أعلنت وزارة الداخلية يوم أمس عن انطلاق حملة وطنية ثانية للنظافة ستتواصل إلى حين تحقيق أهدافها ، بعد أن فشلت الحملة الوطنية الأولى في التقليص من المشهد المقرف للمزابل المنتشرة في كل مكان حيث لم تتمكن المصالح البلدية ومن عاضد مجهوداتها إلا من رفع نصف كميات الفضلات المنزلية ونحو 15 من فواضل البناء والأتربة في إقليمتونس الكبرى. وقد تم إقرار حملة نظافة وطنية ثانية بداية من اليوم عقب اجتماع ضمّ كل الوزارات المتدخلة حيث تم ّ تدارس الوضع البيئي الذي أصبح ينذر بالخطر بعد أن أصدرت وزارة الصحة بلاغا نبهت فيه إلى مغبّة توصل تراكم الفضلات المنزلية بالمدن والأحياء. غير أن تواضع نتائج الحملة الوطنية الأولى قد يحيلنا إلى جدوى حملات النظافة في ظل الوضع الحالي للبلديات والنيابات الخصوصية التي تفتقر إلى الإمكانيات والمعدات التي تساعدها على أداء مهامها على أكمل وجه، وعجز الحكومة الحالية عن تجاوز هذا الإشكال بضخ اعتمادات إضافية للبلديات تدرج تحت عنوان تجديد الأسطول خاصة أن الخسائر الكبرى التي تكبدتها البلديات جراء الثورة مسّت الأسطول ومعدات رفع الفضلات بدرجة أولى،رغم أنه تقرر تقديم دعم مالي استثنائي لتمكين بعض البلديات من توفير وصيانة المعدات اللازمة والإسراع باقتناء 10 آلاف حاوية يتم توزيعها على مختلف البلديات حسب الحاجة. تواضع نتائج الحملة الوطنية الأولى وفشل البلديات في كسب معركة القمامة يحلينا أيضا إلى التساؤل حول جدية البلديات في التعامل مع هذا الموضوع خاصة أنه لم يسبق للوضع البيئي أن تدهور إلى هذا الحد وعن إمكانية وجود أياد عابثة تختفي وراء العمل البلدي لإغراق البلاد في القمامة خدمة لاجندات سياسية معينة، وهو ما قد يستدعي فتح تحقيق في الموضوع على غرار التحقيقات التي فتحت للبحث في أسباب قطع الماء والكهرباء والتي أثبتت وجود تقصير في عمل الإدارات استدعى إقالة ثلاثة مديرين مركزيين في «الصوناد» ، ناهيك أن مصادر رسمية أكّدت ل «التونسية» أن بلديات تشكو من أعطاب مسّت تقريبا كل أسطولها ( تعطل 30 عربة في بلدية حي الخضراء) أي أنه ليس من قبيل الصدفة أن تتعطل في بلدية واحدة 30 عربة في الآن ذاته مما يجعل البلدية في حالة عجز تام . فهل ستكون الحملة الوطنية الثانية للنظافة حتى وإن كانت مفتوحة في الزمن كافية لتجاوز الوضعية الحالية التي أدت إلى تراجع التصنيف العربي لتونس في المجال البيئي لتأتي بعد مصر والجزائر بعد كانت تتصدر ترتيب الدول العربية في جودة الحياة؟ أم أن الملف أعمق وأكبر من قدرات أية حملة وستطلب إعادة النظر في الموضوع برمته عبر إعادة توزيع الأدوار بين الأطراف المتدخلة في العمل البلدي مع مراجعة الإجراءات الردعية للمخالفين حتى يعرف كل طرف بما في ذلك المواطن ما له وما عليه .