و جدير بثقة الشعب في غضون سنة حيث اوضح انها فترة كافية لاعداد الدستور القادم و اضاف انه يمكن الاستعانة ببعض الفصول من دستور 1959 و الحفاظ عليها باعتبارها تضمن حرية المراة و تكرس حقوق الانسان و حرية الاعلام ... و اقترح منصور اعتماد نظام رئاسي معدل و اقل صلاحيات في الحكم يحترم مبدأ الفصل بين السلط , و من جانبه اوضح محمد مزام انه يمكن صياغة دستور يحوز على ثقة الشعب شريطة التركيز على القضايا الاساسية و الابتعاد عن منطق المزايدة و التوظيف السياسي للقضايا الوطنية حاثا الجميع على الدخول في نقاش جدي للتوصل الى توافق وطني يثمر دستورا قادرا على احتضان كل التونسيين باختلافهم و تنوعهم و يضع اسس التعايش الديمقراطي بينهم قائلا : " هذا كفيل بالانتهاء من صياغة دستور في غضون سنة " .واشترط الكيلاني تخلي حركة النهضة عمّا اسماها المماطلات ة و اكد ان حركة النهضة ستحاول افتعال المشاكل و العراقيل لتعطيل ولادة الدستور الجديد في موعده المحدد .