تثمينا للمخزون الطبيعي بولاية سليانة، أبدت احدى المجموعات الصناعية الكبرى المختصة في صناعة الاسمنت اهتماما بالغا بالدراسة الدقيقة والمعمّقة التي تمّ إعدادها منذ عشر سنوات والمتعلقة بثراء الموارد الطبيعية بعمادة جامة من معتمدية سليانة الشمالية والتي أثبتت امكانية تركيز معمل ضخم لصناعة الاسمنت تجري في شأنه مشاورات ومفاوضات مع السلطات المعنية. وقد مكنت الدراسات التي قامت بها «مجموعة العثماني وشركاؤها» في سنة 2002 تحت اشراف ديوان تنمية الشمال الغربي والديوان الوطني للمناجم من اكتشاف مدّخرات هائلة من حجارة «الكلينكر» على مساحة تفوق 200 هك بمنطقة الجوّى الواقعة على بعد 10 كلم شمال مدينة سليانة. وتشير نفس الدراسات الى امكانية بعث معمل تصل طاقته الانتاجية السنوية من الاسمنت الى مليون طن بما يلبي حاجيات السوق المحلية وغزو الأسواق العربية والافريقية وحتى الأوروبية لمدة تزيد عن 50 سنة مقبلة. وتتضمن آفاق هذا المشروع الصناعي الضخم المقدّرة كلفته آنذاك (2002) بحوالي 300 مليون دينار مدّ خط حديدي طوله 15 كلم ينطلق حسب الدراسة من قرية «لخوات» التابعة لمعتمدية قعفور متجها نحو موقع المعمل المقترح وذلك بكلفة 22٫5 مليون دينار لتسهيل نقل وترويج المنتوج. وتنص الدراسة التي أمدّ السيد لسعد رحيّم المسؤول بديوان تنمية الشمال الغربي «التونسية» بمضمونها على أهمية القدرة التشغيلية لهذا المشروع الضخم سواء حال تركيزه أو في مرحلة الانتاج وانعكاساته الايجابية من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية في تنمية الجهة ومحيطها. ومن المنتظر أن يوفر معمل الاسمنت بعد تركيزه وتجهيزه واستكمال مكوناته التقنية والتكنولوجية 300 موطن شغل مباشر للاطارات الفنية والادارية والعملة وما يقرب من ألف موطن شغل آخر غير مباشر فضلا عن توظيفه لمقدّرات ولاية سليانة الطبيعية وادخالها في الدورة الاقتصادية الشاملة وتأمين تكاملها مع القطاعات الانتاجية الحيوية. وتنوي «مجموعة العثماني» الدخول في شراكة لاستغلال الموقع بجامة مع المجمع البريطاني (ستارفورد هاوس) الذي أبدى اهتمامه بالمشروع واستعداده للاستثمار راغبا في الحصول رسميا على ترخيص من السلطات التونسية للشروع في القيام بدراسات تكميلية فنية وجيولوجية تعاضد ما كانت قد قامت به «مجموعة العثماني» في سنة 2002. يذكر أن نوايا الاستثمار في هذا المشروع تجاوزت في السنوات العشر الماضية عشر نوايا في قطاع الاسمنت بمنطقة الجوى من عمادة جامة، إلا أنها اصطدمت باشكاليات عقارية بقيت طاغية وعالقة ولم تقابل بإرادة سياسية حاسمة. فهل يرى هذا المشروع النور مستقبلا في ظل الحاجة الماسة إليه ودفعا لمسيرة التنمية في جهة متهمة باستيراد الحجر وحجرها ثمين ومغمور، حجر لا يمكن أن يلحق الأذى ولكن ينشر الخير والرقي الاقتصادي والاجتماعي.