لقيت أمس شابة في ال 24 من عمرها حتفها بعد أن صدمها القطار السريع للخطوط البعيدة الرابط بين تونس و«الدهماني» على مستوى «حي فرحات حشاد» ببئر القصعة (ولاية بن عروس) والقريب من سوق الجملة. وعلى اثر الحادث قام العشرات من الأهالي بقطع الطريق الذي يعد المنفذ الرئيسي لعدد من الأحياء الشعبية وللمنطقة الصناعية والذي يربط الحي أيضا بالمناطق المجاورة كما تجمهروا فوق خط السكة الحديدية واستمروا في اعتصامهم إلى أن حضر والي الجهة ومعتمد المروج للاستماع إلى مطالبهم. «التونسية» تحولت على عين المكان واستمعت إلى عدد من شهادات أهالي حي «فرحات حشاد» وعاينت حالة الاحتقان والغضب حيث طالب غالبيتهم بإقامة سور على امتداد خط السكة الحديدية الذي يشق عددا من الأحياء الشعبية انطلاقا من محطة «بئر القصعة» وصولا إلى محطة «نعسان». «قطار الموت» عبر أهالي الحي عن استيائهم مما أسموه «الحقرة» مشيرين إلى أن السلطات المعنية بما فيها الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية تجاهلت منذ مدة طويلة مطالبهم بإقامة سور يفصل الأحياء الشعبية عن خط السكة الحديدية ملاحظين أن ضحية الأمس لم تكن الأولى وقد لا تكون الأخيرة طالما استمر الحال على ما هو عليه. وأكد متساكنو المنطقة أن «قطار الموت» حصد العديد من الأرواح خلال السنوات الماضية بين أطفال وشباب وكهول ومع ذلك لم تحرك السلطات المعنية ساكنا بل على العكس أفادنا بعض الشهود بأن ثمة من المتضررين من تمت تخطئته على اثر حوادث مشابهة لتلك المأساة التي عاشها أهالي ومتساكنو «حي فرحات حشاد» صبيحة أمس. والتهميش و«الحقرة» – كما يقول أهالي المنطقة – لا يقتصران فقط على مشكلة غياب سور واق يفصل خط السكة الحديدية عن الأحياء الشعبية بل أيضا يتمثلان في غياب تهيئة الطرقات التي تحولت إلى ما يشبه الأودية ومنها على سبيل الذكر الطريق الرئيسية أمام سوق الجملة والطريق المؤدية إلى الجامعة وإلى المنطقة الصناعية وإلى مجمل الأحياء الشعبية. وبالعودة إلى قضية الحال وإلى ما استقيناه من شهادات فإن الضحية الجديدة ل « قطار الموت» فتاة في الرابعة والعشرين من عمرها – قيل لنا إنها مصابة بإعاقة ذهنية – ولم نتمكن من الوقوف على صحة هذه المعلومة لغياب أهلها الذين رافقوها في سيارة مدنية إلى المستشفى بعد أن تعذر على فرقة الحماية المدنية نقلها لأنها كانت وقتها قد فارقت الحياة. البعض ممن التقيناهم أشاروا لنا إلى لافتة السرعة المثبتة على جانب خط السكة الحديدية والمحددة ب110 وهو أمر يثير الاستغراب متسائلين كيف يسمح بهذه السرعة على خط حديدي غير مسيج يشق أحياء شعبية؟ وحسب إفادات الحاضرين حضر لمعاينة الجثة معتمد المروج وعناصر أمنية بعد أن تجمهر الأهالي وأغلقوا الطريق والسكة الحديدية ولاحقا حضر والي بن عروس ووعد الحشد الغاضب بتلبية مطالبهم في قادم الأشهر القليلة وخاصة منها إقامة سياج وقائي للفصل بين خط السكة الحديدية والأحياء الشعبية وانتهى الحوار بين الطرفين الى فض الاعتصام وفتح الطريق. ضحايا بالجملة وكان من بين المعتصمين السيدة رفيقة الرقيق (معلمة) التي ما إن تناهى إلى مسامعها الحادث حتى سارعت للتضامن مع أهالي الحي لأنها هي أيضا تعرضت لحادث مماثل عام 2003 وعلى نفس خط السكة الحديدية حين كانت متجهة إلى المدرسة داخل الحي ولحسن حظها نجت من الموت بأعجوبة وظلت في غرفة الإنعاش 10 أيام أو يزيد ولحقت بها أضرار بدنية جسيمة ومع ذلك لم تلق آذانا صاغية ولم تتحصل على تعويضات .عماد قسومي أيضا كان واحدا من الضحايا حيث صدم القطار شاحنته عام 2010 ونجا هو بدوره من الموت لكن لحقت بشاحنته أضرار كبيرة اضطر معها لإنفاق أموال طائلة لإصلاحها. وقد أكد لنا أهالي المنطقة ان عديد الضحايا سقطوا خلال السنوات الماضية ومع ذلك لم تتحرك الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية لإيجاد حل جذري ينهي الفواجع والمآسي التي يستفيق عليها المتساكنون من حين إلى آخر. ورغم أن الشركة أقامت حاجزا أوتوماتيكيا على مستوى تقاطع الطريق المؤدية إلى مداخل الحي والسكة الحديدية وخصصت حارسا عند هذا التقاطع فإن المآسي لم تتوقف والإشكال القائم لا يتعلق فقط بتقاطع الطريق والسكة الحديدية بل يتمثل في امتداد خط السكة الحديدية لكيلومترات بلا سياج وقائي .