ينهي حزب المؤتمر من أجل الجمهورية قبل 11 أوت القادم سلسلة مؤتمراته الجهوية في إطار الاستعداد لمؤتمره الوطني الأول الذي سينعقد في الخامس والعشرين من الشهر ذاته بمدينة الحمامات حسب اتفاق مبدئي. «المؤتمر» الذي يعقد لأول مرة في تاريخه مؤتمرا بعد الحصول على التأشيرة، سيخوض هذه التجربة بحضور حوالي 300 مؤتمر أي بمعدّل 6 أو 7 ممثلين عن كل جهة ينضاف إليهم نحو 17 مؤتمرا عن تمثيليات الحزب في الخارج. وينتظر أن تقوم لجنة إعداد المؤتمر التي انتخبها المجلس الوطني المنعقد في تطاوين ماي الماضي بتقديم نتائج أعمالها وأعمال بقية اللجان وهي لجنة التنظيم الحزبي ولجنة السياسة ولجنة التشريع ولجنة منوال التنمية ولجنة الثقافة والتعليم والبحث العلمي ولجنة الأمن والدفاع إلى المؤتمرين في أجل لا يتجاوز الأسبوعين القادمين حتى تتم مناقشتها ومراجعتها إذا اقتضى الأمر, خاصة أن لجنة الإعداد للمؤتمر الوطني كانت قد دعت كل اللجان إلى تقييم موضوعي وتشخيص لإخلالات ونقائص الأداء الحزبي منذ 8 مارس 2011 (تاريخ حصول الحزب على التأشيرة القانونية) وأوصت بضرورة مراجعة لوائح مؤتمر القيروان (جوان 2011) وتقييم تناسبها مع متطلبات الظرف الجديد ومدى تأثير سياسات الحزب داخل الترويكا أو داخل المشهد السياسي الوطني. المؤتمر المنعرج المؤتمر الأول لحزب الرئيس سيكون حسب مراقبي المنعرج الأهم في مسيرته النضالية نظرا لزخم الأجندة التي تنتظره حيث سيكون المؤتمرون مطالبين بالحسم في عدة ملفات مفصلية أولها رسم خط سياسي واضح للحزب الذي اختلطت عليه السبل منذ انضمامه إلى الائتلاف الحاكم مما جعله يفقد العديد من رموزه (مجموعة عبد الرؤوف العيادي) والكثير من بريقه بعد أن أثبت في انتخابات 23 أكتوبر عبر الصناديق أنه القوة السياسية الثانية في البلاد. النقطة الثانية هي تحديد علاقة الحزب ب «الترويكا» الحاكمة بالنسبة للاستحقاقات السياسية القادمة، فإما أن يقرر الحزب مواصلة العمل صلب الائتلاف والتنسيق معه في إطار جبهة موحدة في الانتخابات التشريعة والبلدية أو أن يختار التحليق بمفرده خارج السرب وهو الأرجح خاصة مع ظهور بوادر تصدع بين «المؤتمر» وحلفائه السياسيين بعد أن صوتت كتلته البرلمانية ضد عدد من القرارات التي زكتها الحكومة في المجلس التأسيسي، في إشارة منها إلى المحافظة على استقلالية مواقفها حتى وإن حظيت هذه القرارات بمساندة رئيس الدولة وهو ما بدا جليا في تصريح سامية عبّو التي قالت «لسنا قطيعا للمرزوقي». النقطة الثالثة التي ينتظر أن يحسم فيها المؤتمر وهي الأهم، هي إعادة تنظيم البيت الداخلي وتوزيع الأدوار بين القيادات خاصة وأن الحزب شهد عدة هزات من الداخل بعد إقالة العيادي وحل المكتب السياسي قبل أن يحسم اجتماع تطاوين الأمر بإسناد رئاسة الحزب إلى محمد عبّو واختيار عماد الدايمي كنائب رئيس في انتظار المؤتمر. فإعادة ترتيب البيت الداخلي للحزب واختيار رئيس للحزب يحظى بالإجماع سيكون له تأثير كبير على حظوظ «المؤتمر من أجل الجمهورية» في المواعيد الانتخابية المقبلة ، خاصة وأن المرزوقي الذي اعتزل السياسية يوم دخل قصر قرطاج لن يكون الورقة الرابحة التي سيستعملها الحزب في الانتخابات الرئاسية ، وهو ما يحيلنا على ما راج حول الأسباب الحقيقة التي كانت وراء استقالة محمد عبّو من الحكومة من كونه سيكون مرشّح حزب المؤتمر من أجل الجمهورية للانتخابات الرئاسية خاصّة وأن هذا الأخير ارتأى تطليق الوزارة من أجل عيون الحزب أو ربما من أجل عيون الرئاسة. هذا ويراهن مناضلو المؤتمر على موعد 25 أوت لإعادة لم شمل قياداته التاريخية وتجاوز الخلافات حتى يضمن مكانته في ساحة سياسية تحكمها التجاذبات وقوة المال.