هي قصة بدأت ببلاغ ضياع نشرته أم ملتاعة بحثا عن فلذة كبدها القاصر.. وانتهت بكشف شبكة ليبية تؤكد المعطيات الأولية صلتها بالارهاب.. «محمد أمين حمامة» لم يتجاوز عمره السابعة عشر عاما يقطن بمنطقة حي الرياض الخامس بسوسة انقطع عن الدراسة وكان ينوي الالتحاق بالتعليم الحر إلى أن حصل معطى قلب حياته رأسا على عقب.. تقول والدته المدعوة كوثر ل«التونسية»: اختفى ابني يوم السبت 29 سبتمبر 2012 في حدود الساعة السادسة مساء حيث لم يعد للمنزل ولم يعرف احد منا اتجاهه ولامكان تواجده فتلاعبت بنا مخاوف شديدة, الى ان وردت علي مكالمة هاتفية اعلمني فيها ابني انه متواجد مع شخص ليبي طلب منه مرافقته الى بلده لجلب سلع وبيعها بالأسواق التونسية بمقابل مادي هام فطلبت منه العودة لكنه أصرّ على شق طريقه آملا في الحصول على فرصة عمل... منعرج خطير وتضيف الأم: «قدمت بلاغا لأعوان الامن بحثا عن ابني ثم جندّت افراد عائلتي للبحث عنه مدة عشرة ايام حيث استطعت تجميع معلومات من بعض رفاق ابني, الذين اكدوا لي صحبة نادل بمقهى قريب من المنزل ان ليبيّا كان يتعمد اغراء الشباب القاصرين بالحديث عن المال والعمل المتوفر لديه بليبيا والربح المادي الوفير وان ابني كان ضحيته, فتقدم الجميع لمركز الامن مقدمين افاداتهم ليواصل الاعوان بحثهم الى حين ورود مكالمة هاتفية تم عبرها إبلاغي من قبل دائرة التحقيق بمحكمة صفاقس بخبر تواجد ابني لديهم موقوفا صحبة شاب تونسي آخر من نفس عمره والليبي المتهم الرئيسي في القضية وفاجأتني بشدة اكبر الرواية التي سردها ابني وكانت أشبه بشريط بوليسي...». إغراء فاختطاف... وفرار وتواصل الأم قائلة: «قال لي ابني انه رافق الليبي صحبة شاب اخر من خارج مدينة سوسة وفي طريقهما الى ليبيا اقترح عليهما الليبي المدعو «إبراهيم البهلول» من مواليد 1959 إمضاء ليلة السبت المذكورة آنفا في صفاقس ثم مواصلة الرحلة منذ الصباح الباكر فوافقا واصطحبهما الى منزل بأحد احياء المدينة حيث صدم ابني بما واجهه هناك اذ احكم الليبي غلق الباب عليهما ودخلت مجموعة من الملتحين عرضوا عليه الذهاب للقتال في سوريا مقابل تسليمنا كعائلة مبلغ 10 آلاف دينار حيث وافق ورفيقه خوفا على حياتهما». وتضيف الأم: «لم ينته الامر عند هذا الحد حيث جلب له سيجارة وقطعة «زطلة» وطلب منه تدخينها فرفض محمد امين الذي لم يسبق له ان دخن سيجارة وأمام اصرار المتهم على اجباره على التدخين ادعى ابني أنه يشعر بجوع شديد فخرج الرجل لجلب مأكولات لهما حينها اغتنم ابني وصديقه الفرصة وفرا بجلدهما من المنزل هائمين في الطريق لا يعرفان مكان تواجدهما ولا سبل الوصول الى اقرب نقطة أمنية». وبعد ركضهما مسافة هامة وكانت حينها الساعة الثانية صباحا لمحا عوني امن على دراجة نارية فناداهما وأمدّاهما بقطعة «الزطلة «واعلماهما بالقصة الغريبة التي كادت تؤدي بهما إلى ما لا تحمد عقباه». قضية... وإيقاف وتضيف محدثتنا قائلة: «بعد ان أمد ابني أعوان الامن بمركز مدينة صفاقس بالمعلومات الكافية تمت مداهمة المنزل وإيقاف الليبي كما لايزال ابني رهن الايقاف التحفظي بالإصلاحية باعتبار انه قاصر وأنا استغرب اقحامه في قضية وقرار الاحتفاظ به في الوقت الذي كان فيه ضحية وقع التغرير به لفائدة أغراض إرهابية كما اجبر على مسك مادة «الزطلة» وكاد ان يدفع الى استهلاكها». وفيما تتواصل حيرة الأم على مصير ابنها في هذه القضية الشائكة يتواصل التحقيق في القضية المذكورة بالبحث في هوية الاشخاص الاخرين واستنطاق المتهم الليبي الموقوف الذي قد يكشف حقائق جديدة قد تفسر موجة تدفق شبان تونسيين على سوريا للقتال الى جانب ما يسمى «الجيش الحرّ» العشرات في الاسر أو قتلوا ويظل مصير اغلبهم مجهولا خاصة امام تقديرات بعض المصادر الاعلامية التي اشارت الى ان اكثر من خمسين شابا تونسيا تتراوح اعمارهم بين 20 و30 سنة نجحوا في التسلل الى سوريا والمشاركة في الاحداث ليقع 19 منهم أسرى لدى النظام السوري خلال شهري ماي وجوان الماضيين ويموت اكثر من خمسة عشر مقاتلا يحملون الجنسية التونسية خلال الاشهر الاخيرة».