على هامش إلغاء الاضراب العام الذي كان مقرّرا ليوم أمس،عقد الاتحاد العام التونسي أمس ندوة صحفية بمقرّه الرسمي بالعاصمة بحضور أمينه العام حسين العباسي وأعضاء مكتبه التنفيذي وهيئته الادارية. وتطرقت الندوة التي حضرها عدد هام من النقابيين ومختلف وسائل الاعلام الوطنية والدولية الى جانب وفود أجنبية عربية ودولية الى حيثيّات إلغاء الاضراب وتسليط الضوء على الاعتداءات التي طالت الاتحاد ونقاط الاتفاق المبرمة بينه وبين الحكومة لإلغاء قرار الاضراب. إن لم يقع انصافنا سنتخذ القرار المناسب وقال حسين العباسي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، إنّ إلغاء الاضراب العام كان نتيجة اتفاق بين الاتحاد والحكومة تضمن 4 نقاط رئيسية منها الاتفاق على أنّ الحكومة هي المسؤولة عن مقاومة العنف وحماية الأفراد والمجموعات ومقرات المنظمات والأحزاب والجمعيات مضيفا أن الحكومة ندّدت بالاعتداءات على مقر الاتحاد وبالهجمة الشرسة التي تتعرض لها وهذا ما لا تفعله دائما مفسّرا ذلك باعتراف الحكومة الضمني بحجم الاعتداء الذي تعرض له مقر الاتحاد مشيرا الى أن هذه نقطة تحسب للاتحاد على حدّ تعبيره الى جانب تشكيل لجنة تحقيق مشتركته بين الحكومة والاتحاد لكشف المعتدين ومقاضاتهم مضيفا أن الاتحاد سيعيّن من يمثله في هذه اللجنة. وأكد العباسي أنه ستقع متابعة عمل اللجنة المشتركة عن كثب من أجل انهاء مسلسل العنف ومقاضاة كل ممارسيه وسيقيم التجربة وإن لم يجد انصافا لقضيته سيتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب. دعوة إلى الحوار ودعا العباسي الى الحوار والتوافق بين كافة الأحزاب ومكوّنات المجتمع المدني وحكومة «الترويكا» للقضاء على ظاهرة العنف الذي إن استفحل سيأتي على الأخضر واليابس، حسب قوله مضيفا أن مصلحة البلاد تقتضي الحوار لأنها تمرّ بتجاذبات واحتقان مؤكدا أنه آن الأوان لايجاد حلول وهي ليست بالسهلة ولا بالصعبة ولكن ليست مستحيلة. تنصيب قيادة موالية من جهة أخرى أكد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل أن الأزمات التي مرّ بها الاتحاد جعلته يخرج دائما قويا ومنتصرا في حين ينهار دائما من يتسبب في هذه الأزمات مضيفا أن الاتحاد تعرض الى اعتداءات ممنهجة ومخطّط لها منذ مؤتمر طبرقة وأن هذه الاعتداءات تمّت على مراحل مختلفة مشيرا الى أن حادثة الاعتداء الأخيرة مثلت القطرة التي أفاضت الكأس لأن لا أحد كان يتصور أن يهاجم الاتحاد من عقر داره وفي ذكرى اغتيال زعيمه المؤسس وزعيم كل التونسيين فرحات حشاد وأوضح العباسي أنه لهذه الأسباب تقرّر الاضراب العام كردّة فعل على اعتداءات ممنهجة وخطيرة طالت المنظمة الشغيلة مبيّنا أنّ الاعتداءات كانت لغاية ارباك الاتحاد وتشريد قيادته وتنصيب قيادة موالية للحكومة وانهاء دور الاتحاد وتاريخه النضالي ووقوفه دائما الى جانب الطبقات الشغيلة والشعب التونسي. مؤكدا في هذا الصدد أنه لا أحد مهما كان موقعه يمكنه ارباك الاتحاد واضعاف قيادته والتأثير على دوره النضالي وعلى وطنيته لأن الاتحاد قوي برجالاته وبتاريخه وبمساندة المجتمع المدني والشعب والتعاطف العربي والدولي. وأبرز الأمين العام للاتحاد أن بعض المسؤولين في الحكومة أججّوا الوضع وشنجوه بتصريحات أضافت الحطب الى النار على حدّ قوله اضافة الى محاولات البعض تجريم حق الاضراب ومحاسبة الاتحاد وتحويل المساجد الى مواقع تكفير للنقابيين ومكان لانطلاق المسيرات والدعوة الى الفتنة اضافة الى محاولات ترهيب الأعوان في الادارات العمومية وترويعهم إن هم نفذوا الاضراب. اتهام مردود أما عن اتهام الاتحاد بإلحاق الأذى بالاقتصاد وبث الفوضى في البلاد بدعوته الى اضراب عام فقال العباسي إنّه اتهام مردود على أصحابه ويوجه للمتسببين في اتخاذ قرار الاضراب لأن الاتحاد اعتدي عليه وأوضح أن الاضراب كان سيكون جزئيا في عدّة قطاعات كقطاع الصحة و«الصوناد» والطاقة والمخابز وغيرها، مراعاة لمصلحة المواطن مشيرا الى أن الاتحاد قام بجميع الاجراءات الترتيبية لذلك. الاتحاد باق والحكومات تزول من جانب آخر قال حسين العباسي إنّ دور الاتحاد دور توازني وسيظل كذلك لأنه عمل وسيعمل دائما على تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين دون أية مصلحة في «الكراسي» و«المناصب» لأن ما يهم الاتحاد فقط هو مصلحة تونس مؤكدا أن الاتحاد ليس منافسا سياسيا وليس مسيسا رغم اهتمامه بالسياسة ولكنه لن يسكت ولن يقف وقفة المتفرّج عندما تسلط المظالم أو تُهدّد مصلحة البلاد وأمنها أو تضرب الحريات مشيرا الى أنه هذا هو الدور الحقيقي للاتحاد الذي يريدون أن يدفع فواتيره مشيرا الى أنه بالأمس القريب جاء من هم في السلطة الى مقرّ الاتحاد وطلبوا تدخله وتدخل لفائدتهم وإن الاتحاد قام بدوره أيضا بعد الثورة في اسقاط حكومة الغنوشي الأولى والثانية وفي اجراء توافق وطني أدّى الى انتخابات 23 أكتوبر مضيفا أن من «جابهم الصندوق في الانتخابات الفارطة» ، قالوا إن الاتحاد سُيس ومن سيأتي بهم الصندوق المرة القادمة سيقولون نفس الكلام وأنه في كل الحالات الاتحاد باق والحكومات تزول وتتغير. متّهمونا بالخيانة أقليّة وعن اتهامات بعض النقابيين للقيادة بأنها خانت الاتحاد بتراجعها عن الاضراب العام ودعوتها الى استقالة المكتب التنفيذي قال العباسي إنّ هؤلاء أقليّة صغيرة، بل أقلية الأقلية ولا تملك أغلبية حتى ترمي بهذه الاتهامات المردودة عليها مؤكدا أن قرار إلغاء الاضراب اتخذ بالاجماع وبالتوافق بين جميع أعضاء الاتحاد بهيئته الإدارية ومكتبه التنفيذي ونقابييه. مشدّدا في نفس السياق على أن الاتحاد منظمة نقابية مستقلة لا يستطيع أحد محاسبتها أو حلّها أو إزاحتها أو إزاحة قيادتها إلاّ هياكلها التي لها القرار الأول والأخير في هذا الشأن مضيفا أنه لا أحد يمكنه تحديد مربع أو مساحة لتحرّكات الاتحاد أو لقراراته سوى المصلحة العليا للوطن وهياكله المنتخبة وقواعده النقابية. الاتحاد يمد يده للجميع وختم العباسي بتأكيده على أهمية الحوار الوطني وتفعيل مبادرته التي دعا إليها منذ فترة لايجاد مخرج لحالة الاحتقان والمصاعب التي تمر بها تونس مؤكدا أنّ هذه الأسباب التي ألغت قرار الاضراب العام لأجل مصلحة الوطن مضيفا أنه يرجو أن يحدث قرار الالغاء ديناميكية ورجّة ايجابية لاخراج البلاد من ضيقها والقضاء على انتشار ظاهرة العنف مؤكدا أن الاتحاد يمد يده للجميع من حكومة وفرقاء سياسيين من أجل مصلحة البلاد، ملاحظا أنه لا يرجو حصول اجتماع آخر مرة أخرى في ندوة مماثلة لاتخاذ قرارات جديدة..!