قد تجود قريحة بعض المتحيّلين بأفكار جهنمية عادة ما يوظفونها للابتزاز وللحصول على أموال بطرق غير شرعية ولأن أفكارهؤلاء لا تنضب فقد عمدوا مؤخرا إلى محاولة ابتزاز حتى الناجحين في «الباكولوريا» وتحديدا التلاعب بالتوجيه الجامعي وتهديد «ضحيتهم» بالتحكم في الشعب والاختيارات وهوما حصل مع الشاب فراس الزريبي أصيل منطقة سليانة الذي حدثنا عن تفاصيل عملية الابتزاز التي تعرّض لها مؤخرا وكيف حاول البعض التلاعب بمستقبله. يقول فراس: «نجحت في «الباكالوريا» شعبة رياضيات واعتقدت أني قمت بعملية التوجيه الجامعي عبر الأنترنات تماما كما طلب مني لكني فوجئت يوم الأحد 15 جويلية وهوآخر أجل ضبطته وزارة التعليم العالي ليختار التلميذ قائمة الشعب التي يريدها بوصول إرسالية غريبة يخبرني فيها المرسل أنه قادر على تغيير الشعب كما يحلو له وقال لي بالحرف الواحد «نحن منظمة مختصة في القرصنة نستطيع التحكم في مصيريك بتغيير الشعب التي وضعتها ويتعين عليك إرسال 10 بطاقات هاتف جوال من نوع «تونيزيانا» وإلا فإن حياتك ستتحول إلى جحيم". وأضاف فراس: «في البداية إعتقدت أنها مزحة ولم أقم بأية ردة فعل ولم أواصل حتى قراءة بقية الإرسالية رغم أنه كانت تردني عديد الإرساليات تباعا ومن نفس الشخص ولكن الرقم كان مجهولا...ولكن من باب الفضول فتحت الحاسوب للتثبت من الشعب التي كنت وضعتها منذ عدة أيام وكانت الساعة تشير إلى 11 ونصف ليلا ففوجئت بتغيير كامل في الشعب فمن شعبة الطب وجدت أن الاختيار الأول أصبح المعهد العالي للدراسات التكنولوجية بالقصرين ومرة نفس المعهد بقابس وكنت كلّما غيرت الاختيارات إلا ويقوم هذا الشخص بتغييرها ويرفقها بإرسالية لا تخلومن التهكم والسخرية مثل: «ها ها ها ستجد نفسك أخيرا في القصرين» وهوما أرعب عائلتي وجعلني أعيش «الصدمة» تلو الأخرى خاصة وان الوقت كان يمر وآخر أجل كان يسمح فيه لنا بإجراء تعديل لا يجب أن يتعدى منتصف الليل وبالرغم من أني حاولت الإبقاء على الشعب التي أردتها قبيل منتصف الليل بثوان فقد تمكن القرصان من إحداث تغيير في آخر لحظة ووجدت أنه تلاعب بالاختيارات كما يحلوله ووضع الشعب بطريقة اعتباطية». وأشار فراس إلى أنه توجه في الغد إلى أقرب مركز للشرطة بالجهة وطالب بتتبع صاحب الفعلة والكشف عنه خاصة بعد الاستظهار بالإرساليات الواردة على هاتفه الجوال وقال: «حتى وإن كانت هذه التهديدات صادرة من رقم عبر «الأنترنات» فإن هذا لا يمنع من إماطة اللثام عن الجاني الذي حاول التلاعب بمستقبله.» واضاف: «الغريب أنه لم يطلب مني مبالغ طائلة بل كان طلبه مقتصرا على بطاقات شحن! وما يدفعني للتساؤل أكثر هو لماذا إختارني أنا بالذات من بين ألاف الناجحين لكن ما الغاية من كل ذلك ؟». قاطعناه لنسأله إن كانت لديه عداوات أو إن كان قد منح أحد أصدقائه رقمه السري فقال: «ليس لدي مشاكل مع أي كان وأنا متفوق في دراستي ولكن والدتي تعمل أستاذة بنفس المعهد الذي أدرس به ووالدي عضو في نقابة التعليم... ربما حاول أحدهم «الضغط» عليهما والتلاعب بأعصابهما ولكن لم أمنح الرقم السري لأي كان فوالدتي أخذت الظرف من المعهد ووضعته مباشرة في مكتبي ولم أكن موجودا في البيت وبالتالي ليس لدي أصدقاء دخلوا غرفتي والإشكال الوحيد الذي حصل معي كان خطأ في بطاقة التعريف الوطنية وتم لاحقا تداركه وعدا ذلك لم ألاحظ ما قد يلفت الإنتباه أويثير الشكوك». وحول ما حصل من تغيير في التوجيه والمساومة اللذين تعرض لهما فراس يقول السيد زهير العبيدي مدير التوجيه الجامعي: «ما حصل لا علاقة له باختراق منظومة التوجيه الجامعي لأنه توجد عدة احتياطات للسلامة وخاصة من خارج تونس فالتلميذ لا يمكنه حتى اختيار الشعب من بلد آخر وعليه القيام باختياراته من تونس...لكن ما حصل مع فراس له صلة بالرقم السري ورقم بطاقة التعريف وقد تكون الأرقام تسربت من أحد معارفه أو أصدقائه أو شخص آخر سيتم الكشف عنه... وعملية إرسال الرسائل تمت عبر الأنترنات وليس من موزع خدمات معروف لأن هناك مواقع تتيح للأشخاص إرسال 5 إرساليات مجانية وهوما فسح المجال لهذا الشخص الذي رغب في المساومة بتغيير التوجيه 7 مرات في فترة قصيرة ومباشرة قبيل منتصف الليل وبمجرد أن وصلتنا هذه الحالة قمنا بمتابعة الملف وغيرنا الرقم السري الذي تم اختراقه ومكنا فراس من اعادة التوجيه تماما كما أراد منذ البداية وأكيد أن الأجهزة الأمنية والمعنية ستتولى إماطة اللثام عن الفاعل أو الفاعلين.» وأضاف: "هي الحالة الوحيدة المسجلة في تونس والتي تمت بمثل هذه الطريقة لكن لدينا حالة أخرى لتلميذ من جندوبة تعرض ل«براكاج» من قبل مجموعة وأخذوا رقم بطاقة تعريفه ورقمه السري وهددوه بالتغيير والتلاعب بالاختيارات وتمكنا أيضا من حل المشكلة ومنحه رقما سريا جديدا". وأكدّ محدثنا أنه لا يمكن اختراق منظومة التوجيه الجامعي وإلى حدّ الآن لم تسجل الوزارة أية حالة في هذا الصدد وقال: «رغم بعض المحاولات إلا انه لم يتمكن أي شخص أوجهة اختراق «مركز معلومات» التوجيه الجامعي ولكن يمكن للبعض الحصول على الرقم السري إما بسرقته من الشخص مباشرة أوأن يكون المعني قد منحه لغيره لذلك يجب اخذ الاحتياطات اللازمة وعدم كشف الرقم لأي كان حتى وإن كان أقرب صديق». وفي ما يتعلق بالنتائج قال زهير العبيدي: «ستصدر اليوم نتائج التوجيه الجامعي عن طريق «الأس أم أس» ويوم 20 جولية عن طريق الأنترنات ويمكن للتلاميذ معرفة نتائج التوجيه الجامعي".