مرة أخرى اختارت «النهضة» مراوغة الرأي العام. فعكس جميع التسريبات التي ذهبت إلى ان الإختيار سيكون محصورا بين نورالدين البحيري ومحمد بن سالم، شكل اختيار «علي لعريض» رئيسا للحكومة القادمة نوعا من المفاجئة لا فقط في الأوساط السياسية بل حتى لدى أغلب التونسيين. لكن ما الذي حدث داخل مجلس الشورى وأعاد خلط الأوراق من جديد ورشح الكفة لصالح «علي لعريض» في آخر لحظة؟ مصادر من داخل مجلس الشورى كشفت ل»التونسية» ان اختيار «علي لعريض»لم يكن مطروحا بقوة بل ان الترشيح كان في اتجاه نورالدين البحيري كرئيس للحكومة القادمة، لكن يبدو أن عديد التحفظات الواردة من هنا وهناك أعادت خلط الأوراق من جديد، فمن جهة هناك رفض من القصر الرئاسي ومن جهة أخرى اختيار «البحيري» في مثل هذا التوقيت محفوف بالمخاطر وقد يفتح باب الانتقادات على مصراعيه، وهو ما لا ترغب فيه الحركة في الوقت الراهن، وبالتالي كان لا بد من البحث عن شخصية وفاقية، خاصة أن القضية لم تعد قضية أشخاص وانما ما تقتضيه المرحلة القادمة؟وماذا تريد الحركة في هذا الوقت؟ . وحسب المعلومات التي بحوزتنا فإنّ النّقاش الذي دار داخل المجلس ذهب إلى ان ترشيح «البحيري» محفوف بالمخاطر وقد يفتح ابواب الجدل على مصراعيها اما «محمد بن سالم» فقد خيرت الحركة ترشيحه للمرحلة القادمة ربما في مهام أخرى لم يكشف عنها. وفي تساؤلنا عن سرّ إختيار علي لعريض و لماذا وزير الداخلية تحديدا رغم تنامي الحديث عن صعوبة تفريط «النهضة» في وزارة الداخلية أكدت مصادرنا أن اختيار «علي لعريض» كان بالعودة إلى ماحظي به الرجل من إحترام وتقدير. كما أنه سبق ولقب ب«رجل الدولة» وهو تقريبا الشخصية الوحيدة من داخل الحركة الأكثر «رصانة» وهدوءا ومن السهل ان يكون محل توافق واجماع وبالتالي لن يطرح ترشيحه لرئاسة الحكومة أية اشكاليات ربما خلافا للأسماء الأخرى التي تم تسريبها في وقت سابق . ويبدو أن «علي لعريض» حظي بنسبة مرضية جدا من أصوات الحاضرين داخل مجلس الشورى والذين فاق عددهم مائة شخص وقد تحفظت مصادرنا عن ذكر العدد بدقة. حضور «حمادي الجبالي» رئيس الحكومة المستقيل والذي جاء إلى المجلس في حدود الساعة العاشرة ليلا كان النقطة التي لفتت انتباه الحاضرين ويبدو أنه حظي بترحاب خاص من قبل أغلب الحاضرين خصوصا من زعيم الحركة «راشد الغنوشي» وقد تكون رسالة للرأي العام مفادها ان وجهات النظر داخل الحركة ولئن تباينت فالعلاقات متينة وربما أفضل ممّا سبق . وخلافا لما راج بأن الشيخ «عبد الفتاح مورو» لم يحضر فقد أكدت مصادرنا أن «مورو» حضر أشغال مجلس الشورى التي تواصلت إلى ساعة متأخرة من الليل وأضافت مصادرنا أن عبد الفتاح مورو صعد الى المنصة وكانت له كلمة الختام تلا خلالها مجموعة من الأدعية وودّع الحضور.