لا يختلف عاقلان في القيمة الفنية لحارس النجم الساحلي والمنتخب الوطني «أيمن البلبولي» وما يكتنزه من امكانيات عالية المستوى أهلته ليكون حامي الشباك التونسية في مختلف المحافل الدولية سواء مع فريقه او مع المنتخب ومساهمته الفعالة والدور الكبير الذي يلعبه في حصد التتويجات ومعانقة الألقاب، إلا أن المتتبع لمسيرة «البلبولي» في الآونة الأخيرة يجزم انه فقد الكثير من امكانياته وأضحى «الأسد» هزيلا لا يقدر على صد أبسط الكرات التي نالت من عذارة شباكنا وأهدت مفاتيح ولوج مناطقنا الخلفية بسبب أخطاء بدائية فادحة في وقت كانت فيه مثل هذه «الهفوات القاتلة» بعيدة المنال في زمن «عتوقة» و «النايلي» مرورا بالأسطورة «الواعر» الذي مازلنا نتذكر صموده أمام مدافع مهاجمي الانقليز في المقابل جاد علينا «البلبولي» بتفننه في تقديم «الهدايا المجانية» التي جنت علينا في اغلب الاوقات وكلفتنا ثمنا باهظا ولعل لقطة الهدف الثاني ضد «السيراليوني» والتي منحتهم الأسبقية عينة من أخطاء متعددة ما لبث حارسنا يكررها بطريقة دراماتيكية أشبه بالانتاجات السينمائية المعادة فالجميع مازال يحمل في مخيلته سيناريو مباراة الدور ربع النهائي لكأس أمم افريقيا الأخيرة والتي جمعتنا بمنتخب غانا وكيف ساهم «البلبولي» في اهداء الانتصار لزملاء «جيان» دون سابق انذار وحرمنا من تذوق طعم اللقب لأن «النسور» لو تخطوا تلك العقبة ولعادوا محملين بالأميرة الافريقية! لكن «أيمن البلبولي» أبى إلا أن ينغّص على الشعب التونسي تلك الفرحة التي انتظرها منذ 2004، وهاهو يعاود الكرة دون «خجل» وكأن شيئا لم يحدث! صحيح أن تبريره كان في محله حين ذكر أن لاعبي الدفاع أخطأوا في قراءة مسار الكرة، لكنه وكعادته تغافل عن تحمل المسؤولية أيضا في قراءته الشخصية للعملية وهي في الحقيقة ليست بالمفاجأة فهو يجد دائما العذر المناسب لتبرير هفواته القاتلة كالتي أتى على ذكرها بعد مباراة «غانا» لينطبق عليه المثل القائل «ربّ عذر.. أقبح من ذنب».. هذا هو «أيمن البلبولي» الذي رأينا فيه في وقت من الأوقات أفضل خلف لأحسن سلف في حراسة شباك عناصرنا الوطنية مابعد الأسود التي أتينا على ذكرهم آنفا.. لكنه ما فتئ يقدم عروضا هزيلة ونقاط استفهام كبيرة تحوم حول إصرار المدرب الوطني «سامي الطرابلسي» على تشريكه كأساسي رغم كل هذا ولا ندري الى متى ستتواصل هذه العلاقة. والسؤال الذي يطرح لماذا يقع غض الطرف دوما كلما تعلق الأمر بالحارس «أيمن البلبولي» في حين يقع اقصاء لاعبين آخرين بمجرد تمريرة خاطئة ف «الطرابلسي» وإلى حدّ اللحظة كان من أشد المدافعين عن هذا الحارس بالذات ويرفض حتى فكرة إبقائه على دكة البدلاء رغم التراجع الرهيب في مستواه وهو ما يطرح تساؤلات أخرى لعل أهمها لماذا لا يقع تشريك حارس النادي البنزرتي «فاروق بن مصطفى» أو الحارس الشاب للترجي التونسي «معز بن شريفية» فهذا الثنائي بالذات كشفا للعيان عن علو كعبهما فهما يتمتعان بإمكانيات بدنية وفنية هائلة تأهلهما لتعويض البلبولي الذي لا يشك اثنان أنه في تراجع كبير مرورا بفريقه النجم الساحلي والنتائج تدل على ذلك وصولا الى ما يقدمه مع منتخبنا في الآونة الأخيرة التي قبل فيها أهدافا بالجملة عجزت أقدام المنافسين عن تسجيلها في عشرية كاملة ولاح جليا أن «البلبولي» أصابه الوهن وربما الكبر ولم يعد قادرا على صدّ كرة سهلة في المقابل يجد «الاحتواء» و «التبرير» وحتى «التضامن» من المشرف الأول على المنتخب... أمام هذا الاصرار المتناهي على عدم الحديث عن أخطاء «البلبولي» من قبل «الطرابلسي» لا يسعنا الا ان نتطرق الى ما حصل لأسطورة الشباك «الصادق ساسي» «عتوقة» فخلال ملحمة الأرجتين سنة 1978 اودعه المدرب حينها «عبد المجيد الشتالي» بنك البدلاء لأن مردوده كان في انحدار مريب مع النادي الافريقي ولأن مصلحة الوطن ومن بعدها مصلحة المنتخب تقتضي الظهور بشكل مشرف للراية التونسية، بادر «الشتالي» بتعويضه ب «مختار النايلي» والنتائج يعلمها القاصي والداني وكيف «جنحت النسور» و «حلقت» في سماء الارجنتين لكننا وللأسف نجد أنفسنا أمام وضعية مماثلة لكن سوء التوظيف والقراءة السليمة لجاهزية اللاعبين يقفان حاجزا امام الفوز على غانا ثم السيراليون ولا ندري اي منتخب افريقي آخر سينال بدوره من الشباك التونسية في ظل وجود حارس تجاوزته الأحداث ولم يعد قادرا على الزئير وسط الكم الكبير من «الهدايا المجانية» للخصوم... الأمر الذي يجعلنا حقا نخشى على منتخبنا في قادم الاستحقاقات الاقليمية ونطالب «الطرابلسي» الذي لا نشك في قيمة العمل الذي يقوم ب ه منذ استلامه الدواليب الفنية ل «النسور» رفع شعار «اكبس» هذه العلامة المسجلة التي أضحت تميز الحراك السياسي والتي مازالت لم تلق صداها في المجال الرياضي ونتمنى ان تشمل «البلبولي» ايضا لعل وعسى أن يستفيق من جموده ولا خيار أمام مدربنا الوطني إلا أن يضع نصب عينيه راية البلاد قبل مصلحة العباد فهناك ثنائي ينتظر فرصته بفارغ الصبر فلم لا يقع الاستجابة خاصة وان كليهما يقدم عروضا قوية فالأول يدافع عن شباك متصدر البطولة و «بن شريفية» عجزت جل الأقدام الافريقية عن مغالطته وهي رسائل قوية لإعطاء الأولوية لمن هو أكثر جاهزية بدل سياسة المحاباة التي أثبت التاريخ أنها زائلة مع مرور الوقت.