ماذا يريدون من الصحافة؟ وما هو المطلوب من الصحافيين حتى ينالوا شهادة الرضى والاستحسان من قبل الجمهور؟ يبدو أنهم يريدونها أي الصحافة كفرس السباق التي يتحدّث عنها ذلك المثل الشعبي المعروف «جرّاية وسبّاقة وما تاكلش الشعير". و... هم (ضمير الجمع للغائب) تعود على الجمهور الذي ينادي في كلّ لمة بإعلام حرّ وضرورة تخليصه من كل المكبّلات الذاتية منها والخارجية وتطهيره من الأقلام الملوّنة... و... و... إلى آخر ذلك من المطالبات التي تصبّ في خانة الاتهام المباشر والواضح للصحافة والصحافيين بالعجز عن مسايرة الثورة التي أطاحت بكل الطابوهات والخطوط الحمراء! كل هذا الكلام الجميل.. على الرأس والعين، ولكن هل تساءل حاملو رايات التحرير الإعلامي عن الوسائل الضرورية لتحقيق ما يدعون إليه؟ وهل وفّروا الأسباب الممهّدة لقيام الثورة الإعلامية المرجوّة؟ يبدو أن أصحاب الدعوة يتصوّرون أن الحلّ بين أيدي أهل الإعلام دون سواهم، والحال أن هؤلاء لا يمسكون إلاّ بنصف الحلّ... أما النصف الثاني فهو بأيدي المجتمع بكل مكوّناته المدنية والأمنية والقضائية. فتحرير الإعلام يمرّ حتما بتوفير المناخ الملائم والمساعد على القيام بالدور الأساس له على مستوييْ العقلية والممارسة. وفي هذا الصدد لابدّ من توفّر الاستعداد التلقائي والجمعي لتقبّل الرأي الآخر، لأن خلاف ذلك يؤدي إلى رفض أي محاولة للانعتاق من قبضة الإعلام الموجّه وذي اللون الواحد. كما يتوجّب على الدوائر المسؤولة العمل على فسح المجال وفتح الأبواب أمام رجال الصحافة والإعلام عامة بما يسهم لهم بالوصول إلى مصادر الخبر ومحاورة أهل الذكر للحصول على المعلومة الثابتة والصحيحة. هذان الشرطان لتحرير الإعلام غير متوفّرين على أرض الواقع حيث تسجّل بصفة تكاد تكون يومية تجاوزات عديدة في حق القائمين بالواجب الإعلامي. ولعلّ ما جدّ قبل أيام قليلة في ملعب عبد العزيز الشتيوي بالمرسى من ممارسات ضدّ الصحافيين يؤكد ما ذهبنا إليه... فقد تمّ منع هؤلاء من الدخول إلى الفضاء الذي يضمّ حجرات الملابس بأسلوب عنيف وصل حدّ الاعتداء على أحد الشبان! وهذا مثال من عشرات تحدث في جلّ المناسبات، وبعدها يلومون الصحافة الرياضية على صمتها أو تجاهلها لبعض المظاهر والسلوكات! في هذه الحال «الدق في الصحافة حرام» ومني عليكم السلام...