للمرة الثانية... في فترة وجيزة... تتكرر الكارثة.. أب يحرق اكباده بالنار... وأب يقتل بدم بارد طفليه..الأول في آخر الليل والثاني في صباح حزين..يا الله من يقدر على هذا.. كيف يحدث هذا ولماذا... وما ذنب أحباب الله قبل ان يكونوا أولاد القتلة... كيف تتحول اليد التي تطعم صغارها الى خنجر يخترق القلب الصغير أو الى أعواد كبريت تشوي اكبادهم... لا شيء يبرر..حتى الغضب لا يبرر...حتى الشعور بالظلم لا يبرر لأن غريزة الأبوة والأمومة مناعة أقوى من كل المبررات والذرائع..من الغبن أن يدفن أب أولاده ولو ماتوا ميتة طبيعية فكيف به لما يكون قاتلهم..حاولت أن افهم لما قرأت الاخبار..أحسست بالظلم ضدي رغم أني لا أعرفهم ... أحسست بالحزن الذي ملأ عيني ماء..ورحت انادي صغيرتي لأضمها الى صدري..لتقول لي أنت احلى بابا في الدنيا.. وتذكرت الذين قتلوا اطفالهم..لعلهم سمعوا مثل هذا الاطراء من ملائكة تعتبر الأب والأم اجمل ما في العالم ويفاخرون بهما مهما كان وضعهم...هما الافضل وكفى..حتى الحيوانات لا تفعل هذا..اذن ماهي القوة التي تدفع البشر الى هذا الحد القاتل..هل ان المناخ الاجتماعي السائد.. صحيح انها ثورة ولكن كيف تأكل اولادها..صحيح ان الشارع مكهرب والناس مشدودي الاعصاب.. متجهمون وضبابية الافاق تجعلهم خائفين..فيتسلحون دون ان يردوا بالرد العنيف..وأكثر الناس يتناولون المهدئات للقدرة على الابتسام.. صارت المشاهد متكررة..عنف في التلفاز عنف في الاذاعات..سلسلة الاخبار السيئة تغذي الاحباط والمشاحنات تنتقل عدواها الى المتلقين ..حتى الزبالة المكدسة شكل من اشكال العنف المسلط..وكذلك انقطاع الماء والكهرباء.. والتصريحات والتصريحات المضادة...وضرب الكلام بالكلام...وتكذيب التكذيب ...كل هذا يغيب الآمال في الفرج...الشعب يحتاج الى الحلم الذي فقده والحلم يحتاج الى صدقية لا تلين لا الى الهجوم والهجوم المضاد ومنهج الاقصاء والتقزيم والتهديد بالمباشر او بالتلميح... اكيد من اقترفوا جرائم في حق ابنائهم كانوا بشرا عاديين ولكن العاديين قد يكون ملاذهم الرازي لو تفطنوا الى ذلك..لذلك كله اقول لكل من يتحدث في الشأن السياسي ان يرأف بعامة الناس وأن يكون الخطاب حاملا لطموحات تنجز فورا وأخرى تؤجل بالحسنى... وأرجو في رمضان ان يصوم البعض عن الكلام لأنهم يرفثون «سياسيا» ..ويمررون جمالا من خرم ابرة..رأفة بأحباب الله...