نصر الدين بن سعيدة تم تكليف الايراني السيد «حسين جلال» بمرافقة الفريق الإعلامي التونسي خلال إقامته بإيران بناء على حذقه للغة العربية وعلى اعتبار أنه سبق أن أقام في تونس في إحدى المهمات أي أنه يفهم حتى اللهجة التونسية والحركات والإيحاءات. وقد تكفل بترتيب وصولنا إلى الغرف في نزل «سيمرغ» الفخم بشارع «ولي العصر» وهو شارع طويل يمتد على طول 22 كلم في منطقة راقية بوسط طهران. شوارع طهران غربية العمران وشكل البناءات يبدو على النمط الأوروبي رغم أن حجارة البعض منها شبيهة بالمستعمل لدى أهل توزر ودقاش في الجنوب التونسي لا تجد فيها أثرا للغة العربية رغم أنها اللغة الثانية في برمجة التدريس بإيران فاللافتات وواجهات المحلات التجارية ومواقع الخدمات والإرشادات الإدارية والسياحية وغيرها باللغة الفارسية واللغة الانقليزية. خلال لقاءاتنا مع المسؤولين الايرانيين من مناصب مختلفة يتولى مترجم نقل التدخلات والإجابات والطريف أنه حصل أن أساء المترجم النقل فصحح له المتحدث الترجمة باللغة العربية في أكثر من مناسبة وهو ما يكشف حرص الإيرانيين على الحضور بلغتهم في اعتدادا وكبرياء.. يفهمون اللغة العربية ويتقنونها ويرفضون استعمالها أو التخاطب بها..!! . هذه اللقاءات جمعتنا بمسؤولين من درجات متفاوتة ولعل أهمها تلك التي حضرها سماحة القائد في الشؤون السياسية والدولية ووزير الخارجية الأسبق الدكتور علي أكبر ولايتي بصفته الأمين العام للمجمع العالمي للصحوة الإسلامية كذلك مع مدير العلاقات بدول شمال افريقيا بوزارة الخارجية ومع سعادة سفير تونسبإيران السيد خالد الزيتوني. كما قام الوفد بزيارة لوكالة الأنباء الايرانية ولمقر قناة «العالم» وبعض المتاحف. بعض هذه اللقاءات كان خاصا بالوفد الإعلامي التونسي في حين سجل أيضا حضور وفود من بلدان أخرى كاليمن وأفغانستان وأذربيجان وغيرها في بعض اللقاءات الأخرى.. وفاة الشهيد شكري بلعيد وملابساتها أثيرت خلال هذه اللقاءات وقد اعتبر المتدخلون أن أيادي غربية ضالعة في الجريمة. عدد كبير من الشوارع والأنهج هي بأسماء شهداء قضوا في الحروب أو لعلماء طالتهم يد الغدر الصهيوني الأمريكي.. كما تمتد صور عملاقة لهم على طول الشوارع والطرقات السريعة.. الشعب الإيراني وفي لشهدائه وينزلهم منزلة رفيعة تضمن خلودهم في ذاكرة الأجيال... لم يقع مدنا حين وصولنا بدليل برنامج الزيارة حيث اكتفى مرافقنا بتلاوة البرنامج شفاهيا وكان عليه تذكيرنا كل مساء ببرنامج اليوم الموالي.. كما أن بعض المواعيد طرأ عليها تغيير في حين ألغيت مواعيد أخرى فعوضها الزملاء بفسحة متعبة على الانترنات. فالشبكة لم تكن متاحة في كل الأوقات والتقطعات متكررة رغم طلبات المساعدة من العاملين في النزل. بفضل الحصار المفروض على إيران تتكلم الشوارع الايرانية بلهجة وطنية. فالمنتوج الايراني سيد الموقف في كل المجالات، السيارات إيرانية الصنع وكذلك الدراجات النارية.. الفضاءات التجارية الكبرى تعرض منتوجات وطنية من أجهزة وملابس ومواد استهلاكية وغيرها.. الإيراني صنع من الضعف قوة فالحاجة أم الاختراع ولا يلاحظ الزائر اختلالا في المعروضات بأنواعها ولا يبدو حسب ملاحظاتنا العابرة أن الايراني تضرر من الحصار لكننا لم نفهم كيف أن هذه القوة الاقتصادية الضاربة تعاني في الآن نفسه من نسبة تضخم مرتفعة. فحزم كبيرة من الأوراق النقدية الايرانية لا تكفي عند التبضع والتسوق بين المحلات! على عكس الواقع اللغة الفارسية لا تميز بين المذكر والمؤنث فبإمكانك تذكير المؤنث وتأنيث المذكر دون الإخلال بقواعد اللغة أو الاستنقاص من شأن وقيمة المخاطب. لفت انتباهنا عند تصفح بعض الجرائد الإيرانية من قبيل الشوق لمطالعة الصحف بعد أن أعيانا البحث عن الصحف الايرانية الصادرة باللغة العربية في الأكشاك.. لفت انتباهنا أن مواعيد الصلاة ليست مطابقة في العدد لمواعيد الصلاة لدينا. وباستفسارنا أفادنا المرافق أن آذان الظهر هو إشارة للقيام بصلاة الظهر والعصر الى حين موعد صلاة المغرب ونفس الشيء بالنسبة لآذان صلاة المغرب أي أن المسلم حسب منطق الشيعة بإمكانه أداء صلاة الظهر والعصر من آذان الظهر الى آذان المغرب وبإمكانه أيضا أداء صلاة المغرب والعشاء منذ آذان المغرب.. لذلك انحسرت مواعيد آذان الصلاة وتقلص عددها. سعدنا بالحفاوة والإحاطة والترحاب التي خصنا بها الأشقاء في طهران. فقد وضعت على ذمتنا حافلة صغيرة لتسهيل تنقلاتنا وتم تمتيعنا بخدمات فندقية ممتازة لكننا كنا في حاجة أيضا الى الانغماس في عمق الشارع الايراني والى الجلوس في المقاهي... إلى ركوب سيارات الأجرة وممارسة رياضة المشي آخر الليل..