منذ بداية سنة 2024.. إعادة قرابة 2500 مهاجر غير نظامي إلى بلدانهم    وزير الشؤون الدينية يصدر هذا القرار    الحرس الوطني: عودة قرابة 2500 أجنبيا من أفارقة جنوب الصحراء الى بلدانهم منذ بداية السنة    كاتب سيرة ميسي.. ليو سيعود إلى برشلونة    عاجل : رفض الإفراج عن المدير العام الأسبق للمصالح المختصة بالداخلية    كرة اليد.. انتخاب كريم الهلالي عضوا في المكتب التنفيذي للكنفدرالية المتوسطية    رئيس الجامعة بالنيابة جليّل: اعجاب كبير بعمل الوحيشي وسنبقي عليه    نيوزيلندا تتخذ إجراءات عاجلة لمواجهة العاصفة الشمسية الجيومغناطيسية الكبرى    عاجل/ السجن لموظف ببنك عمومي استولى على أموال..    جامعة كرة القدم تعيش عجزا ب 5 مليارات    يوم تاريخي في الأمم المتحدة: فلسطين تنتصر.. العالم يتحرر    مدير عام المجمع الكيميائي : ''نقل الفسفاط يعدّ المشكل الحقيقي''    استشهاد 20 فلسطينياً في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة..#خبر_عاجل    صفاقس: الإحتفاظ بشخصين من أجل مساعدة الغير على إجتياز الحدود البحرية خلسة    الجلسة العامة للجامعة: حضور جميع الأندية باستثناء الترجي والقوافل    عاجل/ تأجيل دربي العاصمة..    عاجل/ الاحتفاظ برئيس بلدية سابق و موظف من أجل شبهة..    هل يفعلها الفريق المجري ويُؤهل عربات القطارات المُتهالكة!    هذه المناطق دون تيار الكهربائي غدا الأحد..    القصرين: بطاقة إيداع بالسجن في حق شخص طعن محامٍ أمام المحكمة    تونس تشهد موجة حر بداية من هذا التاريخ..#خبر_عاجل    غار الدماء...90 إطارا طبيا وشبه طبي يؤمنون 300 عيادة طبية لسكان منطقة القلعة    مسيرة فنية حافلة بالتنوّع والتجدّد...جماليات الإبدالات الإبداعية للفنان التشكيلي سامي بن عامر    مهرجان ريم الحمروني للثقافة بقابس.. دورة الوفاء للأثر الخالد    في إطار الاحتفال بشهر التراث...«عودة الفينيقيين» إلى الموقع الأثري بأوتيك    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    الجزائر تتوقع محصولا قياسيا من القمح    طقس السبت: ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    بعيداً عن شربها.. استخدامات مدهشة وذكية للقهوة!    تونس تشدّد على حقّ فلسطين في العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتّحدة    بايدن يخطئ مجددا و"يعين" كيم جونغ رئيساً لكوريا الجنوبية    عاجل/ بعد حادثة ملعب رادس: وزارة الشباب والرياضة تتخذ هذه الاجراءات..    النادي الإفريقي.. القلصي مدربا جديدا للفريق خلفا للكبير    لأول مرة/ الاتحاد البنكي للتجارة والصناعة يشارك في دعم النسخة 18 من دورة "كيا" تونس المفتوحة للتنس..(فيديو)    مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص أضحية العيد    المسابقة الأوروبية الدولية بجنيف: زيت الزيتون 'الشملالي' يفوز بميدالية ذهبية    المهدية: هذا ما قرره القضاء في حق الأمّ التي عنّفت طفليها    الكريديف يعلن عن الفائزات بجائزة زبيدة بشير للكتابات النسائية لسنة 2023    جندوبة: السيطرة على حريقين متزامنين    عاجل/ الأمم المتحدة: 143 دولة توافق على عضوية فلسطين    قليبية : الكشف عن مقترفي سلسلة سرقات دراجات نارية    في تونس: الإجراءات اللازمة لإيواء شخص مضطرب عقليّا بالمستشفى    البنك المركزي التركي يتوقع بلوغ التضخم نسبة %76    الأمطار الأخيرة أثرها ضعيف على السدود ..رئيس قسم المياه يوضح    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    لهذه الأسباب تم سحب لقاح أسترازينيكا.. التفاصيل    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    خطبة الجمعة .. لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما... الرشوة وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية !    أضحية العيد: مُفتي الجمهورية يحسم الجدل    عاجل/ مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص شراء أضحية العيد في ظل ارتفاع الأسعار..    عاجل/ هجوم مسلح على مركز للشرطة بباريس واصابة أمنيين..    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    نبات الخزامى فوائده وأضراره    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«لطفي زيتون»:لا مانع من التحالف مع «نداء تونس» إذا اقتضت مصلحة الوطن
نشر في التونسية يوم 24 - 11 - 2012


لا نطلب من الإعلام مدحا بل انصافا
الحديث عن التحوير الوزاري لم يصل بعد إلى مستوى الأسماء
«الترويكا» صمدت أمام هزات كبيرة.. ونأمل أن تصمد أمام الاستحقاقات القادمة
مستفز في كلامه.. تصريحاته البرقية تثير الجدل لأسابيع متتالية .. ظل لفترة طويلة يوجه سهامه للإعلام والإعلاميين، يختار لهم نعوتا وحده يعرف مأتاها.. دخل منذ اكثر من شهرين في «وقفة تأمل» طالت نسبيا..
وسواء أكان وافقه البعض في ما يذهب إليه أو عارضه، فإن الرجل يفرض الإنتباه إلى ما يقوله. على أن البعض يرى أنه في بعض المواقع فوت على نفسه فرصة الصمت فيما يصر اخرون على أن الفترة الإنتقالية تستوجب رجلا ذا كاريزما وحضور قوي.. يواجه في البلاتوهات التلفزية خصومه كما في الجلسات الرسمية وغير الرسمية دون أن يرف له جفن.
استضفناه «لنفكك» معه «رمانة» آخر المواقف السياسية لحكومة «الترويكا» مما يحدث في البلاد.. ولنعرف ما إذا تغيرت مواقفه من المشهد الإعلامي التونسي أم لا يزال متشبثا بها.. ضيفنا اليوم هو الوزير المستشار السياسي لرئيس الحكومة السيد لطفي زيتون الذي كان لنا معه الحوار التالي.
بداية سألت الوزير عن التحوير الوزاري الذي كثر الحديث بشأنه في صفوف النخبة السياسية ولكن داخل الإئتلاف الحكومي ذاته أيضا. هل سيقع توسيع التحالف أو استبدال اعضاء من الحكومة بآخرين؟ فقال:
- لا يزال الحديث عن التحوير الحكومي في المستوى السياسي حيث تتمحور الأسئلة بشأنه حول أسبابه وأهدافه بمعنى هل يعني التحوير توسيع التحالف الحاكم.. أجل هناك محاولات في اتجاه توسيع الإئتلاف وأرجو أن تفضي إلى نتائج حقيقية. وبالتوازي مع ذلك تجري تقييمات لأداء الوزراء. وهناك تغييرات ستقع بسبب آداء الوزراء وتغييرات أخرى لأسباب سياسية حتى يفتح المجال لتوسيع الإئتلاف. والحقيقة أن التشاروات جارية في إطار التحالف حول كل هذه الأمور وحول طبيعة هذا التغيير. صحيح أنه ليس هناك أي اعتراض مبدئي من أي طرف حول إجراء تغيير إذا اقتضت المعطيات الفنية أو الدواعي السياسية. ولكننا لم نصل بعد إلى مستوى التعيينات الإسمية من يبقى ومن سيقع تعويضه.
آخر تصريحات رئيس الحكومة تفيد بانزعاجه من تباطؤ المجلس الوطني التأسيسي في صياغة الدستور وهو تصريح لم يفهم التونسيون بالضبط معانيه ولا مراميه..
- الإنزعاج هو كلمة كبيرة.. ولكن السيد رئيس الحكومة عبر عن احساسه بضرورة احترام التواريخ المعلن عنها سابقا. فكما تعلمين وجب التقيد بهذه الإستحقاقات الإنتخابية التي ستأتي بحكومة شرعية وستعطي البلاد مؤسسات دستورية مستقرة. والسيد رئيس الحكومة يرى أن فترة بقاء تونس بلا دستور قد طالت وأن طول الفترة الإنتقالية انما يضر باقتصاد بلادنا ولا يشجع المستثمرين على اقامة مشاريعهم في تونس.
ومن هنا حرص السيد حمادي الجبالي على أن تنتهي هذه المرحلة الإنتقالية في أقرب الأوقات وهو أمر بيد المجلس الوطني التأسيسي وهو ما سيعمل رئيس الحكومة على إقناع المجلس به وبضرورة مراجعة طريقة العمل بما يسرع من خروج تونس من المرحلة الإنتقالية التي تضر بالأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية للبلاد.
ولكن رئيس الحكومة صرح بأنه سيضغط على المجلس الوطني التأسيسي، كيف سيكون هذا الضغط ؟
- عبر الإتصال بالكتل ومحاولة اقناعها. فالإئتلاف لديه كتلة كبيرة في المجلس وهي بدورها قادرة على التوجيه نحو التسريع. والإتصال برئيس المجلس أو التوجه إلى المجلس مباشرة عن طريق جلسة عامة.. هذه هي وسائل الضغط التي يقصدها رئيس الحكومة.
يدور حوار ساخن وجدل كبير حول امضاء الحكومة اتفاقية الشريك المميز مع الإتحاد الأوروبي دون العودة إلى المجلس الوطني التأسيسي باعتباره أعلى سلطة في البلاد ..
- كل الإتفاقيات توقع مع الحكومات ثم تعرض على البرلمان أو المجلس التأسيسي للموافقة عليها او تحويلها إلى قانون نافذ.
ولكن، هذه اتفاقيات تم إمضاؤها عليها وانتهى الأمر؟
- لا لا.. هي وقعت بالفعل لكن بشرط موافقة الهيئات البرلمانية وهو أمر ينسحب أيضا على الإتحاد الأوروبي وهو اجراء معمول به في كل الإتفاقيات حتى ما يتعلق منها باتفاقيات القروض والمنح. فتونس مثلا تتلقى منحة من بلد ما، يوقع عليها وزير المالية في اطار اتفاقية ثم تعرض على انظار المجلس الوطني التأسيسي فإذا رفضها فلا مجال لقبولها. وهو ترتيب واضح وشرعي.. وليس هناك اي تجاوز للسلطة التشريعية التي ستنظر في اتفاقية الشريك المميز مع الإتحاد الأوروبي.
بعد مرور اكثر من سنة على الإئتلاف الحاكم، كيف تنظرون بكل موضوعية إلى اداء حكومة الترويكا التي انتم جزء منها؟
- كنت دوما اقول حتى قبل ان نتوغل في هذه المرحلة الإنتقالية، بأن الإئتلاف هو أصعب انواع الحكم. فالتحالف عادة ما يكون ثنائيا اما اذا كان ثلاثيا فيصبح في غاية الصعوبة خاصة وأننا اليوم في غياب مؤسسات وقوانين قادرة على تأطيرسواء التحالف أوالصراع السياسي. فنحن نعيش اليوم في بلد ليس له دستور. لدينا دستور صغير اعد على عجل وهو القانون المنظم للسلط ولكن ليس به تفصيلات كثيرة ونحن نتحرك في اطار تقسيم لمؤسسات الدولة وليس فقط لمؤسسات الحكومة الرئاسة في مكان والمجلس التأسيسي في مكان آخر واقصد الإنتماء الحزبي وهذا يزيد الأمر صعوبة.
واذا اضفنا لكل ذلك اوضاع عدم الإستقرار السياسي والإجتماعي وتصاعد الطلبات والإستحقاقات الإجتماعية خاصة، فإننا نفهم ما الذي يحدث حقيقة. فالإئتلاف في السياسي هو كالزواج دون حب حيث تفرض المصلحة المشتركة على الأطراف التعايش.
ماهي أحوال «الترويكا» من الداخل اليوم؟
- لابأس والحمد لله صحيح ان هناك تجاذبات.
ولكنها تجاذبات قوية...
- (وكأنه لم يسمعني ) هناك أحيانا تغليب للمصالح الحزبية والإنتخابية على مصالح الإئتلاف ..احيانا تعطل بعض المصالح باعتبار أننا في وضع ائتلاف كالبطء في التعيينات وسد الشغورات التي تحصل على مستوى الحكومة . وهو وضع لا أراه كارثيا ولكنه بالفعل يعطل الأوضاع ولذلك نعود إلى حرص رئيس الحكومة على الإسراع بالخروج من هذه المرحلة وندخل مرحلة محكومة بأكثر ضمانات للنجاح حتى إذا ما اضطررنا في قادم الأيام إلى حكم ائتلافي اخر، يكون الحكم مؤطرا بقوانين ودستور وجملة من المؤسسات التي لا تترك مجالا لتأثر العمل الحكومي بالفتر ة الإنتقالية أو غياب الدستور.
عموما يمكن القول إن «الترويكا» صمدت أمام هزات كبيرة. ولكني لا أعرف هل ستصمد «الترويكا» أمام الإستحقاقات المقبلةعندما يأتي حديث عن مرشحين لإنتخابات رئاسية أو عندما نتوغل في صياغة الدستور إلى المناطق الصعبة أو عندما يناقش المجلس القانون الإنتخابي، نحن نأمل أن تصمد «الترويكا» وقتها.
ولكن وجب أن ننظر إلى الأمور من منظار واقعي فهذه الإئتلافات تعقد وفي نقطة من النقاط يمكن أن يقع حلها وربما تعوض بائتلاف آخر أو وضع جديد.. فنحن لا ننظر بمثالية إلى هذه الأمور. وكما قلت فهذا نوع من أنواع الحكم الصعبة جدا نتوقع فيه كل المشاكل التي تحدث في السياسة.
في ظل الحلقة المتشابكة بين الإستثمار والأمن والإقتصاد، كيف تنظر الحكومة إلى الواقع الحالي الذي يشهد تواصل الإحتجاجات والإضطرابات المبنية على مطالب اقتصادية واجتماعية بالأساس ؟
- كل المشاكل تدفعنا إلى التسريع وإلى أقصى ما يمكن من التوافق حيث تبين من الدروس التي وصلنا اليها في هذه المرحلة الإنتقالية إنه لم يعد يكفي أن نحصل على الأغلبية لأن الإئتلاف يحوز على الأغلبية. كان من المفروض المضي اكثر في اتجاه توسيع المشاركة في الحكم . هذا ما نسعى إلى تداركه من خلال فتح الحوار مع جملة من الاتجاهات والأحزاب حتى تلتحق بهذا الائتلاف. أما بخصوص ملف الاستثمار ، فالواقع ان نوايا ووعود الاستثمار قد تصاعدت في بلادنا.
ولكنها ظلت نوايا..
- تصاعدت ولكن لتحقيقها لا بد ان تمر البلاد من مرحلة المؤقت إلى مرحلة الدائم..
دائم؟؟؟ ام شرعي؟؟؟
- أقصد مرحلة شرعية مضبوطة في الزمن مما يمكن الحكومة من الإنجاز ومن إصدار القوانين التي تفتح المجال أمام المستثمرين بفضل الإجراءات والتسهيلات ويمكنها من ضبط الأمن بالأخص. فهذا التفويض مهم جدا . فكل الناس ترى أننا في حالة غموض لا نعلم متى تنتهي المرحلة الإنتقالية . فإذا كان هذا الوضع مدعاة للإنشغال لدى المواطن العادي فما بالك بالمستثمر العربي أو الأجنبي.. هذه وضعية مدعاة للتوقف لدى المستثمر لأنها تبعث على التخوف.
علاقة الحكومة بالتيار السلفي وتحديدا الفئة المتشددة منه، فبعد أن كان شبابها «مدللين» لديكم، أضحوا اليوم معرضين للعقاب القانوني.. بعد واقعة السفارة الأمريكية..
- أولا علاقتنا بالسلفيين ليست علاقة محاباة ولا «تدليل». ولكن هذه الظاهرة وفق مقاربتنا ليست ظاهرة قطرية ولا خاصة بالمجتمع التونسي، إنما هي ظاهرة كونية فكل دول العالم تشهد هذه الظاهرة. والتعامل مع هذه الظاهرة الفكرية والسياسية يتم على أساس الحوار أولا ومحاولة جلب هذه الفئة إلى مربع الشرعية لإيماننا العميق بأن الديمقراطية نظام ناجع وصلب ويدفع الناس إلى الإعتدال. وهذه روح الديمقراطية الحق.
فإذا كانت الديمقراطية لا تشجع الناس على الإعتدال فلا حاجة لنا بها. وعليه، فقد ارتاينا محاولة تطبيق هذه المقاربة الديمقراطية التي أثبتت نجاعتها في المواقع التي كان فيها التحدي السلفي أشد أي الدول الغربية بالرغم من أن الغربيين كانوا يتعاملون مع جسم أجنبي عنهم على جميع النواحي الفكرية والسياسية والعقائدية والإيديولوجية والدينية والعرقية. فالغربيون واجهوا هذه الظاهرة بالأدوات الديمقراطية ونجحوا في ذلك بحيث سيطروا على هذه الظاهرة. وهذا ما لم تفهمه بعض الأطراف هنا في تونس وخاصة الإعلام الذي كان يشيطن هؤلاء الشباب ويدفع حتى الذين لا يتبنون العنف منهم. فلمجرد انهم اختاروا لباسا مغايرا عن البقية التونسيين ويتبنون هيئة معينة..
ولكنها هيئة غريبة عن المجتمع التونسي؟
- موش مشكل..فالديمقراطية تقبل التنوع وحتى الغرابة مالم تمس بالقانون.
وبالقيم؟
- القيم يحميها القانون ..لأنا إذا قلنا قيما دون تحديد القيم التي يحميها القانون تصبح هذه القيم في شكل فوضى لأن لكل واحد منا قيمه الخاصة به. فنحن لدينا قوانين تحكم البلاد . فلا يعاقب الا من يخالف القوانين. واذا لم تكن القيم محمية بالقانون لم تعد قيما.
متى تتصورون، معالي الوزير، أن النقاب يمس بأمن البلاد ؟ عندما يدخل قاعة الدرس في الجامعات أم في الأماكن العمومية؟
- في المطارات مثلا، في الوثائق الرسمية وفي المسائل التي تستوجب تدقيقا أمنيا ومنها الإمتحانات للتثبت من شخصية الممتحنين..
تطرقنا إلى السلفية من باب واقعة السفارة الأمريكية، فماهي تاثيرات الحادثة على علاقات تونس بالبيت الأبيض؟
- أولا يجب التأكيد هنا أن سياسة الدول الكبرى لا تخضع إلى ردود الأفعال . فلأمريكا استراتيجية تمضي في تنفيذها. وهذه الحوادث قد تؤثر وتفضي إلى تعديلات في السياسة.. ولكن السياسة الأمريكية لا تتغير فأمريكا تريد تأسيس علاقات جيدة مع دول الربيع العربي ولا تريد مشاكل ومع الثورات العربية. وما حدث من اعمال عنف مؤسفة امام السفارة الأمريكية جعل الأمريكيين يعطون أولوية ويتزايد اهتمامهم بالظواهر التي تصاحب الربيع العربي ومنها ظاهرة التشدد الديني.
وهو أمر في غير صالح بلادنا التي كان ينظر لها على اعتبار أنها القاطرة التي تقود التحول الديمقراطي حيث أضحت اليوم فضاء لظواهر جديدة يمكن أن تشكل خطرا على الأمن الداخلي أو الخارجي. وهو أمر يصعب علينا المهمة سواء المتعلقة منها بجلب المزيد من الإستثمارات وبتمتين علاقاتنا مع القوى الكبيرة في الغرب خاصة أنه من مصلحة بلادنا أن تربطها علاقات جيدة بالقوى الدولية.. أنا أؤكد أن العلاقات التونسية الأمريكية لم تتأثر بما حدث ولكن الموقف الأمريكي من الربيع العربي ومن التحولات التي تقع في منطقتنا ونظرتها إلى المخاطر أن تجلبها هذه التحولات تغيرت للأسف.
بوصفكم قياديا في حركة «النهضة»، كيف تنظرون إلى الإستقطاب الثنائي الذي أضحى يسيطر على المشهد السياسي اليوم في ظل وجود قوتين ( نداء تونس وحركة النهضة) واصرار الحركة على استبعاد التجمعيين من الحياة السياسية خوفا من منافس شرس لكم؟؟؟
- أولا في المراحل المتقدمة جدا من الديمقراطية، تقوم على الإستقطاب بين حزبين كبيرين كما يحدث في بريطانيا وفي امريكا الأن وفي فرنسا، الأمة تنقسم إلى تيارين اساسيين ولكن باعتبار تطور العملية الديمقراطية، هذا لا يؤثر في وحدة البلاد. والأمل أن تكون ثورتنا مناسبة لعودة الوحدة لتونس على اعتبار أن كل البلاد ساهمت في الثورة حتى من امتنع عن نصرة النظام الحاكم أنا شخصيا اعتبره مساهما في الثورة. الآن ونحن بصدد بناء الجمهورية الثانية، يعود الإستقطاب. نظريا، وإذا أردت التعاطي مع الأمور بشكل انتهازي أو سياسوي، سأقول إن هذا في صالح حركة «النهضة».
لماذا؟
- لأن حركة «النهضة» هي التيار الرئيسي الآن وهي الحزب الأكبر والأكثر هيكلة والحزب الأقرب إلى هوية الشعب والحزب الذي أتى به الربيع العربي إلى الحكم حيث هو الأقرب إلى الثورة في تونس ومصر وغيرها من البلدان. وأنا أقول إنه من نظرة سياسوية مصلحة «النهضة» في الدفع إلى مزيد الإستقطاب بين أنصار الثورة وأعدائها.
ولكن هذا الموقف سياسوي يبحث فقط عن المصلحة الحزبية. ولكن الموقف الذي يبحث عن المصلحة الوطنية ويسعى إلى تحقيق مصلحة الشعب ككل، فالتجمعيون تونسيون والإسلاميون تونسيون و«نداء تونس» تونسيون، يدعونا إلى انتهاج التوافق لإيماننا العميق بأن الجمهورية الثانية يجب أن تولد في جو من التوافق.
ومنذ بروز الإستقطاب الثنائي، أصبحتم تطالبون بإقرار قانون استبعاد التجمعيين من الحياة السياسية؟
- لا أبدا، لسنا نحن من طالب بهذا القانون الذي هو من مقترحات شريكنا في الحكم حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» وهو مقترح محل نقاش. والمتفق عليه في التعامل مع ميراث الدكتاتورية هوالمعالجة عبر العدالة الإنتقالية وهو اتفاق حظي بالإجماع.
فالعدالة الإنتقالية هي التي ستعامل الجرائم باعتبارها جرائم فردية. والآن نحن مضينا خطوة في مسار العدالة الإنتقالية بعد ان كانت خطواتنا بطيئة في هذا الباب لإحساسنا بأننا في أمس الحاجة إلى العدالة الإنتقالية. نحن نؤمن أنه لا مجال لإقصاء جزء من الشعب التونسي على خلفية الإنتماء ، وهو موقف شخصي يوافقني فيه الكثير من الإخوة.. كفانا اقصاء وحرمانا على أساس الإنتماء الفكري أو الإيديولوجي أو السياسي لأن الإقصاء لا ينتج الا المشاكل والأمراض.
إذن في بروز ظاهرة الإستقطاب الذي اضحى يهدد طبيعة هذه الجمهورية، برزت هذه الأصوات التي تقول بضرورة تغيير نمط التفكير ونمط سلوك السياسيين وتنهي هذا الإنقسام، على الأقل تكون لدينا اتفاقات واسعة في جملة من القضايا. والحقيقة أن هذه النظرية تحكم سلوك حركة «النهضة» التي يؤمن قياديوها وقاعدتها بالإستعداد للتنازل الذي يعتبره البعض ضعفا ولكن التنازل اذا بدر من الطرف الأكبر والأقوى فإن معناه الصحيح دليل قوة وايمان عميق.
فمثلا في مسالة ادراج الشريعة في الدستور رأت «النهضة» أن هذا المقترح قسم النخبة السياسية والمجتمع ككل إلى قسمين، ففضلنا التنازل امام المصلحة العامة.. وحتى في موضوع نظام الحكم الذي نرتضيه لتونس، أبدت حركة «النهضة» حرصها على التنازل لفائدة مصلحة تونس. إن تنازلنا ها هنا وفي مواضع اخرى انما نهدف من وراءه ضمان اوفر الظروف لتحقيق المصلحة العامة والحفاظ على الوحدة الوطنية التي تذوب امامها المصالح الحزبية الضيقة.. والحركة على استعداد تام للتنازل طالما أن الوحدة الوطنية تقتضي ذلك.
أين أهداف الثورة من اداء الحكومة ؟؟؟
- أهداف الثورة بعضها بصدد التحقق من خلال المجلس الوطني التأسيسي من خلال صياغة دستور ديمقراطي جديد للبلاد ومن خلال انشاء المؤسسات التي تؤطر العملية السياسية و..
عذرا على المقاطعة، ولكن وزير التعليم العالي صرح منذ يومين بان الإنتهاء من صياغة الدستور سيكون عام2014؟؟؟
- هذه انطباعات شخصية وتوقعات ولكن المجلس الوطني التاسيسي هو الطرف المخول له تحديد ذلك.. زيدي على ذلك ان ما كل ما يصرح به وزير يصبح قانونا. ففي النظام الديمقراطي، البرلمان هو الذي يضع القوانين ويحدد القرارات وهو مالم نتعود عليه في تونس إلى الآن. نحن لم نفهم بعد بأن الثقل في الحياة السياسية انتقل من الأفراد إلى المؤسسة وهذا هو اهم انجاز اتت به الثورة. المجلس الوطني التأسيسي هو الذي سيقرر متى الإنتهاء من صياغة الدستور وتاريخ تنظيم الإنتخابات.
ويتبين ونحن ماضون في هذه التجربة أن نوعا من أهداف الثورة يتحقق بهذا المستوى من التوافق والإئتلاف وأنا في تقديري أن جزءا آخر من أهدافها لا يتحقق الا بتوافق اوسع وبتفويض أكثر صلابة في الزمن مثل تفعيل قانون العفو التشريعي العام . انا اقول إن العدالة الإنتقالية تحتاج إلى توافق اوسع مما نعيشه اليوم لتكون عدالة ناجعة. الآن يمكن القول إنه آن الأوان لحكومة مصلحة وطنية بعد أن نضجت الأمور وتهيات الظروف لذلك، صحيح أنه رأي كأي رأي آخر بالرغم من أن بعض المواقف أو بعض الآراء في ظروف معينة تبدو طوباوية ولكنها إذا كانت في اتجاه التاريخ لا يلبث الناس أن يقتنعوا بها.
تصريحاتكم النارية تجاه الإعلام والإعلاميين غابت عن الساحة منذ فترة قلتم إنها فترة تأمل، أرى أنها طالت، والسؤال، فيم كنتم تتأملون؟؟؟ أ في مواقفكم الرافضة للإعلام التونسي ؟؟ أم في مواقف الإعلام الرافض لمواقفكم؟؟:
- كل الناس تحتاج إلى فترة تأمل.
ولكنكم تشغلون منصبا سياسيا لا يسمح ب«فترات تأمل»؟
- لم لا ؟؟؟ أنا أرى أن اصلاح الإعلام يستوجب ضخ دماء جديدة في القطاع لأن جملة من الملابسات وسوء الفهم أحدثت لبسا كبيرا. فالذين تولوا من الإعلاميين حماية الدكتاتورية والمساهمة في النظام الديكتاتوري والإعتداء على أعراض الناس والعمل في منظمات أشبه ما تكون بمنظمات الدعاية النازية هؤلاء تحول جزء منهم إلى تصدر المشهد الإعلامي من جديد وأضحوا يدافعون على حرية الإعلام وهو أمر اوقع خلطا كبيرا. أنا أرى أنه من الحلول الجذرية لهذا المشهد بروز جيل جديد ولا أقول إعلاما بديلا باعتبار أن الساحة تتسع لكل أنواع الإعلام . ولكني أقول إن إعلاما جديدا من شأنه إدخال نوع من التنوع على الساحة.
يعني نأتي بأسماء جديدة تعوض ما هو موجود ؟؟؟
- مؤسسات جديدة تبعث قنوات تلفزية أو إذاعية أو تؤسس جرائد حتى يصبح المشهد أكثر تنوعا.
ولكنه اليوم متنوع أكثر من ذي قبل بفضل العناوين والمؤسسات الجديدة؟
- اليوم المشهد الإعلامي التونسي متعدد لا متنوع.. اليوم يبث الإعلام في أغلبه على وتيرة واحدة التي ترتكز على نقد الحكومة ومواجهتها ونقد الحزب الرئيسي. مادام الإعلام قد قضى أكثر من خمسين سنة في صف الدولة، جاءت الثورة فحررته فأضحى ينعم بجو الحرية وينقد كيفما يشاء وهذه هي حرية الإعلام التي ننادي وتنادون بها فما العيب في ذلك؟
- لا لا ليس هذا المقصود.. المقصود أن الإعلام التونسي لا يزال يهاجم نفس الأطراف السياسية التي ظل يعاديها طيلة 23 سنة من حكم الديكتاتور.. الذي يحدث الآن أن نفس الطرف السياسي أي حركة «النهضة» التي كانت مستهدفة من قبل إعلام العهد السابق هو ذاته المستهدف الآن من نيران الإعلام ذاته. ويكفي إلقاء نظرة على الصحف التي تصدر كل يوم للتأكد من هذا الكلام..
كنتم سيدي الوزير أبرز شخصية سياسية تهاجم الإعلام بعنف وشراسة منذ قيام الثورة ثم بعد توليكم منصب وزير في حكومة الإئتلاف..
- لا لا لا بالعكس، أعتقد أن الإعلام هو الذي هاجمني بعنف.. لقد كنا نبحث عن سبل اصلاح القطاع وساهمت في الجهد العام وفي فك الإعتصام الذي انتظم أمام مقر التلفزيون فاتهمني البعض بأني كنت وراء الإعتصام. ووقع الإعتداء علينا معنويا بالثلب والسب والشتم.
صحيح أننا طالبنا بإصلاح القطاع وعبرنا عن آراءنا باعتبارنا مواطنين أولا فاتهمنا بأننا نريد إعادة انتاج منظومة الإستبداد التي يعرف كل الإعلاميين كيف كانت تعمل وتشتغل.
هل أنتم على قناعة بأنكم شكلتم، سببا من أسباب تدهور العلاقة بين الإعلام والحكومة؟؟؟
- لا لا .. هناك أجندة معينة والإعلام التونسي لا يتصرف من منطلق رد الفعل بل يتصرف مرتكزا على موقف سياسي أو ايديولوجي ويبحث أحيانا عن مبررات لهذا الموقف لأنه في الوضع الديمقراطي لا يوجد مبرر لأن يكون الإعلام ذا لون واحد. وهو يبحث على هذا الأساس عن مبررات من خلال تصريحات المسؤولين. ولكن الحقيقة ان هناك اجندا معينة وتوجها سياسيا واضحا في الساحة يدفع بالمشهد الإعلامي إلى نوع من اللون الواحد.
كنتم من أبرز من هدد بكشف القائمة السوداء للإعلاميين ، فلماذا تراجعتم عن ذلك؟؟؟
- لم أكن أول من تحدث عن القائمة السوداء للإعلاميين. فالمؤتمر الأخير للنقابة الوطنية للصحفيين هو الذي طالب ببعث لجنة تتولى اعداد هذه القائمة في إطار تطهير القطاع. ونحن كنا دوما نطالب بهذا.
فالإتحاد الأوروبي في آخر تقرير له اعتبر أنه من النقائص المسجلة في تونس عدم تطهير الإعلام من الذين اشتغلوا مع النظام الدكتاتوري ونحن على قناعة بأن مهمة التطهير يتحملها أهل القطاع . فكل قطاع مسؤول عن المنتمين إليه وعليه تطهير نفسه بنفسه تجاوبا مع متطلبات الثورة.
إلا أن الإعلام رفض تطهير نفسه ولست أدري هل أن مقررات مؤتمر النقابة الأخير ستنفذ أم لا ؟؟ وهل سيدخل الإعلاميون مؤتمرهم القادم دون أن ينفذوا قرارات المؤتمر الذي سبقه؟؟؟ حتى عندما اقترحنا أن تتولى مؤسسات أخرى مهمة تطهير القطاع رفضت النقابة ذلك.
وعموما مسألة القائمة السوداء حسب رأيي لم تعد قائمة الذات ولم يعد لها معنى باعتبار اللبس الكبير الذي يسيطر على قائمة من عملوا مع النظام السابق وساندوا اختياراته وتبنوها وهم أنفسهم اليوم يتصدرون المشهد الإعلامي..
تتكلمون عن أقلية في قرابة ألفي إعلامي في تونس؟
- هذه الأقلية هي اليوم أعلى صوتا من الأغلبية الشريفة.. أنا أعلم أن أغلب الصحفيين التونسيين هم من الشرفاء الذين عانوا الويلات زمن الدكتاتورية وكانوا من أوائل ضحاياها.. ولكن للأسف كما قلت هم اليوم يتصدرون القنوات والصحف والإذاعات.. وأنا أكرر أملي أن تظهر أصوات داخل القطاع الإعلامي نفسه تتولى عملية الإصلاح وتضخ جرعة من التنوع داخل هذا المشهد.
هل يستشف من كلامكم أنكم تقصدون بالتنوع والإنتقال من خطاب مدح الدكتاتورية إلى مدح «الترويكا» ومن وراءها «النهضة» ؟
- لا أبدا أبدا.. نحن على قناعة بأنه إذا تحول الخطاب الإعلامي إلى الشكر والتطبيل للحكومة فإننا سنعتبر أن ذلك إنما هو فشل ذريع أشد من الفشل الذي نراه اليوم. لأننا ربما نتعلل اليوم بأن في معارضة الإعلام للحكومة دليل على وجود الديمقراطية، أما أن يختص الإعلام في التطبيل للحكومة فإن الديمقراطية تغيب ولا مجال عندئذ للحديث عن الإنتقال الديمقراطي وهذا هو الفشل الذي أتكلم عنه ولسنا نحن من سيتسبب في الفشل لا قدر الله.
وليس من أهدافنا ولا أغراضنا من نقد الإعلام أن يتحول هذا القطاع الهام إلى مادح للحكومة أبدا أبدا.. نحن نريد إعلاما إذا أحسنت الحكومة يقول لها أحسنت وإذا اساءت يقول لها أسأت بنفس اللهجة وبنفس مستوى الخطاب وبنفس الحدة..
نريد إعلاما يقدم خدمة للمواطن ومن أهم خدماته أن ينقل له نشاط الحكومة والأحزاب السياسية بكل حيادية وموضوعية دون شكر ولا مديح حتى يسمح للمواطن في المرحلة الإنتخابية أن يصوت عن رؤية ووفق معلومات جادة ونزيهة. نحن لا ندعو إلى انتهاج النمط القديم في التغطيات الصحفية على شاكلة «دشن ولا استقبل ولا أي شيء من هذا القبيل.
كيف يتراءى لكم مستقبل الأيام في تونس ؟؟ هل ستنجح «النهضة» في الإنتخابات القادمة بالرغم من الإنتقادات؟؟؟
- أكثر من نجاح «النهضة»، يهمني شخصيا نجاح الإستحقاقات القادمة. ونحن على استعداد لتقديم تنازلات لفائدة المصلحة الوطنية..
هل تصل بكم التنازلات إلى حد التحالف مع «نداء تونس» مثلا ؟؟؟
- إذا اقتضت المصلحة الوطنية فلا مانع لدينا بعد تقدير المصلحة العليا للبلاد بكل رويّة. نحن نتمنى ألا يغير الشعب رأيه في هذه الحكومة وأن ينظر بعين الإعتبار إلى ظروف عملها الصعبة. وانا على يقين بان الشعب سيجدد العهد مع «النهضة» في اي عملية انتخابية اخرى نزيهة وشفافة لأن هذه الحركة وان لم تنجز كما انتظر منها الشعب الا انها وفرت العمود الفقري لهذه البلاد في اجواء غاية في عدم الإستقرار والإرتباك. فنحن وفي إطار الحكومة السابقة لم نقم بأية مظاهرة ليس من باب رضانا بحكومة الباجي قائد السبسي ولكن لأننا كنا نعمل على تغليب مصلحة البلاد وحاجتها للإستقرار والأمن على مصالحنا الحزبية.
فمثلا تفعيل قانون العفو التشريعي العام ظل في حالة انتظار لمدة عشرة اشهر في ظل حكومة السبسي الذي رفض تفعيله بالرغم من أنه كان أول مرسوم لمرحلة ما بعد الثورة مباشرة.. ثم رمى القانون كاللغم على هذه الحكومة.. لم يقم الإسلاميون بأي تحرك للمطالبة بتفعيل هذا القانون. ولذلك فنحن نسير في نفس المسلك اليوم آملين في الحفاظ على استقرار الأوضاع بالبلا د وحماية ارواح التونسيين.. وأملاكهم.. ونعيد إلى عجلة الإقتصاد دورانها الطبيعي..
ملف رجال الأعمال كيف تتعاطى معه الحكومة في ظل معادلة صعبة تقوم بين ملفات سوداء للبعض وحاجة اقتصاد البلاد لأموالهم؟
- من جملة الأثقال التي تحدثت عنها ملف رجال الأعمال الذي يشابه ملف السلفية، حيث أضحى محل مزايدات سياسية وإعلامية منعت الحكومة من التعامل معه بشكل فعال وأحدثت الكثير من الإرتباك في التعاطي معه. وهذا ملف أضر بالإقتصاد وبالتنمية بقدر إضرار ملف السلفية بالأمن، ولكن هناك حزم بإذن الله في التعامل مع الملف مستقبلا بما يخدم المصلحة الوطنية بعيدا عن الشعارات وبما يدفع بجرعة كبيرة من الإطمئنان في دوائر الإقتصاد والمال ويشجعها على أنها تنخرط في التنمية.
والتصرفات والإجراءات المتسرعة التي اتخذت قد ساهمت في غياب الأمن والأ ماكان يفترض لرجال أعمال استثمروا ثرواتهم ورؤوس اموالهم في مؤسسات بتونس، ماكان لهؤلاء أن يمنعوا من السفر.. لم يكن هناك مبرر لذلك ما عدا الشعبوية والتظاهر بأننا نتخذ إجراءات هي في الحقيقة معطلات..
نحن نأمل اليوم بالتعاون مع القطب القضائي إلى الإسراع في حل هذا الإشكال وإعادة الإطمئنان لقطاع المال والإقتصاد واعادة انتاج رأسمالية وطنية وإعادة تثبيت المبادئ فثورتنا أعادت الإعتبار للوطنية السياسية بما فيها إعادة الإحترام للعلم ولمؤسسات الدولة وتعلق بالدستور. اليوم المطلوب هو إعادة الإعتبار للوطنية الإقتصادية التي تدفع رجال الأعمال للعمل والعطاء والبذل والمساهمة في تحقيق التنمية وتحمل المخاطر في حدها المعقول في سبيل رفعة الوطن وزرع الطمأنينة معالجة المشاكل التي خلفتها لنا الديكتاتورية. وهذا يمر حتما عبر إعادة الإعتبار لهذا القطاع الذي تضرر من الديكتاتورية. هؤلاء الناس جزء منهم ارتكب أخطاء ولكن القطاع الواسع منهم تعرض إلى التعطيل جراء. القوانين المعطلة.. تعرضت أموالهم إلى النهب وافتكت منهم أراضيهم وأموالهم.. تعرضوا إلى الإستبداد من طرف العصابة التي كانت تحكم. هؤلاء هم شركاء مع كامل الشعب فيما تعرضوا له من أهوال الدكتاتورية..
سؤال أخير، كيف تتعاملون مع رسائل الفايسبوك بكل ما تحمله من مضامين ونعوت نعلمها جميعا ولا مجال لذكرها؟؟؟
- الفايس بوك اعتبره اعلاما بديلا. وكنت قلت قبل ثلاث سنوات أن هؤلاء الشباب الذين يجلسون وراء حواسيبهم سيغادرون يوما من الأيام مقاعدهم وسيغيرون العالم وهو ما تم حيث قدموا خدمة كبيرة لكافة دول الربيع العربي.
البعض من هؤلاء الشباب اصبحوا اليوم يهاجمون الحكومة مستعملين في ذلك نفس الأساليب التي كانوا يستعملونها مع النظام السابق . الله تعالى يقول: «الحسنات يذهبن السيئات».. فلا بأس أن تصب على الأذى وبعض النعوت.. فهؤلاء هم شباب وبعد وقت سينضجون وسيراجعون أنفسهم بأنفسهم. فنحن أنفسنا كنا شبابا ولم نكن راضين عما كنا نفعله..
وأنا أنظر إلى هذه الأمور من هذا المنظار وكما نقول في تونس «كلام يهزو الريح» والأصل التسامح فنحن نعيش فترة صعبة وشباب الفايس بوك حري أن يستمع إليه لأنه يحمل آمالا وتطلعات.. وأنا حريص جدا على الإستماع إليه خاصة فيما يتعلق بالقضايا الكبرى وتعاملهم معها.. وهو أمر يساعد السياسي كما الإعلامي على تلمس نظرة هؤلاء الشباب كما أنني حريص على الاستماع إلى غضبهم ومسبباته..
هذا لا ينفي دخول فئات أخرى على الخط وأصبحت تستعمل هذه الأدوات والفايس بوك في تصفية الحسابات.. لكن هؤلاء لا يلتفت إليهم لأنهم ينفقون أموالهم في أمور خاسرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.