إعادة 2600 مهاجر من تونس إلى بلدانهم خلال 4 أشهر    قفصة: تدعيم المدرسة الإبتدائية لالة بمعتمدية القصر بتجهيزات رقمية في إطار برنامج التربية الرقميّة    سيدي بوزيد: برمجة ثرية في الدورة 21 لملتقى عامر بوترعة للشعر العربي الحديث    القصرين: تنظيم يوم جهوي للحجيج    سعاد الشهيبي تستعد لإصدار "امرأة الألوان"    في مهرجان "كان": كيت بلانشيت تتضامن مع فلسطين بطريقة فريدة    نواب الشعب يدعون الى استغلال الأراضي الفلاحية الدولية المهدورة لتجاوز أزمة الحبوب    نبيل عمّار يتلقّى دعوة من نظيره القطري لزيارة الدّوحة    اضطراب توزيع مياه الشرب بهذه المناطق    البريد التونسي ونظيره الموريتاني يُوقّعان اتفاقية تعاون    رئيس منظمة ارشاد المستهلك يدعو إلى التدخل السريع في تسعير اللحوم الحمراء    النادي الصفاقسي: اليوم إنطلاق تربص سوسة .. إستعدادا لمواجهة الكلاسيكو    البطولة الانقليزية: نجوم مانشستر سيتي يسيطرون على التشكيلة المثالية لموسم 2023-2024    عاجل : نائب يكشف : صور و فيديوهات لعمليات قتل موثقة في هواتف المهاجرين غير النظاميين    الاحتفاظ بتونسي وأجنبي يصنعان المشروبات الكحولية ويروّجانها    عاجل/ مدير بالرصد الجوي يحذر: الحرارة خلال الصيف قد تتجاوز المعدلات العادية وإمكانية نزول أمطار غزيرة..    متعاملون: تونس تطرح مناقصة لشراء 100 ألف طن من قمح الطحين اللين    بطولة العالم لالعاب القوى لذوي الاعاقة : وليد كتيلة يهدي تونس ميدالية ذهبية ثالثة    الرابطة المحترفة الأولى (مرحلة تفادي النزول): حكام الجولة الحادية عشرة    ارتفاع أسعار الأضاحي بهذه الولاية..    وفاة نجم منتخب ألمانيا السابق    موعد تحول وفد الترجي الرياضي الى القاهرة    عاجل : قتلى وجرحى في غرق ''ميكروباص'' بنهر النيل    شقيق رئيس الترجي الرياضي في ذمة الله    إحداث خزان وتأهيل أخرين واقتناء 60 قاطرة لنقل الحبوب    مفزع/ حوادث: 22 حالة وفاة و430 مصاب خلال 24 ساعة..    وزير الفلاحة : أهمية تعزيز التعاون وتبادل الخبرات حول تداعيات تغيّر المناخ    عاجل/ آخر المستجدات في ايران بعد وفاة "رئيسي": انتخاب رئيس مجلس خبراء القيادة..    كوبا أمريكا: ميسي يقود قائمة المدعوين لمنتخب الأرجنتين    في الملتقى الجهوي للمدراس الابتدائية لفنون السينما ..فيلم «دون مقابل» يتوج بالمرتية الأولى    إختفاء مرض ألزهايمر من دماغ المريض بدون دواء ماالقصة ؟    اصابة 10 أشخاص في حادث انقلاب شاحنة خفيفة بمنطقة العوامرية ببرقو    بدأ مراسم تشييع الرئيس الإيراني ومرافقيه في تبريز    هام/ هذا عدد مطالب القروض التي تلقاها صندوق الضمان الاجتماعي..    صلاح يُلمح إلى البقاء في ليفربول الموسم المقبل    رئاسة الجمهورية السورية: إصابة أسماء الأسد بسرطان الدم    سليانة: معاينة ميدانية للمحاصيل الزراعية و الأشجار المثمرة المتضرّرة جراء تساقط حجر البرد    عاجل/ تركيا تكشف معطيات خطيرة تتعلق بمروحية "الرئيس الإيراني"..    وزير الأعمال الإيطالي يزور ليبيا لبحث التعاون في مجالات الصناعة والمواد الخام والطاقة المتجددة    البرلمان يعقد جلستين عامتين اليوم وغدا للنظر في عدد من مشاريع القوانين الاقتصادية    عمرو دياب يضرب مهندس صوت في حفل زفاف.. سلوك غاضب يثير الجدل    الدورة 24 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون تحت شعار "نصرة فلسطين" و289 عملا في المسابقة    كان يتنقل بهوية شقيقه التوأم : الاطاحة بأخطر متحيل عبر مواقع التواصل الاجتماعي ...    قبلي: تخصيص 7 فرق بيطريّة لإتمام الحملة الجهوية لتلقيح قطعان الماشية    طقس الثلاثاء: الحرارة في انخفاض طفيف    49 هزة أرضية تثير ذعر السكان بجنوب إيطاليا    وزير الدفاع الأميركي: لا دور لواشنطن بحادثة تحطم طائرة رئيسي    منوبة.. إيقاف شخص أوهم طالبين أجنبيين بتمكينهما من تأشيرتي سفر    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    أغنية لفريد الأطرش تضع نانسي عجرم في مأزق !    تقرير يتّهم بريطانيا بالتستر عن فضيحة دم ملوّث أودت بنحو 3000 شخص    الشاعر مبروك السياري يتحصل على الجائزة الثانية في مسابقة أدبية بالسعودية    نحو الترفيع في حجم التمويلات الموجهة لإجراء البحوث السريرية    تحذير من موجة كورونا صيفية...ما القصة ؟    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د."الهاشمي الحامدي" (رئيس «العريضة الشعبية» و«حزب المحافظين التقدميين) ل"التونسية" (2) :الترويكا" تحكم البلاد بنهج "الحقرة" والإقصاء و"النفخة" و إذا نظمت الانتخابات اليوم سنفوز بالأغلبية... واذا نظمت العام المقبل سنفوز بالأغلبية
نشر في التونسية يوم 14 - 04 - 2012


- "العريضة الشعبية" هي البديل التقدمي ل"النهضة"
- هذه تفاصيل المكالمة الهاتفية بين راشد الغنوشي و بن علي التي...
- إذا اختارني الشعب رئيسا سأخصص منحة لنصف مليون «بطال» مع مجانية التغطية الصحية والنقل وديوان للزكاة وآخر للمظالم
- لو نسب حمّة الهمامي برنامجه الاجتماعي إلى هدي الإسلام لجمع المجد من أطرافه
بعد أن استطرد الدكتور الهاشمي الحامدي البارحة في الجزء الأول من حوارنا معه في نبش تاريخه داخل حركة «النهضة» ثم خارجها مدقّقا خاصة في تفاصيل ما قال عنه جهوده لتخفيف معاناة الإسلاميين في العهد السابق، يواصل في هذا الجزء الثاني والاخير من حوارنا معه سرد وقائع الاتصال الهاتفي الذي لم يتم بين راشد الغنوشي وبن علي، كما يستعرض برامجه السياسية مؤكدا أنّ «العريضة الشعبية» هي البديل التقدمي لحركة «النهضة» وهي جاهزة لحكم تونس، موجها سهامه نحو «الترويكا» التي اتهمها بأنها تحكم تونس بنهج «الحقرة» والإقصاء و"النفخة".
ويشير الحامدي إلى أن الحكومة تريد الهيمنة على السفارات في الخارج، والى أنها تعين الولاة والمعتمدين والعمد وكبار المسؤولين في الوزارات من أنصارها. وهو ما يرى فيه شروطا لإعادة إنتاج الدكتاتورية.
ويؤكد أنه إذا نُظمت الانتخابات اليوم فستفوز «العريضة الشعبية» بالأغلبية. وإذا نظمت العام المقبل فستفوز أيضا بالأغلبية...خاتما حواره برسائل إلى شخصيات سياسية معروفة كالغنوشي والجبالي وحمة الهمامي والشابي والمرزوقي ومورو و... السبسي و إبراهيم القصاص.
في تدخل هاتفي على الوطنية الأولى وردا على كلام عامر العريض أجبتم أنه قابل سفير تونس في سويسرا طلبا للصلح وأنكم تحتفظون برسالة وجهها راشد الغنوشي الى الرئيس المخلوع في نفس السياق، لو توضحون أكثر التفاصيل؟
اللقاء ليس سرا، وأمره معروف في الدوائر السياسية والإعلامية التونسية. جرى لقاء مباشر بين وفد من حركة «النهضة» برئاسة رئيس المكتب السياسي آنذاك عامر العريض وسفير تونس السابق في سويسرا. وتم الاتفاق على مواصلة الحوار بقصد الصلح والتفاهم، وكانت الخطوة الموالية هي أن يتصل الشيخ راشد الغنوشي هاتفيا بالرئيس السابق في موعد تم الاتفاق عليه. وفي الموعد المتفق عليه، اتصل رئيس الحركة برئيس النظام السابق، غير أن بن علي غير رأيه ولم يستقبل المكالمة.
وقد حاول آخرون التوسط بين الطرفين، منهم قادة دول عربية، ولم ينجحوا.
أنا شخصيا، وبعد مسعاي الأول عام 1998 والذي أثمر الإفراج عن حوالي 700 سجين ورفع المراقبة الإدارية عن 4000 سجين سابق، قمت بمحاولة ثانية بعد عشر سنوات بالضبط. اتصلت بأحد مستشاري بن علي في جويلية 2008 وطلبت منه أن يخبر الرئيس السابق أنني أريد أن أبذل مسعى جديدا لفتح باب الحوار بينه وبين قيادة حركة «النهضة»، لأن ذلك يجمع الصف الوطني، وينهي واحدة من أعقد المشاكل السياسية في البلاد. بعد يومين أبلغني المستشار أن الرئيس لا يمانع في القيام بهذا المسعى. على هذا الأساس قابلت الشيخ راشد، وجرى حوار مطول معه، أثمر رسالة موجهة منه باسمه الشخصي، وباسم إخوانه في قيادة الحركة، فيها دعوة للصلح واستعداد للتجاوب مع أية مبادرة من شأنها طي صفحة الماضي.
الرسالة عندي. أرسلت الرسالة لبن علي بالفاكس، ورأيي أنها كانت تصلح أساسا للحوار وفتح صفحة جديدة في العلاقة بين الطرفين. لكن بن علي لم يتفاعل معها وتوقف المسعى في تلك النقطة. قيل لي لاحقا إن الرئيس السابق يعرض عليّ القدوم إلى تونس واللقاء به، واستشرت أصدقاء أثق بهم، كلهم شجعوني على السفر، ومنهم وزير الداخلية الأسبق الأخ الطاهر بلخوجة.
غير أن قراءتي للوضع السياسي في البلاد جعلتني أصل إلى قناعة خلاصتها أن الوضع غير قابل للإصلاح الجوهري، بالإضافة إلى أن صديقا سابقا لي من قيادات حركة «النهضة» حذرني من السفر، وأكد لي أن زوجة الرئيس السابق لم ولن تغفر لي أبدا ما أعلنته عام 2001 من نيتي في منافسة زوجها والترشح لرئاسة الجمهورية. وهذه معلومة كانت لدي من قبل، وهي من أسباب بقائي في المنفى، وقد سبق للحكومة التونسية أن قدمت شكوى رسمية حول هذا الأمر تحديدا، أمر ترشحي للرئاسة.
خفت أن أسافر فيتم اعتقالي، ورفضت الدعوة.
والمهم، أو الخلاصة هنا، هو أن من العدل والإنصاف أن يعرف الشعب التونسي وأبناء حركة «النهضة» خاصة أن بعض قيادات حركة ««النهضة»» التي تزايد علي بخصوص حواري مع الرئيس السابق، لا ترتكب فقط خطأ أخلاقيا فادحا بنكرانها للجميل لأنني كنت أحاول خدمة حركة «النهضة» ومساجينها وأنصارها بما فعلت، إنما هي أيضا تكذب وتزايد وتخفي على الناس أنها حاولت بكل حرص أن تفتح قناة اتصال وحوار مع الرئيس السابق وفشلت. إن حبل الكذب قصير يا إخوتي.
يعاب عليكم «الانفراد» بالرأي ويتهمكم البعض الآخر ب«التسلط» ولربما من سلبيات الحامدي أنه نادرا ما يستمع لغيره. ما حقيقة هذا الاتهام ولماذا؟
قلة من الناس لم أكن أعرفهم جيدا استفادوا من شعبية «العريضة الشعبية» وجهد زعيمها، ثم غرتهم أموال ومطامع في أماكن أخرى، فانتقلوا لها، وزعموا في سياق تبرير ما قاموا به أنني أنفرد بالرأي. وأنت حرة إذا أردت تصديقهم.
الحقيقة أن عملي في الإعلام يتطلب مني الاستماع للناس. وعملي السياسي كذلك. وهذا ما أفعله على الدوام منذ أكثر من عشرين عاما. أرحب بالناس من مختلف المشارب والتيارات، وأحاورهم، وأحترم آراءهم. وعندما كنت رئيسا لتنظيم الاتجاه الإسلامي في الجامعة كان من صميم مهماتي أن أتنقل بين الكليات والمعاهد العليا وأستمع للأنصار وآرائهم واقتراحاتهم. بهذه الروح أقود تيار «العريضة الشعبية» و«حزب المحافظين التقدميين»، واسألي الوجوه المعروفة فيهما، وسيؤكدون أننا ندير أمورنا بالحوار والتفاهم والتوافق.
واجبي أن أعمل لتأليف قلوب الأنصار، وتوحيد صفوفهم من أجل أهداف عظيمة سامية تستحق أن نعطيها حياتنا كلها، وفي مقدمتها بناء دولة العدل والحرية وحقوق الإنسان في تونس، واعتماد برنامجي الصحة المجانية ومنحة البطالة، والتوفيق بين تعاليم ديننا ومتطلبات عصرنا.
الرئاسة حلم مشروع فهل تتوفر فيكم الشروط لهذا المنصب؟ لو كنتم في الحكم ماذا كنتم ستقدمون للشعب التونسي؟
أنا رئيس في مؤسستي الإعلامية الخاصة وهي دولة مستقلة بمعنى من المعاني، جنسيتها طوعية لكل من يحبها من العرب من الخليج للأطلسي وفي كل أنحاء العالم، وهم بعشرات الملايين. لدي بفضل الله المال والشهرة والنفوذ بأكثر مما لدى الرئيس المؤقت الحالي. وأقول: بسم الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله، وأصلي وأسلم على نبينا محمد.
ذكرت هذا لأبين من البداية أنني لست مهتما كثيرا بأمر الرئاسة. لم أطلب الرئاسة بعد الثورة. كنت غير متحمس للموضوع. هذه هي الحقيقة ولا يمكن تزويرها لأنها مسجلة بالصوت والصورة. ما جرى هو أن عددا كبيرا من التونسيين طلبوا مني الترشح للرئاسة، ثم وقعوا على «العريضة الشعبية» التي يتضمن بندها السادس تكليفهم لي وتفويضهم لي بتمثيلهم وقيادتهم في المواعيد الانتخابية المقبلة. وطرح أمر ترشيحي لرئاسة الجمهورية بشكل واضح وشفاف في البرنامج الانتخابي للعريضة الشعبية فأيده مئات الآلاف من التونسيين.
لدي بالإضافة إلى هذا التفويض الشعبي مؤهلات أكاديمية من إحدى أفضل الجامعات في العالم، وتجربة سياسية، وخبرة إعلامية، وسمعة عربية طيبة، ومعرفة بالكثير من الساسة والزعماء في العالم العربي، وأظن أن هذه المؤهلات تسمح لي بالترشح للرئاسة. وإذا اختارني الشعب رئيسا للجمهورية فسأشكل حكومة «العريضة الشعبية» من كفاءات وطنية عالية بقطع النظر عن انتماءاتها الحزبية. سأركز على الاقتصاد أولا، والأمن، وسيادة القانون والعدل والمساواة بين الناس. سأعطي للجيش ما يحتاجه من موارد وإمكانيات لحماية سيادة البلاد وحدودها. وسأجعل الإتحاد العام التونسي للشغل شريكا في القرار الاقتصادي والاجتماعي.
كذلك، سأتحرك فورا للقضاء على ثقافة الرشوة والواسطة والأكتاف. وسأخصص مليارا ومائتي مليون دينار تونسي من الميزانية الجملية للدولة وهي قرابة 25 مليار دينار، سأخصص هذا المبلغ لتمويل صرف منحة البطالة لنصف مليون تونسي، مقابل يومي عمل. كما سأبني نظام التغطية الصحية المجانية لجميع المواطنين، وأوفر خدمة النقل المجاني لمن أتم الخامسة والستين من العمر.
سأعيش مع الناس، مع الفقراء والمحرومين الذين فجروا الثورة. وسأقضي أكثر وقتي بينهم في الولايات، وسأكون مع حكومتي ومع نواب «العريضة الشعبية» المحامي الأول عنهم. سأعيش مثلما يعيشون. لن أخدعهم ولن أكذب عليهم ولن أنعزل عنهم. سأحدثهم بكل ما يجري في البلاد. وسيكونون شركاء حقيقيين لي في خدمة برنامج «العريضة الشعبية» الذي أعتقد أنه هو وحده الكفيل بتحقيق أهداف الثورة التونسية إن شاء الله.
ماذا أضافت لكم الإقامة في بريطانيا خاصة وأن البعض يستغرب تسمية حزبكم «المحافظون التقدميون»؟
في بريطانيا ذقت طعم الحرية بأرقى معانيها، وتعرفت على برنامج الصحة المجانية ومنحة البطالة ومنحة السكن، والمساواة بين الناس أمام القانون. أعيش في لندن منذ 1987، ولم أحتج لواسطة أو «كتف» أبدا. هذه هي الأمور والتقاليد التي أريد أن أنقلها إلى تونس إذا اختارني الشعب رئيسا في الانتخابات المقبلة.
بالنسبة لتسمية حزب «المحافظين التقدميين»، كان علينا أن نختار اسما لم يتم استخدامه في عشرات المطالب التي سبقتنا بعد الثورة. وفي هذا السياق فكرت في الاستفادة من التسميات الموجودة في بريطانيا: المحافظون والعمال. عبارة المحافظين ترمز للتمسك بالهوية والعائلة والاعتزاز بتاريخ البلاد. وعبارة التقدميين تدل على ثورية برنامجنا الاجتماعي، وهو قريب من برنامج حزب العمال الذي أدخل نظام الصحة المجانية عام 1945 في بريطانيا.
أريد أن أنقل إلى تونس أفضل ما رأيت وعرفت وسمعت في بريطانيا العظمى.
ماهي اقتراحاتكم في كتابة الدستور؟ ولماذا كان بيانكم حول دعوة حركة «النهضة» للاحتفاظ بالفصل الأول من دستور 1959 حادا،هل لغيرة مفرطة على الشريعة أم لاعتبارات انتخابية مسبقة؟
بما أننا في حوار مطول يصلح وثيقة فكرية يعود إليها الباحثون المهتمون، فأرجو أن تسمحوا لي بمساحة تتسع لجوابي.
تيار «العريضة الشعبية» قدم دستورا تحرريا ديمقراطيا يضمن كرامة الناس جميعا من الرجال والنساء، من المسلمين واليهود، من المواطنين والمقيمين، واقترحنا أن يكون الفصل الأول من الدستور الجديد كما يلي «تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة، الإسلام دينها والمصدر الأساسي لتشريعاتها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها». ولزيادة الإيضاح، وإزالة أي سوء فهم أو سوء تأويل، قلنا إن الإسلام هو دين الحرية والعدل والعدالة الاجتماعية والشورى وحقوق الإنسان وكرامة جميع البشر من الرجال والنساء وحق جميع التونسيين في العمل والصحة والتعليم وضمان استقلالية القضاء ونزاهة الانتخابات.
وينص دستور «العريضة الشعبية» أيضا على أن نظام الحكم ديمقراطي، يطبق الشورى، ويضمن الفصل والتوازن بين السلطات. ويعتبر الشعب مصدر السلطات، وهو وحده الذي يختار حكامه ويحاسبهم ويستبدلهم أو يعزلهم، بحسب الأنظمة المبينة في هذا الدستور، ويمنع منعا باتا أن يصل فرد أو مجموعة إلى الحكم بانقلاب عسكري أو بأي وجه من وجوه القوة والتغلب، وكل سلطة تقوم بهذه الصورة تعتبر خارجة عن القانون فاقدة للشرعية.
كما أن دستور «العريضة الشعبية» تبنى الحقوق الاجتماعية والمطالب الأساسية التي ثار من أجلها أحرار سيدي بوزيد والقصرين وقفصة والقيروان وصفاقس والساحل والوطن القبلي والشمال الغربي والجنوب وبنزرت، وأحرار تونس بأسرها، في ثورة 17 ديسمبر المجيدة، فاقترحنا فصولا واضحة تبين أن للمواطن حق الحصول على عمل، أو إعانة اجتماعية لحين حصوله على عمل. وقلنا: تضمن الدولة الرعاية الصحية لجميع المواطنين، وتضمن حقوق كل مواطن في الحصول على كفايته من ضرورات الحياة من مطعم ومشرب وملبس، وتضمن الرعاية الاجتماعية وحق السكن للفقراء، وتضمن حقوق المتقاعدين وذوي الاحتياجات الخاصة.
كما أكدنا أن التعليم حق تكفله الدولة وهو إلزامي في مرحلة التعليم الأساسي، وأنه مجاني في مراحله المختلفة، وألزمنا الدولة بكفالة جودة مستوى التعليم في جميع المؤسسات التعليمية، وكذلك بكفالة حرمة الجامعات واستقلاليتها والحرية للحركة الطلابية.
وقلنا في دستور «العريضة الشعبية» إن حرية الفكر والرأي والاعتقاد مكفولة، وكذلك حرية التعبير والإعلام والتنظم وتكوين الأحزاب والنقابات والجمعيات والمشاركة في الحياة السياسية والعامة وحق تنظيم الإضرابات، وأنه لا يجوز تقييد أي من الحقوق والحريات المكفولة في هذا الدستور.
هذه هي قناعاتنا التي عبر عنها مشروع الدستور الذي اقترحناه وطلبنا من نواب حركة «النهضة» خاصة، ونواب الأحزاب الأخرى، أن يتعاونوا معنا لإجازة ما فيه من مبادئ وبنود. حركة «النهضة» خذلت ناخبيها وخذلتنا وخذلت جميع التونسيين الذين كانوا يتطلعون لدستور يستند للإسلام مصدرا أساسيا للتشريع وينفتح على التجارب الأوروبية والإنسانية. حركة «النهضة» تأسست أصلا ليكون الإسلام المرجع الأول للنظام السياسي في البلاد.
لذلك انتقدت موقفها بصراحة وقلت إنه خيانة لمبادئها وناخبيها وتضحيات أبنائها وبناتها. لقد ضيعت قيادة حركة «النهضة» فرصة نادرة على الشعب التونسي، وأصبح موقفها حجة بيد كل من يعارض اعتماد الإسلام مصدرا للدستور في جميع البلدان العربية والإسلامية. هذا أمر محزن ومؤسف حقا، وأرجو من قيادات حركة «النهضة» أن يراجعوا موقفهم في أقرب وقت ممكن وقبل التصويت على فصول الدستور في المجلس التأسيسي.
كما أرجو من أنصار حركة «النهضة» أن يقدموا المبادئ على قرار القيادة، وأن يؤيدوا موقف «العريضة الشعبية» بشأن الدستور وفي الانتخابات المقبلة.
في بيانكم السابق لاحظنا تعمدكم الفصل في النقد بين حركة ««النهضة»» وقيادييها وذلك بالتأكيد على ان مؤاخذاتكم تنحصر في القيادات، هل هو موقف مبدئي أم تصفية لحسابات شخصية؟ هل مازال الحنين وربما الأمل يشدكم إلى حلم العودة لحركة «النهضة»؟
لا أمارس السياسة من منطلقات الحقد والثارات وتصفية الحسابات. طبعي يمنعني من ذلك. ليس لي خطاب مزدوج، ولا أرى أن حكم تونس يبرر لي أن أكذب على الناس أو أخدعهم.
ما أراه اليوم هو أن تيار «العريضة الشعبية» هو العنوان الجديد المناسب للتيار الوطني والإسلامي في تونس. تيار «العريضة الشعبية» هو اليوم الامتداد الطبيعي لكفاح الشيخ عبد العزيز الثعالبي وأبي القاسم الشابي والحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف وعلي البلهوان وفرحات حشاد وغيرهم من الذين واجهوا الاستعمار وحققوا الاستقلال لتونس. هو بهذا المعنى تيار الشعب التونسي الأبي المعتز بهويته وأمجاده.
وهو أيضا تيار الفقراء والمحرومين والشباب الثائر الذي يريد نظاما سياسيا واجتماعيا جديدا يقوم على العدل ويقطع مع «الحقرة» والفساد والاستبداد.
وهو في نفس الوقت العنوان الجديد المناسب المعبر عن أشواق الإسلاميين التونسيين من مختلف المدارس. لقد قمنا بتوليفة مبدعة وجديدة بين مبادئ الإسلام وأشواق الناس للحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، من دون أن ننفصل عن شعبنا ومجتمعنا، ومن دون أن نعادي جيل الحركة الوطنية الذي قاد الحركة الوطنية وحقق الحرية والاستقلال لتونس.
لذلك أدعو جميع الذين يصنفون ضمن التيار الإسلامي التونسي، من أهل الاعتدال النابذين لنهج العنف، أدعوهم للالتفاف حول تيار «العريضة الشعبية» ، وعدم حرمان تونس من نظام الصحة المجانية ومنحة البطالة ومن ديوان الزكاة وديوان المظالم ومؤسسة القيروان العالمية لخدمة السيرة النبوية ومؤسسة القصرين للصناعة والعلوم والتقنية، ومن حكومة تعتز بشعبها وبدينها وتستطيع أن تحقق لتونس من العز والخير والمجد ما سيخلده التاريخ على مر الأجيال، وما يكون حجة لجميع المساهمين فيه بنية صالحة أمام الله سبحانه وتعالى يوم القيامة.
وبصراحة شديدة أيضا: كثير من الناس في تونس اليوم يقولون «خبز وماء و«النهضة» لا». ومن مصلحة البلاد والشعب أن يكون هناك بديل وطني إسلامي تقدمي يعبر عن أشواق الشعب للحرية والعدالة الاجتماعية ويستطيع قيادة البلاد نحو بر الأمان. العريضة الشعبية هي هذا البديل لحركة «النهضة» وهي جاهزة لحكم تونس بعد الانتخابات المقبلة إن شاء الله.
كيف ترون المشهد السياسي في تونس حاليا؟ وهل تعتقدون أن منع حق التظاهر بشارع بورقيبة بالعاصمة (قبل التراجع) ارتداد على مكسب ثوري أم أنه قرار وجيه؟
حركة «النهضة» وحزب «المؤتمر» وحزب «التكتل» حكموا تونس بنهج «الحقرة» والإقصاء و«النفخة». لقد تجاهلوا تيار «العريضة الشعبية» وهو القوة السياسية الثانية في البلاد، ولم يحترموا أصوات سيدي بوزيد ولاية الثورة ومنطلق الربيع العربي، التي أعطت الأغلبية الكاسحة لهذا التيار، ولم يحترموا أصوات المحرومين والمستضعفين من بنزرت إلى تطاوين، الذين اعتبروا «العريضة الشعبية» صوتهم ومحاميهم وممثلهم في السياسة العامة للدولة.
ثم إنهم تصارعوا على الصلاحيات والمناصب أكثر من شهرين. وبعد ذلك حكموا ثم فشلوا فشلا ذريعا في الحكم.
لو كانت نواياهم صالحة لعرف الشعب منهم ذلك ولأعطاهم الفرصة والوقت. وهم عرفوا أن الشعب لم يعد يحبهم أو يثق بهم. عرفوا ذلك بعد «الاستقبال» الذي لقوه في القصرين وسيدي بوزيد وسليانة، فتوقفوا عن زيارة الولايات، وبدؤوا في استنساخ تقاليد الدكتاتوريات السابقة، من نوع تعيين ولاة ومعتمدين وعمد من أحزابهم، ومن نوع التضييق على حرية التظاهر، ثم لجؤوا للأساليب التي تلجأ إليها كل حكومة ديكتاتورية: استخدام العنف ومحاولة زرع الخوف في قلوب الناس.
الشعب اليوم يقول: خبز وماء و«النهضة» لا. تونس لا يمكنها أن تتحمل هذه الحكومة لعام آخر. الأكرم لها أن تقدم استقالتها، وتسمح للمجلس التأسيسي باختيار حكومة تكنوقراط تدير البلاد لحين الانتخابات المقبلة.
يجب على المعارضة في المجلس التأسيسي أن توحد جهودها وتسعى لسحب الثقة من الحكومة الحالية، ويجب على نواب الأحزاب الحاكمة أن يحكموا ضمائرهم وأن ينتبهوا لحكم التاريخ. هل يشرفهم أن يؤيدوا حكومة تتجاهل المطالب المعيشية الأساسية للناس. وتعامل جرحى الثورة كما فعلت هذه الحكومة، وتعامل المتظاهرين كما فعلت هذه الحكومة في عيد الشهداء؟
ثم إنني أحذر الشعب التونسي من خطر كبير محدق بثورته ومستقبله: هذه الحكومة تريد الهيمنة على السفارات في الخارج، وتعين الولاة والمعتمدين والعمد وكبار المسؤولين في الوزارات من أنصارها. هذه هي الشروط الضرورية لإعادة إنتاج الدكتاتورية وتزوير الانتخابات وإلغاء مبدأ حياد الإدارة. انتبهوا جيدا يا توانسة قبل فوات الأوان.
كيف ترون حضور حزبكم في الانتخابات المقبلة خاصة مع انتفاء عامل المفاجأة هذه المرة بعد أن أصبحت الأحزاب تأخذ بعين الاعتبار في تكتيكاتها عريضتكم الشعبية؟
تقديراتي انه إذا نظمت الانتخابات اليوم فسنفوز بالأغلبية. وإذا نظمت العام المقبل فسنفوز بالأغلبية إن شاء الله. «العريضة الشعبية» اليوم هوية سياسية واجتماعية واضحة، وهذا الوضوح لا يملكه أي منافس لها في الساحة. «العريضة الشعبية» حاجة شعبية وليست طرحا حزبيا يطلب مغنما ومنصبا. تونس العميقة وأبناؤها، الفقراء والمحرومون والمهمشون الذين فجروا الثورة هم أصحاب المصلحة في انتصار «العريضة الشعبية»، ولذلك فسننتصر في الانتخابات المقبلة بعون الله، وفي أول مجلس وزراء أشرف عليه، سأعلن اعتماد برنامج منحة البطالة والصحة المجانية.
ماذا تقول لهؤلاء في جملة:
راشد الغنوشي: ستبين لك الأيام إن شاء الله أن تجاهلكم و«حقرتكم» للعريضة الشعبية وأنصارها كان بداية فشلكم في حكم تونس.
حمادي الجبالي: الاستقالة أفضل وأكرم بعد الذي جرى لجرحى الثورة وللمتظاهرين يوم عيد الشهداء.
مصطفى بن جعفر: اعدل في توزيع الوقت واسمح لنواب العريضة الشعبية بإكمال مداخلاتهم.
المنصف المرزوقي: الرئيس المؤقت لا يمكنه التنصل من مسؤوليته تجاه الاعتداء على جرحى الثورة ومتظاهري عيد الشهداء.
عبد الفتاح مورو: لا تندم على ما فات وكن مع الله ولا تبال.
الباجي قائد السبسي: العريضة الشعبية خير وأمان لكل التونسيين بمن فيهم الدساترة.
حمة الهمامي: لو نسبت برنامجك الاجتماعي إلى هدي الإسلام لجمعت المجد من أطرافه.
ابراهيم القصاص: أنت وإخوانك ثبتم على العهد ونطقتم بالحق ورفعتم رؤوس الزواولة والمهمشين والمحقورين.
أحمد نجيب الشابي: ليتك تؤيد موقف «العريضة الشعبية» في اعتماد الإسلام مصدرا أساسيا للتشريع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.