أول أمس كان شارع بورقيبة متبسّما... عادت العصافير الى أشجارها.. أول أمس كان شارع بورقيبة منتشيا زاهيا فخورا بزواره... جواز السفر: كتاب يُقرأ تحت السماء المفتوحة... وخير جليس كتاب... أمّة اقرأ.. لا تقرأ. من غرس فينا هذه المقولة التي كبلتنا وسلّمنا بها ؟؟ قراءة الكتاب رحلة.. علم.. صيد ثمين... قراءة الكتاب حياة أخرى تنضاف الى حياتك.. في الدول المتقدمة تجد الكتاب في المترو وفي الساحات العامة وفي المطار... وعلى وسادة الفراش.. في الدول المتقدمة الكتاب أجمل هدية وبعده تأتي قنّينة العطور... ونخجل عندما نسمع الاحصائيات التي تنشرها منظمة الأممالمتحدة حول الثقافة والكتاب.. فالعرب في آخر الترتيب.. العرب سيطروا على نصف العالم لما كانوا يقبلون على الكتاب في العلم والطب والكيمياء بعد أن كانوا صناع شعر فحسب.. امتصوا كل ما ينفع عن طريق الترجمة ثم امتلكوا المهارات وصاروا مصدر اشعاع... ومصدر العقلانية بينما كانت أوروبا غارقة في فقه الكهنوت وسطوة الكنيسة.. «برّة يا زمان وايجى يا زمان» فقدنا الكتاب ففقدنا عصرنا الذهبي.. احترقت المكتبات بالوهم والتجهيل وزادنا الاستعمار جهلا.. تصوروا أن ما ترجمته إسبانيا في سنة لم يترجمه العرب في عدة قرون... كنا متفرغين لإشباع البطون لا لإشباع المعرفة... فرسبنا ثقافيا وتكنولوجيا ومجتمعيا... وحتى النابغين رحلوا الى الغرب.. لأن المجتمع الذي لا يقرأ لا يوفر فرصة للتراكم وصناعة النبوغ... بل على العكس من ذلك كل موهوب يلاقي نقمة ويحارََب الى أن يفشل.. الكتاب سلاح لا يخشاه الا الجهلة.. ولذلك تعول الدول العربية المسلمة على الانتقاء لمصادرة كتاب لا يحترم جهلها.. وتعتبره تهديدا لأمنها القومي وأخلاقها الملائكية الطاهرة من رجس الفكر... أول أمس كنت سعيدا بباقات المطالعين.. كرّموا الكتاب وكرّموا القراءة وكرموا العقل... هذه طلائع أمّة اقرأ.. وطوبى لمن قال عندما أموت فقط... يسقط من يدي كتاب...