مرّت العاصفة الإعلامية والسياسيّة التي هبّت رياحها على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيّام الأخيرة في علاقة بقضية الحوار التلفزي لقناة التونسية مع سليم شيبوب صهر الرئيس المخلوع. جاءت نهاية العاصفة وهدأت معها حماسة مستعملي شبكة الأنترنات بتونس مع رفض القضاء التونسي أوّل أمس الدعوى التي تقدم بها المكلف العام بنزاعات الدولة لمنع بث هذا الحوار التلفزي على شاشة برنامج التاسعة مساء لصاحبه معز بن غربيّة. وتناقلت أغلب صفحات الفايسبوك إثر ذلك وعلى وجه الخصوص التسجيلات الإذاعية للتصريحات الفورية لمعز بن غربية ومحاميه إضافة إلى نص بيان النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بالمناسبة والذي أكّدت من خلاله نجيبة حمروني نقيبة الصحفيين على «التمسّك بحرية التعبير والصحافة والإبداع كمكسب أساسي من مكاسب ثورة الحرية والكرامة والرفض المبدئي لكل المحاولات الرامية إلى الهيمنة على قطاع الإعلام» مكبرة «نضال القضاة الشرفاء وحرصهم على استقلال السلطة القضائية ورفضهم العودة إلى مربع استعمال القضاء لضرب الحريات العامة والفردية وخدمة المصالح السياسية والحزبية.» وتكاد شبكات التواصل الاجتماعي تخلو من أيّ ردّة فعل أو تعليق حول هذا الموضوع من قبل مستعملي شبكة الانترنات ممن أيّدوا منذ البداية الإجراءات القانونيّة المتّخذة بهدف الحيلولة دون بثّ حوار سليم شيبوب لا على قناة «التونسيّة» فحسب بل على كلّ القنوات ووسائل الإعلام الوطنية كما أكّدوا ذلك. إسرائيل والثورة التونسية ! نبدأ جولتنا اليومية بين ثنايا شبكات التواصل الاجتماعي فيستوقفنا مقطع فيديو يتقاسمه التونسيون بتعليقات وإحالات مختلفة ويتضمن تصريحا لعمر الشتوي النائب عن حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» الذي يستشهد -خلال برنامج تلفزي بثّ مؤخرا على القناة الوطنية الأولى- بإحدى الوقائع المستقاة من تاريخ الكيان الاسرائيلي وذلك للاستدلال حول «أقوم السبل وأفضل المسالك لتعديل مسار الثورة» كما يقول أحد الفايسبوكيين. مقطع الفيديو الذي تقاسمه عديد التونسيين على شبكات التواصل الاجتماعي يقول فيه النائب الشتوي «من الدروس المستفادة من التاريخ، عام 67 قبل حرب 67،حزب العمل وحزب الليكود توحّدا وكوّنا جبهة واحدة معا.. لماذا؟ لأنهما مقدمان على مرحلة تاريخية. تونس اليوم تعيش وتقدم على مرحلة عبور ديمقراطي فيها قوى مضادة وقوى خارجية تعمل صباح مساء بإمكانيات مالية رهيبة لضرب الثورة ولوأد الثورة.» وقد تعددت تعليقات المبحرين على الانترنات تفاعلا مع هذا الرأي ومن ذلك أن احد التونسيين علّق قائلا: «هل أصبحت إسرائيل قدوة ومثالا يحتذى ..؟.. متى كانت للقوى الاستعمارية شرعية ؟؟». كفى عنفا.. زعيم حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد شكري بلعيد توجه من خلال صفحته الرسمية على الفايس بوك بنداء للتجمهر اليوم الأحد على الساعة 11 صباحا بشارع الحبيب بورقيبة ليردد الجميع «بصوت واحد «كفى عنفا» كما يقول. وعن الهدف من هذه الدعوة يضيف بلعيد «أن من أهم المطالب حل كل مكاتب حماية الثورة من مبدإ أنه لا وسطاء ولا وكلاء على الثورة غير الشعب لأنه هو من حرر البلاد من الاستبداد وهو الوحيد الكفيل بحماية ثورته ومطالبها المشروعة وشعاراتها التي من أجلها قدم أبناءه فداء لها». شكرا أبا صهيب.. صفحة تونسية على الفايس بوك تحمل اسم «ثورة الطلبة» مقربة من التيار السلفي وتضم زهاء مائة ألف بين محب ومتابع للصفحة نشرت ما سمّاه القائمون على هذه المساحة الفايسبوكيّة ب «رسالة شكر للشيخ أبو صهيب التونسي حفظه الله على إثر الزيارة التي قام بها للإخوة في سجن المرناقية». نصّ رسالة الشكر يقول أنّ «من ثمار هذه الزيارة أنّ أبا صهيب دعا مدير السجن إلى أن يجمع له جميع الإخوة في غرفة واحدة، وقد وقع هذا الاجتماع والتقى الإخوة بعضهم ببعض - إخوة قضية بئر علي بن خليفة إخوة قضية العبدلية وقضية سفارة الأمريكان .. وقضية المنستير - أكثر من 120 أخ التقوا وتعانقوا وسلّم بعضهم على بعض وذرفت العيون، في هذا وقفة وسلوة للإخوة في السجن. وكذلك دعا الشيخ أبو صهيب مدير السجن أن يجعل الإخوة في غرف مستقلّة عن أصحاب قضايا الحقّ العام وقد وافق هذا الأخير. وجمّع الإخوة في ثلاث غرف مستقلين عن بقية المساجين. كذلك في هذا سلوى ونشكر الشيخ على هذا المجهود. ونريد أن نذكركم أنّ الشيخ قد خرج من منزله من السادسة والنصف صباحا وبقي ينتظر أمام سجن المرناقية إلى حدود الساعة منتصف النهار، حتّى مكّنوه من الدّخول للإخوة بعد مماطلة طويلة من إدارة السجن ولم يخرج إلاّ بعد الحادية عشر ليلا، ولم يتلقّ علاجه اليومي من مرض السكّر كامل اليوم. نسأل الله العظيم ربّ العرش العظيم أن يشفي الشيخ وأن يبارك في صحّته وفي علمه وأن يجعله ذخرا للإسلام». ننشر هذا الوصف الإخباري الدقيق وفي البال أنّنا بذلك ننشر «بلاغا صحفيّا» من جنس وأسلوب جديدين على طريقة السلفيّة وباعتماد عيّنة مما اختار البعض من الشباب التونسي المنتمي لهذه التيارات أن يوظفه لنشر فكر وعقيدة على الأنترنات. فعل رمزيّ الرئيس المرزوقي يغيّر اسم جامع العابدين بقرطاج ويستبدله في سياق فعل سياسيّ رمزيّ بمسمّى جديد هو جامع مالك بن أنس...واحد من العناوين التي تقاسمها التونسيون مؤخرا على الأنترنات وتعدّدت في علاقة بذلك الأراء والتعليقات. الكاتبة ألفة يوسف مثلا كتبت على صفحتها لتقول عن هذه المسألة بأنها «مسألة هامة من المنظور الرمزي، لا من حيث دلالة الاسم القديم أو الجديد ولكن لأنها مثال جيّد يؤكّد أنه لم يتغير في هذه البلاد إلا الدّوالّ أو التسميات». فعلّق تونسيّ بقوله «الرمزية الوحيدة الممكنة للتسمية هي الإحالة على المذهب المالكي الأشعري السني في استبعاد للمذهب الوهابي المتصهين ... إن شاء الله يكونوا قد فعلوا ذلك عن وعي..» في حين يعتقد مبحر آخر أن «التغيير الحقيقي يكون في العقول ثم بعد ذلك يتحول إلى أفعال وسلوكات تحددها المبادئ والمفاهيم التي نسعى لإرسائها في وطن الثورة».